محافظ القليوبية يستكمل إجراءات إنشاء مصنع لتدوير القمامة وتحويلها إلى كهرباء    الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة    اليمن يدين تصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى" ويؤكد دعمه الثابت لفلسطين    روما يرصد 20 مليون إسترليني لضم سانشو من مانشستر يونايتد    تشكيل بيراميدز والإسماعيلي في الجولة الثانية من الدوري    الداخلية تضبط مشاركين فى موكب زفاف يستعرضون بالأسلحة البيضاء    كريم محمود عبد العزيز ينفى شائعة انفصاله عن زوجته    أمين الفتوى بقناة الناس: الالتزام بقواعد المرور واجب شرعى وقانونى لحفظ النفس والآخرين    دمشق تشيد بتقرير لجنة التحقيق الأممية حول أحداث الساحل وتتعهد بدمج توصياته في مسار العدالة والإصلاح    بدر عبدالعاطي يلتقي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    بحد أدنى 225 درجة، اعتماد المرحلة الثانية من القبول بالثانوي العام بالوادي الجديد    رسميا انطلاق نظام البكالوريا المصرية الجديد بعد تصديق السيسي على قانون التعليم - التفاصيل كاملة    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    بيروت التونسى وباريس السعودى فى عشية سمك طيبة بالمرسى.. خواطر ذاتية حول روايتى «فى انتظار خبر إن» و«رجل للشتاء»    24 أغسطس.. بيت السناري يفتح أبوابه لمعرض وفعاليات المدينة كذاكرة على الشاشة    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    في زيارة مفاجئة.."َوكيل صحة شمال سيناء" يتفقد مستشفيات الحسنة والشيخ زويد .. أعرف التفاصيل (صور)    الجريدة الرسمية تنشر 6 قرارات جديدة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي    تأهل 4 لاعبات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    الأهلي يتفادى أزمة القمة ويطلب حكام أجانب أمام بيراميدز    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    خطة وزارة الاتصالات لتطوير بناء أبراج المحمول خلال النصف الثاني من 2025    السكة الحديد: تخفيض مؤقت لسرعات القطارات لهذا السبب    المشدد 3 سنوات لعاطل بتهمة حيازة سلاح في المنيا    الشركة القابضة لكهرباء مصر تعلن عن وظائف شاغرة للمهندسين في عدة تخصصات    الشائعات والأكاذيب    بيان مشترك لوزيري الخارجية والري يؤكد رفض الإجراءات الأحادية بحوض النيل الشرقي    وزير الثقافة في لقاء حواري مع فتيات «أهل مصر» | صور    مسلسل 220 يوم الحلقة 8.. صدمة كريم فهمي وصبا مبارك بعد زيارة والدها    مميزات برنامج Pharm‐D الصيدلة الإكلينيكية بجامعة الجلالة    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    عالم أزهري: ملابس الفتاة لا تبرر التحرش وحادث الواحات جرس إنذار    كوريا الشمالية تحذر إسرائيل من احتلال غزة وتطالبها بالانسحاب فورا    5 طرق ذكية لتبريد منزلك في الصيف بدون تكييف    وزارة الإسكان توافق على تشكيل مجلس أمناء مدينة أسوان الجديدة    السبت.. عرض أولى حلقات حكاية "بتوقيت 28" على dmc    ريبيرو يرفض مشاركة هذا الثنائي ومفاجأة تخص مستقبله    تسليم لجان امتحانات الدور الثاني بالثانوية العامة لرؤسائها استعدادًا لانطلاقها السبت    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    طريقة عمل الكيكة العادية فى البيت بمكونات اقتصادية    مستشفى صحة المرأة بجامعة أسيوط تنظم برنامجا تدريبيا عن معايير GAHAR للسلامة    علشان يسرق فلوسه.. قليوبي ينهي حياة جاره المسن داخل منزله    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    «عيب يا كابتن».. هاني رمزي يرفض دفاع جمال عبدالحميد عن جماهير الزمالك في أزمة زيزو    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    تعيين «رسلان» نائبًا للأمين العام وأمين التنظيم المركزي بحزب الجبهة الوطنية    الداخلية تضبط لصوص الهواتف المحمولة والمنازل    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.حمزة موسى يكتب: من أسباب تأخر النصر على طاغوت الشام ! و كيف تنتصر الثورة السورية ؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 19 - 05 - 2012

الوضع السورى كوضع فريد من نوعة ينفرد أيضا بالخصوصية البشرية الاجتماعية و النفسية ، مما لا شك فيه أن الوضع السورى منذ بداية الثورة كانت خصوصية شرارات الثورة تنتقل من منطقة إلى أخرى رغما عن الجميع ممن اراد الخلاص من الطاغية إرث أبيه و الحرية و الانعتاق من الاضطهاد و العبودية أو من جبن و خاف و أستكان حاول ان يقنع نفسه ان المواجهة تعنى الموت .

