دعا معهد «كارنيجي للسلام الدولي» إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتدخل من أجل الضغط علي النظام المصري للسماح بترشح المستقلين، بما في ذلك الدكتور محمد البرادعي - المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية - للرئاسة لضمان جدية الانتخابات المقبلة في ظل هشاشة الأحزاب المعارضة الحالية التي لن تكفي بضعة شهور لإعادة بنائها، وتحجيم النظام للإخوان المسلمين من خلال اعتقال عدد من قادتها وأعضائها. وأوضح التقرير أن انتخابات مجلسي الشعب والشوري القادمة والمقررة في يونيو ونوفمبر القادمين، والانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2011 لن يكون لها أي تأثير علي توزيع السلطة في مصر، فمن المتوقع أن يسيطر الحزب الوطني الديمقراطي بأغلبية ساحقة علي مجلسي الشعب والشوري علي حد سواء، ولن تحصل المعارضة إلا علي تمثيل ضئيل، بينما عملت الحكومة علي تحجيم مشاركة الإخوان المسلمين في الانتخابات من خلال قيامها بالقبض علي العديد من قادتها. وأضاف التقرير أن نتائج الانتخابات الرئاسية متوقعة مقدما ومحددة في أحد خيارين إما في ولاية جديدة للرئيس حسني مبارك، الذي يبدو مصمما علي ترشيح نفسه مرة أخري علي الرغم من الثمانية والعشرين عاما التي قضاها في السلطة وتقدمه في العمر، أما الخيار الثاني فيتمثل في انتخاب ابنه جمال كمرشح عن الحزب الوطني، مع قيام الأجهزة الأمنية بإحكام السيطرة علي الموقف من وراء الكواليس. وأكد التقرير أن توقع النتائج مسبقا يدل علي عدم إمكانية حدوث منافسة سياسية حقيقية نتيجة لاختفاء دور أحزاب المعارضة، مشيرا إلي أن المصريين غير راضين عن الوضع الراهن، وقد انعكست حالة عدم الرضي من خلال الأعداد المتزايدة من الإضرابات والمظاهرات، وأوضح التقرير أن مصر، علي المستوي السياسي، أصبحت مجتمعا أحادي الأبعاد، نظرا لخضوعها لسيطرة حزب واحد، حيث لا يوجد بديل حقيقي للنظام الحالي الحاكم. كما دعا التقرير الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمجتمع الدولي للتدخل لإرساء الديمقراطية في مصر،خاصة في ظل إغلاق الفضاء السياسي في مصر والقمع المباشر الذي تمارسه الأجهزة الأمنية ليس فقط ضد جماعة الإخوان المسلمين، بل أيضا ضد المعارضين الليبراليين، مشيرا إلي أن إدارة أوباما لا ينبغي أن تلتزم الصمت في ضوء تزايد خنق النشاط السياسي في مصر، وإنما يجب أن تفعل الكثير لتغيير هذا الوضع من الناحية العملية، بما في ذلك الضغط علي النظام، وتقديم المساعدة لجعل العملية الانتخابية أكثر صدقا والمساعدة علي إرسال مراقبين للانتخابات المحلية ونشر مراقبين دوليين. وإن كان من غير المحتمل أن تتمكن كل هذه الإجراءات في إحداث فرق في ظل أن الأحزاب الليبرالية واليسارية في حالة احتضار، وجماعة الإخوان المسلمين منقسمة انقساما عميقا والعديد من كبار زعمائها في السجن، ولكن عدم تدخل إدارة أوباما يوجه رسالة مفادها أن الولاياتالمتحدة تقبل مهزلة للديمقراطية التي ستمثلها الدورة الانتخابية المقبلة. ورصد التقرير أن الموسم الانتخابي الجديد سيبدأ من دون معارضة منظمة قادرة علي البقاء، إلا أن الأصوات المعارضة الوحيدة في البلاد أصبحت متمثلة في الصحف المستقلة والقنوات التليفزيونية الخاصة التي تبث برامج تذكي المناقشات السياسية، بالإضافة إلي حركات الاحتجاج التي تنشأ عبر شبكة الإنترنت من خلال المدونين. كما أرجع التقرير الموجة المفاجئة من التأييد للدكتور البرادعي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة إلي انعدام الثقة في المعارضة الرسمية، ودعا التقرير إدارة أوباما إلي أن تفعل شيئا لضمان جدية الانتخابات المقبلة، وفي الوقت الذي يمكن فيه بناء الأحزاب السياسية الراهنة في غضون بضعة أشهر قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، فعليها ممارسة ضغط قوي علي الرئيس مبارك للسماح لبعض المستقلين بالترشح للرئاسة.