من حق المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، أن ينزعج من الهجوم الذى يناله القضاء. .. ومن حق المستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الأعلى، أن ينزعج أيضا من الهجوم على القضاء.
.. لكن من حق الشعب أن ينزعج مما يحدث من القضاء.. خصوصا بعد ثورته التى قامت ضد قوى الاستبداد والطغيان والفساد.
.. هذه الثورة العظيمة هى التى أوصلت المستشار حسام الغريانى إلى منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى.. وهو يعلم جيدا وزملاؤه فى القضاء أنه لم يكن أبدا ليصل بأى طريقة إلى ذلك المنصب، فى ظل حكم دولة الأمن، التى قادها مبارك وعصابته، نظرا إلى استقلالية المستشار حسام الغريانى، المحسوب على تيار الاستقلال فى القضاء، والذى كان أحد قيادات حركة القضاء عام 2005-2006.
.. وقد كان هناك أمل كبير فى أن يكون للمستشار الغريانى دور مهم فى تطهير القضاء، مما حمله النظام الفاسد من تبعات ومحاولات لإفساده من خلال التلاعب بالمناصب والمكافآت والانتدابات.. وأشياء أخرى يعرفها القضاة جيدا، كانت تجرى على يد السلطة التنفيذية وأجهزة دولة مبارك ووزراء عدله.
.. وقد قامت الثورة، واعتقد الناس أنها ثورة التغيير.. ليس بتغيير شخص مبارك واستبدال فاسد آخر به.. ولكن بتغيير فى جميع مؤسسات الدولة.. بما فى ذلك القضاء، الذى يعوّل الناس عليه كثيرا فى تلك العملية من خلال تحقيق دولة القانون والعدالة.
.. لكن الناس لم يجدوا شيئا فى ثورتهم حدث فى العدالة والقانون.
.. فلا يزال الفاسدون من رموز النظام السابق، الذين أفسدوا فى كل مجالات الحياة، وجميع مؤسسات الدولة، بما فيها القضاء -وعانى القضاء والقضاة منهم كثيرا- ما زالوا يرمحون فى المجتمع، ويعودون لتصدر المشهد.
.. ولا يزال رجال الأعمال الذين نهبوا أموال الدولة وأراضيها مطلقى السراح.. ويتمتعون بأموال العباد.. بل وصل بهم الفجور الآن إلى صرفها على البلطجية ومسجلى الخطر لدفعهم للاعتداء على الناس وترويعهم من أجل إجهاض الثورة.
.. ولا تزال الأموال المهربة فى الخارج كما هى.. تلك الأموال التى خرجت لصالح النظام المخلوع وعصابته ورجال أعماله وبرعايته.. لم تستطع دولة القانون أن تستعيد منه جنيها واحدا حتى الآن.
.. ولا تزال دماء الشهداء التى سقطت طاهرة على أرض مصر، من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. ومن أجل دولة القانون.. مهدرة حتى الآن.. ولم تصل العدالة إلى القتلة الذين رموهم بالغاز المسيل والخرطوش والرصاص الحى.
.. بل إن القتلة الأصليين ما زالوا مطلقى السراح.
.. فمن حق الشعب أن ينزعج للبراءات التى تصدرها المحاكم لقتلة المتظاهرين، بحجة عدم وجود أدلة.. وقد شاهد الجميع على شاشات التليفزيون رجال العادلى وعصابة مبارك وهم يقتلون المتظاهرين ببنادقهم، ويدوسونهم بالمدرعات.. وفى النهاية نقول إنه ليست هناك أدلة؟! أو إن الأدلة قد تم تخريبها؟!
ألم يكن من سلطات التحقيق أن تنتقل بنفسها إلى أماكن الأدلة.. وهى معروفة لهم، للحصول على الأدلة بنفسها؟!
.. فهناك أدلة لدى وزارة الداخلية بنفسها، وفى مكتب الوزير نفسه.. وهى الكاميرات التى تصور ميدان التحرير وغيره من المناطق فى القاهرة، وفيها الأفلام التى تسجل أحداث الثورة.
.. وأيضا الأفلام التى لدى جهاز المخابرات، والتى حصل عليها من كاميرات التليفزيون والمتحف المصرى ومجمع التحرير وسطح الجامعة الأمريكية، وكلها قد صورت الأحداث وبها أدلة واضحة على القتلة الأصليين والقناصة الذين أطلقوا رصاصهم على المتظاهرين.
لكن جهات التحقيق لم تذهب إلى تلك الأماكن للحصول على أدلتها، وهذا حقها القانونى.. وانتظرت تحريات جهاز الأمن المتواطئ، الذى قام بالقتل.. فكيف يقدم دليل الإدانة على نفسه؟!
.. وكان من حق المحاكم التصدى بنفسها للتحقيق فى ذلك، وهو ما يؤيده القانون.. إلا أنها أخذت بالسهل.. ونطقت بالبراءة للقاتلين. .. أليس من حق الشعب أن ينزعج من براءات القتلة..
.. أليس من حقه أن ينزعج من القضاء الذى اعتبره سيحقق له العدالة والقانون، وهو الذى وقف معه فى انتقاضته (انتفاضة القضاة)، ضد فساد واستبداد مبارك وعصابته وتدخله فى شؤون القضاة.
لكن المستشار أحمد الزند -الذى جاء به المستشار ممدوح مرعى «أحد الفاسدين فى عهد مبارك»، والذى لم تفتح التحقيقات فى بلاغات كثيرة ضده أمام النائب العام حتى الآن، للقضاء على حركة استقلال القضاء فى نادى القضاة، التى وقفت ضد استبداد مبارك وتزويره- لا ينزعج من ذلك.
.. يا سيادة المستشار الزند، من حق الشعب الذى أسقط مبارك.. أن يطالب بتطهير القضاء.
.. يا سيادة المستشار الزند.. إن القضاة يحكمون باسم الشعب.. والشعب يريد الآن تطهير الق