التركيبة الاجتماعية النفسية للشعب السورى بالداخل تختلف عن المعارضة السورية بالخارج . فمعارضة المنافى طباعها تختلف عن الداخل السورى الذى يتباين أكثر حده من منطقة إلى أخرى ...

التركيبة النفسية التى قهرها النظام الاسدى فى صفوف السوريين و مرورهم بتجارب متنوعه من القهر و العنف و المذابح البشعه ،صنعت لنا طبيعة نفسية غريبة ، ضعيفة مترددة و عاجزة بدأت تتغير الآن تحت وطأة الظروف العنيفة التى تولد بها سوريا من جديد .

هذه الطبيعة النفسية هى سبب تأخر النصر و سبب عام ايضا لماذا يسهل التلاعب بالسوريين و سهل مماطلتهم طوال هذه الفترة و يسهل الاختراق الاعلامى لهم عن طريق إستغلال الطبيعة النفسية الهشة التى كونها النظام .

كنت قد عزمت عن أن أكتب هذا المقال تحت عنوان مختلف منذ اكثر من 8 أشهر فى محاولة لإيضاح لمن بالخارج طبيعة النفس السورية التى تتفاعل مع الاحداث ... و لكنى خشيت ان يستغل أحدهم هذا التحليل فى فرض سيطرة نفسية أكثر من ما فرض على السوريين ( الخارجيين ) بمعارضة الخارج .... فأجلت المقال ...

الخلفية الادبية للحدث بدأت تتغير و بدأ الكثير من السوريين بالداخل ممن تحت القصف و حمل السلاح للمقاومة ضد قوات الطاغية , يعودون إلى أصول الفطرة النفسية .... و إن لم يسهل التخلص من الطباع التى فرضها الواقع .....

العامل النفسى فى الانتصار بأى معركة عامل خطير ، فلن ينتصر من لا يؤمن بالانتصار و يشوب نفسه شئ من الخوف و الجبن و التردد ضعف الثقة بالنفسة و الآخر ، لن ينتصر من يبرر الانتصارات بل يتجاوزها لتبرير التصرفات الاخلاقية للنظام ..... و لن ينتصر من لا ينفك يعلن عن ضعفه و عجزة بتبرير الضعف و الحجز و اسقاط عجزة و ضعفه على الآخرين سواءا أعداءه او اصدقاءه ......

ما هى هذه العوامل التى تتسبب بمماطلة و تأخير انتصار الثورة السورية ؟

أزمة الثقة و التخوين :
لعشرات السنين كان النظام السورى كنظام القذافى يتميز بقلب الناس ضد بعضها لنسمع ( أن نفس مواطنى سوريا مخبرين على النصف الآخر ) نفس ما كنت تسمعه فى ليبيا القذافى و غيرها . الثقة فى الطرف الآخر المشارك ،غالبا شبه معدومة أو معدمة بسبب العوامل النفسية التى رسبها النظام فى النفوس .... سواءا بالداخل او بالخارج .

تخوين كل طرف فى الطرف الآخر حول السوريين بدءا بالمعارضة السورية بالخارج الى زرافات و جماعات تتصارع حتى بداخل الجماعات المغلقة كالإخوان السوريين .

من الطبيعى بعد القهر النفسى الذى مروا به بداخل سوريا لهذه الفترة الطويلة بل مطاردة النظام لمن فر من المعارضة بالخارج فى الدول التى إلتجئوا إليها أن تحدث أزمة ثقة تنتقل فى اوقات الحراك إلى ازمة تخوين .

فالسورى يقابل السورى ( مع عدم التعميم ) و هو يفترض اجندة خفية فى محادثة السورى ..... فيتجاوز أبعد من إلتزام الحذر إلى الشك ، ثم تفسير التصرفات و الإيماءات و الاحداث ممحورا كل هذا على عدم الثقة لتتحول الى تخوين فيتحول فى برهة إلى بوق تخوين ضد الطرف الآخر .....

