رغم تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من تعرض البلاد لحالة من عدم الاستقرار في الأحوال الجوية نتيجة تأثرها بمنخفض جوي مصحوب برياح قادمة من القارة الأوروبية، وهو ما أدي إلي هطول أمطار غزيرة أمس الأول علي جميع محافظات مصر، فإن الحكومة لم تحرك ساكناً، ولم تقم بأي استعدادات لمواجهة هذه الأمطار. الأمطار الغزيرة التي أصابت الحياة في مصر بالشلل يوم الثلاثاء الماضي فتحت ملفات عديدة بحسب المتخصصين أدت إلي تفاقم المشكلة من عام لآخر نتيجة ضعف الأداء الحكومي علي جميع المستويات، وانحصرت تفسيرات المصادر في نقاط محددة أولها الإهمال من جانب الأجهزة التنفيذية في التصدي لهذه الظاهرة، فضلاً عن بطء الإجراءات نتيجة سيطرة المركزية علي مجمل النشاط الحكومي في حين طرح آخرون ملف غياب التكنولوجيا المتطورة، والمنوط بها وضع حلول سريعة لأزمات تتكرر باستمرار في ظل العشوائية المسيطرة علي فعاليات وأداء الحكومة. من جانبه شدد «حسب الله الكفراوي» وزير الإسكان الأسبق علي ضرورة قيام المجالس المحلية بالمحافظات بفتح الفتحات التي تستقبل مياه الأمطار وتجهزها، وهو ما لم يحدث. وتساءل: لماذا لم تأخذ محافظة القاهرة مثلاً استعداداتها خاصة أنها تعلن عقب كل أزمة من هذا النوع أنها ستعد هذه الفتحات للسيطرة علي مياه الأمطار قبل أن تتسبب في كوارث. في حين يقول الدكتور «محمد الراعي» خبير المناخ وعميد معهد الدراسات البيئية الأسبق بجامعة الإسكندرية للأسف في ظل اللامركزية لا أحد يتحرك إلا بتعليمات من فوق، وهذا لا يصلح في عالم سريع يستند إلي العلوم والتكنولوجيا، ولكن للأسف الحكومة ليس لها توجه للعلم أو التكنولوجيا، وهو الأمر الذي أصبح بالنسبة لمصر حياة أو موتاً. ويضيف «الراعي»: لا توجد لدينا أنظمة مؤسسية للرصد والمتابعة ولا نأخذ في اعتباراتنا أي تخطيط مستقبلي بل قد نقوم بوضع الخطط لكننا لا ننفذها لغياب أنظمة المتابعة والتنفيذ وأصبحت أجهزة الرقابة ضعيفة. ويؤكد «عبدالمولي إسماعيل» مدير برنامج البيئة بجمعية التنمية الصحية والبيئية أننا لا نمتلك بنية أساسية تتعامل مع الأمطار الغزيرة يمكن استغلالها بشكل أمثل ولكن للأسف البنية الأساسية لا تسمح بذلك، ففي حالة هبوط أمطار قليلة الحياة في مصر تتوقف. ويضيف «عبدالمولي» أن المسئولين لا يمتلكون أي وعي ولم يعيروا قضايا المناخ أو البيئة التفاتاً، ففي حالة وجود هذه الأمطار الغزيرة التي نعلم بوجودها بشكل مسبق كان لزاماً عليهم إعداد تجهيزات بما هو متاح لاستيعاب هذه الكميات من الأمطار وتحويلها إلي مجاري المياه بحيث يتم استغلالها.