القمع ثم القمع هي إجابة النظام السوداني الوحيد على الثورة المشتعلة في أراضيه منذ ال16 من يونيو الماضي ضد غلاء المعيشة وسوء الظروف الحياتية، ما تطور إلى مطالب بإسقاط نظام البشير الذي يسيطر على البلاد منذ أكثر من عقدين. ومثلما كانت وما زالت أيام الجمع بالثورات العربية أياما مميزة يرتقي فيها الضحايا من المتظاهرين سلالم البطولة سواء بالاستشهاد أو بالإصابة أو بالاعتقال، فإن الشقيق الجنوبي لم يختلف؛ حيث قام الأمن السوداني بالتعامل بقسوة مع مظاهرات جمعة "الكنداكة" -تيمنا باسم ملكة سودانية من العصور القديمة- التي جرت أول من أمس واعتقلت أكثر من 30 محتج، والذين التقطتهم سيارات الشرطة وسط سحب الغاز المسيل للدموع وضرب الهروات والعصي.
"الشعب يريد إسقاط النظام" و "ارحل"، وغيرها من الهتافات حلقت في سموات المساجد السودانية أمس ، بينما على الأرض كانت القنابل من نصيب المصلين المحتجين لدى خروجهم كعادة كل يوم جمعة منذ بدء الاحتجاجات، وكان أبرز المظاهرات تلك التي انطلقت من مسجد السيد عبد الرحمن بحي ودنوباوي بأم درمان، وسط تطويق سيارات الأمن للمسجد من عدة جهات مطلقين عشرات القنابل المدمعة ما أدى لإصابة العشرات بحالات اختناق وإغماء وسط كبار السن والنساء والأطفال.
اعتقال المسئولين البارزين بالمعارضة استمر حتى الأمس؛ ربما لاعتقاد النظام أن إبعاد قيادات الاحتجاج قد يشل من تحتهم من جماهير، حيث أعلن حزب المؤتمر السوداني المعارض أن أفرادا من الأمن اعتقلوا حاتم الميرغني رئيس فرع الحزب بمدينة أم روابة -شمالي كردفان-، وعددا من أنصار الحزب في المنطقة بعد خروجهم من أحد المساجد عقب أداء صلاة الجمعة.
في السياق نفسه قال الصادق المهدي -زعيم حزب الأمة القومي- مساء أول من أمس إن "العنف الذي تواجه به السلطات المظاهرات السلمية سيغرق البلاد في الدماء"، مؤكداً سعيه إلى ما وصفه ب"إجراء استباقي يحقق نتائج التغيير على غرار الربيع العربي دون عنف أو إراقة دماء".