أزمة الثقة و التخوين ، كعلامة لعدم النضج السياسى ايضا هى علامة عن طول المسافة و بعد الشقة لإصلاح الاثار النفسية المدمرة التى سببها نظام الاسد داخل النفوس .

ازمة الثقة قبل ان تكون أزمة ثقة فى الطرف الآخر هى علامة ضعف نفسى تبدأ بضعف الثقة بالنفس عن التعامل مع كل الاطراف لتنتهى بالخوف من مواجهة هذا الطرف الآخر .

الانبهار :
السوريون شعب بسيط يسهل إبهارهم , ببعض الألاعيب السياسية التى إستنزفتهم و التصريحات الإعلامية .... و مع مرور الوقت بدأت هذا العيب الخطير بالتلاشى خصوصا مع استمرار المذابح و سقوط الاقنعه مما أضاف حالة شرسة من الشك بالاشخاص و عدم التيقن فى النوايا و حل محل الانبهار إحساس بالريبة و المماطلة .

الانبهار يتحول مع تجارب المماطلة إلى ملل و يأس و إحباط ..... هذه الثغرة النفسية تصلح بالداخل الآن ..... تحت القصف و الدماء و لكن هل تنصلح بالخارج ؟

التنظير :
لو سنحت الظروف لنحصى النظريات التى خرجت من رحم الثورة السورية فى جميع مراحلها و جميع اتجاهاتها كنظريات إعلامية و نظريات حربية و عسكرية و غيرها ستكون بالاف النظريات عن الثورة السورية و سيتجاوز عدد المنظرين المتحدثين المفوهين عدد المقاتلين المقاومين على الارض بمئات الالاف .........

تشمل معظم هذه النظريات تفسيرات و تحليلات تعتمد على مبدئ التبرير و التعذير و تتحرك من منطلق ضعف الشارع ووحشية النظام، و الانبهار بسلمية الثورات الاخرى المصرية التونسية و لا تنفك تقارن ايضا لتبرر قبل أن تفسر اسباب القصور و العجز بالداخل السورى .

المفاضلة و المقارنه :
من النادر ان أتقابل مع سورى بالمعارضة او هارب حديثا للخارج الا و يتكلم او يتحدث بمفاضلة و مقارنة عن الثورات العربية " نحن الاكثر دموية " .... ثم فى اقل من لحظات يبدأ مفاضلة شرسة بين المدن السورية التى تحركت و التى لم تتحرك ... ( حلب لم تتحرك مثل درعا و حماه و حمص ) ، أو ما شهدناه فى " قريتنا " لم تشهده القرى الأخرى . ( لم ير تعذيبنا أحد من العالمين )

الآفة النفسية فى المفاضلة و المقارنه ، هى أحد عوامل تفتيت المعارضة السورية بالخارج خصوصا النزاعات و المشاحنات بين الاخوان المسلمين انفسهم بسبب إنتماءات المفاضلة و المقارنه .

المفاضل و المقارن لا يتعلم من غيره و لن يتعلم من غيره و لن ينتصر فى معركة أو يهزم عدوا أو حتى يواجه عدوا او يتيقن من النصر , فهو ايضا يفاضل بين ركنه و أركان عدوه و يبدأ بالتبرير و التعذير .

المفاضل و المقارن ما هو إلى معذر مبرر فهو يفسر كل شئ بتبريرات تحاول ان تسد فجوات مقارنته السطحية الساذجة ليحاول أن يعيد التوازن النفسى لمعلوماته الغير مكتملة و طبيعته النفسية المهزوزة .

المفاضله السورية هى احد اخطر العوامل النفسية التى تصل الى المفاضلة بين العائلات و العشائر و أعداد الشهداء من هذه القرية و تلك القرية ... او المدينة التى تحركت أو المدينة التى ضحت أكثر .

المفاضلة هى ما سيتسبب بتقسيم سوريا إلى دويلات و قرى و نجوع و طوائف و مدنى و فيدراليات و عشائر .....

المفاضل هو متبجح ضعيف الشخصية يتفاضل و يقارن بما لا يملك و ما لا يتحكم او يسيطر عليه ...... و هذه أحد اسباب تأخر النصر ...

