القتل بالامتناع! تهمة لا تطبق إلا فى حالات نادرة الحدوث مثل امتناع أم عن إرضاع طفلها، وتركه يموت أمام عينها دون أن تحاول إنقاذه، وهذه بالطبع جريمة لا يمكن حدوثها إلا فى قصة "أمنا الغول" وربما لم يتم إستخدام هذا النص القانونى من قبل!. إنها تهمة سياسية فى ساحة محكمة جنائية تعضد موقف مبارك والعادلى، وتجعل براءتهما فى النقض شبه مؤكدة فى حال عدم وجود حيثيات أخرى بخلاف التى أستند عليها القاضى أحمد رفعت فى حكمه أمس. فالمحكمة لم تجد أية أدلة تؤكد تورط الداخلية فى قتل المتظاهرين أو إستخدامها العنف أو إطلاق النار على أعين الثوار، ولم تطمئن لشهادة الشهود، ولم تعترف بانسحاب الشرطة فى مساء يوم 28 يناير من الشوارع والأقسام، ولم تعتبر اختفاء رجال الداخلية من الشوارع والأقسام جريمة يعاقب عليها القانون، وبالتالى أعطت المحكمة البراءة لكل مساعدى حبيب العادلى، الذين ربما يقومون بمقاضاة أهالى الشهداء والمصابين بتهمة البلاغ الكاذب وإتهامهم بتهم ثبت عدم صحتها وتعويضهم عن الفترة التى قد قضوها فى الحبس طوال الشهور الماضية! ببساطة المحكمة لم تجد أى شئ يدين الداخلية فى قضية قتل المتظاهرين، لكنها رغم ذلك أصدرت حكمها بالمؤبد على الرئيس المخلوع حسنى مبارك وحبيب العادلى لأنهما شاهدا عمليات قتل تحدث ولم يتدخلا بصفتهما فى منعها من الحدوث دون أن يكون لها دخل بجريمة القتل سواء بالاشتراك أو بالتحريض. فالحكم أكد عدم وجود أدلة على قتل الشرطة للمتظاهرين، وهو استمرار لمسلسل عدم وجود قناصة فى الداخلية علاوة على براءة 16 من المتهمين الرئيسين فى القضية قتل المتظاهرين خلال الشهور الماضية. وإذا كان محمد السنى أمين شرطة الزاوية الحمراء قد صدر ضده الحكم بالإعدام فى محكمة أول درجة إثر إدانته بالاشتراك في قتل 18 متظاهرا وإصابة 3 آخرين يوم 28 يناير، ثم حصل فى النقض على حكم بالسجن خمس سنوات فقط، فما بالنا بالرئيس المخلوع حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى اللذان لم يكونا موجودان فى ميدان التحرير فى موقعة الجمل، ولم يثبت لدى المحكمة أنهما أمرا أو حرضا أو اشتركا فى قتل المتظاهرين. أعتقد أن حبيب العادلى قال لرجاله بعد الجلسة "مبروك علينا البراءة يا رجالة"!.