الانطباعات المسبقة :
تدهشنى الانطباعات السطحية المسبقة ،عن تحليل الأوضاع سواءا الخاصة بسوريا ام بغيرها ... و تفسير ذلك ببساطة أن معظم من يؤمن و يتحرك بهذه الانطباعات لم يكن يوما من الايام الا مسيرا فلم يهتم حتى بأخبار العالم ... ليعرف ماذا يحدث ....

الانطباعات المسبقة لا ترتبط بحقيقة الاحداث التى يحاول البعض ربط الانطباع السطحى الساذج بها و هو قد إقتبسه من غيره .... ربما لان الانطباعات المسبقة التى يستقوها من أشخاص غيرها تكفيهم ان لا يرهق دماغة بالتحليل .... فيريحه هذا الانطباع ليبدأ نشره .... يحدث هذا معظم الوقت بين الشباب السوريين معظم الانطباعات المسبقة عن الثورات العربية و الثورة السورية و الجيش السورى الحر تتشارك كلها أنها ساذجة و ضعيفة و سطحية ربما هذا راجع لعدم الممارسة الاخبارية و سهولة هضم المعلومات الممضوغة بالتلقى بدون أن يعملوا عقولهم فى الحدث .

الخوف من المواجهه :
طبيعة معظم من واجهت من السوريين خصوصا سوري الخارج تختلف من منطقة إلى أخرى و من خلفية سياسية إلى أخرى ، و يختلفون أيضا عن الداخل ، الخوف من المواجهة يعتبر عامل نفسى عام فى معظم سوريى الخارج خصوصا المعارضة السورية الخارجية ، و بعض رواد الداخل و لكنه يتلافى تدريجيا مع كل مستويات النزاع و المناطق ...

المقاتلون و الذين مروا بمعارك حقيقية بالداخل تخلصوا من هذا العامل النفسى القاتل ... و لكن غيرهم ممن عاش بإعتباره مقهورا ضعيفا ينظر إلى الاسد و النظام على أنها ثوابت إلهية و إن لم يقر بهذا يؤمن داخليا بإستحالة المواجهة و الانتصار مع هذا النظام ..... و يبدأ بالتعذير و التبرير لنفسه.

الخوف من المواجهة ، هى طبيعة تكونت و تشكلت فى الشخصية السورية لعشرات السنين تحت هذا الحكم الطاغى الطائفى بمئات المذابح و المجازر المعلنة و الغير معلنه . و تكون أكثر ما تكون فى المعارضة السورية التى تكونت و تشكلت ( رغما عنها ) بالمنافى .

مسئولية المواجهة و ما بعدها تتشكل و و تتكون الآن فى صفوف المقاتلين لقوات النظام بالداخل .

السلمية و الاستكانة و القنوع بالظلم :
الارتكان للسلم و السلامة و التسليم و الاستقرار المكبوت = الحنين إلى الماضى :
الحنين إلى الماضى قبل الثورة .... ( بشكل أو بآخر الثورة السورية دفعتها و شكلتها احداث دموية بدأت بدرعا ) و كما قال احد المعارضين السوريين بالخارج " لو علم السوريون كل هذه الدماء ستسيل بعد 15 مارس لثار البعض ضد الثورة ) .

الرضى بالحلول الوسط :
الحلول النهائية و الكبيرة تتطلب مسئولية على مستوى الحدث لمتابعة و تأمين الحلول ... الخوف من المسئولية و تبعاتها أيضا هو ما يميز الكثير من السوريين بالخارج ... الرضى بالحلول الوسط لمحاولة العودة الى سابق العهد ...

الرضى بالحلول الوسط هو مخرج لمن يؤمن لنفسه بالضعف و يرتكن للعجز ، و محاولة لتبرير ضعف الاداء و سذاجة المواقف و هون النفس .

لطالما كان من يرضى بالحلول الوسط ليس قائدا حقيقيا بل مجرد مفعول به حدث ان وضعته الظروف فى هذا المنصب ...ليست المشكلة فى هذا القائد بل فى من ينتظرون منه أيضا الحلول الوسط و يبرروها له ..

الحلول الوسط هى النتيجة الحتمية للضعف و التبرير و العجز و التقليد و المقارنة ......فأقصى ما يحاولون الوصول له فى محاولة لتغطية و تبرير الضعف و العجز ، بدءا بمحاولة تقليد النماذج من الثوارت الاخرى او الاحداث الاخرى و المفاضلة و المقارنة بين المفعول به و المفعول به و بين الفاعل و المفعول به من منطلق الضعف و الخور ..... هى محاولة لصنع غلاف للاستقرار للموازنة و تحقيق المكاسب ....... ليتوقفوا عن حرب لم يسعوا ليكونوا طرفا فيها ..... فهم ( يسألون الله العافية و السلامة ) .

طبيعة لا تقبل و فوق النقد :
الحديث الى العديد من السوريين ( مع عدم التعميم طبعا ) خصوصا المعارضة السورية بالخارج , يدفع الى انطباع انهم فوق النقد و يبرر لهم العديد من الساسة الغير سوريين أنهم لا يجوز نقدهم فى هذه الحالة و هذا الوضع و أثناء الثورة فى مواقفهم السياسية و غيرها .

هذه الطبيعة التى لا تقبل النقد تتخذ موقفا دفاعيا تبريرا فى محاولة لتحويل الاتجاه كأنما ينفون عن أنفسهم تهمة ما أو يبررون موقفا ( إضطروا ) لإتخاذه رغما عن أراداتهم الحرة .... و إسقاط التهم بدءا بالعجز و القصور على أطراف أخرى أن لم يسهل أسقاطها على الطرف المعتدى المضاد .

الطبيعة الفوق النقدية و التى لا تقبل النقد لا يجدى فيها التقويم مع الزمن . أو الإصلاح ... و سيندفعون لارتكاب نفس الاخطاء بنفس التبريرات أو تبريرات مبدعة مختلقة مختلفة فى محاولة لتبرير روتينية تكرار نفس المواقف بنفس الاخطاء و إيجاد الاعذار لما ينتج عنها من مشاكل أو كوارث ...

الطبيعة الفوق نقدية هى طبيعة ترسبت فى ظل حكم تعسفى ناتج عن النفى و الدافعية لتبرير فقدان الارادة و إرتكاب الاخطاء للطرف المسيطر او الطرف المحاور .... و هى طبيعة لا تقبل الاتهام أيضا ... تحولت ألى طبيعة تقترب من مرحلة التأليه أنهم فوق النقد و لا يجوز نقدهم فكريا او سياسيا ....

التبرير :
تبرير العجز أو المذابح قد يتمادى به البعض ايضا الى تبرير مذابح النظام .... هذا التبرير هو غالبا غطاء نفسى ليحاول المبرر إقناع نفسه انه فعل أقصى ما يمكن فعله و عاجز عن تقديم المزيد ..... المقاتل الحقيقى و الذى يواجه الرصاص فعلا لا يبرر هزائمه ...

التبرير هو إسقاط نفسى لتبرير العجز و الفشل و القصور الشخصى قبل محاولة تمرير هذا القصور و العجز للثورة نفسها و الثوار فى الداخل و الجيش السورى الحر .

التبرير و اسقاط العجز او اسقاط المواقف و التصرف . ليس فقط قصورا و ضعفا فى الشخصية و إنما يندرج أيضا تحت سياسة التحقيق و نشر ثقافة المعتقلات بين المواطنين السوريين داخل سوريا و خارجها .

التقليد :
تقليد الثورة المصرية و محاولة الارتكان إلى سلميتها المزعومة و تسويقها للداخل المغدور كلف سوريا عشرات الآلاف من الشهداء و المصابين ،حتى دخول قوات الليبيون الاحرار طرابلس ، فى نفس ذات الأسبوع تشكل المجلس الوطنى السورى , و كانت جمعة الحظر الجوى التى تطالب بدخول الناتو ...... ظانين الحل فى ليبيا بإسقاط القذافى كان بيد الناتو لا بأشلاء الليبين الذى كانو يواجهون النظام بمعارك عنيفه شرسة .

التقليد يعنى نقل النموذج سواءا من يحرك المعارضة التى تصنع القرار و تحاول توجيه الثورة السورية يريد نقل نموذج ما ، فانه يعنى شيئا واحدا للمبررين المعذرين الا وهو انه لا توجد فى أذهانهم خطط حقيقية لاسقاط الأسد ....

الميل للتقليد ايضا يجعل معظم من يقابلك ايضا يستشهد بسلمية الثورة المصرية و نزاهة الانتخابات بها و يحاول ان يقنعك ان بمصر الامن مستت و ان البرلمان هو صاحب السلطة الكاملة و الآمر الناهى للحاكم العسكرى فى مصر . يجعل من ثورة مصر ثورة وردية ياسامينية بشهداء محمد محمود و ماسبيرو و مجلس الوزراء و غيرها ....

سهولة تصديق و نشر الاشاعات :
الاشاعات تتمرر عبر الالسنة و من قبلها العقول الى عقول آخرى كحقائق لا تقبل الجدال و النقاش , السبب فى تصديق الاشاعات بل تحسينها و تمريرها ليس بغرض إيذاء الطرف المستهدف بهذه الاشاعة او تحقيق مكاسب سياسية مبنية عليها بل الطبيعة النفسية التى قهر فيها السوريون لعشرات السنين تدفعم لتصديق اى شئ

الخوف :
الخوف من كل شئ ، بداية الخوف من الانتصار و رحيل بشار الاسد و إنتهاءا بالخوف من ان يزداد النظام و حشية و دموية أو أن يستقر النظام على اشلاء السوريين .... قال لى صديق فلسطينى عاش فى سوريا : " معظم السوريون مروا بتجربة نفسية و إجتماعية عنيفة ، إذا لم يجدوا سببا للخوف فإنهم سيبحثون عن سبب ليبرر لهم وجود الخوف " .

التردد و مسئولية القرارات :
يتحكم بإتخاذ القرارت كل ما سبق من عوامل نفسيا ، و يزيد عليها التردد لا ينتج عن ضعف او تذبذب بالمواقف و القرارت بل أيضا الخوف من مسئولية اتخاذ القرار و تبعاتها .... و مماطلته قدر الامكان لحساب المواقف و ردود الافعال ... مماطلة المواقف و كسب الوقت لتوفير مساحة لتنتهى المشكلة بمرور الوقت ..... و الذى يبدو أنها قد اصبحت عادة عند الكثيرين خصوصا فى المعارضة السورية بالخارج و فى صفوف الاسلاميين منهم .

قد يقول البعض انه يجب ان يعذر السوريين و يجب ان لا ينقدوا فهم يخوضون حربا ضد نظام طاغية عنيف , و لكن اليس من الاولى ان ير أولا ان احد اسباب المماطلة و الهزيمة فى هذه الحرب و الثورة هى التشويه النفسى على مر العقود و السنين فى هذا الشعب الطيب البسيط ؟

هذه الطبيعة النفسية التى ذكرت بعض ملامحها ، معللا السبب فى تأخر الانتصار للثورة السورية .... بدأت تتلاشى فى من رفع السلاح وواجه الطاغية ..... فالحرب الحقيقية فى سوريا و من يخوض غمارها حقيقة حول الكثير من سوريا الداخل الى الفطرة السليمة مره أخرى ...

هذه الصفات من مفاضلة و مقارنة و خوف و عجز و تبرير و تقليد ..... أبعد ما يكون عن قيادة حقيقية لتقود سوريا ليس الآن فقط بل حتى فيما بعد بشار الاسد ..... العودة إلى الفطرة و منابعها النفسية هى ما بدأ يحدث الآن و لكنه ليس فى المعارضة المفندقة بالخارج بدءا بالاخوان المسلمين السوريين فهم أكثر من عانى و يعانى من هذه السقطات النفسية . بل فى الشعب السورى بالداخل ....

بداية الانتصار الحقيقى على طاغية الشام تبدأ بالتجرد النفسى من كل هذه العوامل النفسية التى ترسبت و تفاعلت فى النفس السورية طوال هذه الفترة الطويلة لتحاول ان تخرج لنا نفوسا حقيقية مؤهلة لتحقيق النصر .......

حتى تنتصر الثورة السورية يجب أن يؤمن عناصرها انهم يجب ان يولدوا من جديد و يتخلصوا من الجبن و الضعف و الخور و التبرير و القنوع بالعجز و المفاضلة و المقارنه و يقنعوا انهم فى وضع اختبار و أمتحان و تتغير الطباع و الطبائع حتى يتحقق النصر ....

حتى يتحقق النصر يجب أن يؤمن السوريين أنهم يستطيعوا تحقيقه و يحققوه على عوامل العجز و القصور و ثغرات الخوف و ضعف التوجيه و التبرير بداخلهم أولا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.