المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة القائد العام للقوات المسلحة، الذى تسلم إدارة شؤون البلاد بعد ثورة عظيمة، فأوصلنا إلى ما فيه الآن من ارتباك وعودة إلى الخلف، يأتى الآن ويقول: «إن الجيش ليس طرفا فى الجدل السياسى الحالى حول السلطة..»، ونفى طنطاوى فى لقائه بضباطه فى مناورات الجيشين الثانى والثالث بفايد أول من أمس (الخميس) أن تكون القوات المسلحة تسعى لأى مصلحة خاصة، وقال: «إنها لا تنحاز لأى طرف على حساب آخر».. وهذا كلام مردود عليه. فقد أدخل الجيش نفسه عبر قياداته المعاشات فى المجلس العسكرى فى العملية السياسية منذ اليوم الأول.. ورفض جنرالات معاشات المجلس العسكرى أن يكون هناك مجلس رئاسى مدنى بمشاركة عسكريين لإدارة شؤون البلاد.. واعتقدوا أنهم الأولى بإدارة البلاد بعد أن استطاع الشعب فى ثورته الإطاحة بمبارك.
وسعى جنرالات طنطاوى إلى صبغ إدارتهم البلاد بشرعية، فوجدوا من يصور لهم أن الاستفتاء ب«نعم» على الترقيعات الدستورية الهزلية فى 2011/3/19 هو شرعية إدارتهم للبلاد.. وذلك بتحالفهم مع القوى الدينية، المتمثلة فى الإخوان والسلفيين بالترويج للتصويت ب«نعم»، مع التسهيل لهم بعد ذلك بإنشاء أحزاب على أساس دينى مخالف للقانون.
ألم يخرج علينا سيادة الجنرال ممدوح شاهين فى الفضائيات المختلفة ليؤكد أن الاستفتاء كان على شرعية إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجنرالات طنطاوى لشؤون البلاد؟! وهو ما كرره بعد ذلك جنرالات معاشات المجلس العسكرى.
لقد سئم الناس من الكلام المكرر الذى يدعيه سيادة المشير حسين طنطاوى من أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو الجيش يقف على الحياد من جميع القوى السياسية.. ففى نفس الوقت الذى يقول فيه هذا الكلام تعقد صفقات مع قوى سياسية معينة.
ألم تكن هناك صفقة بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجماعة الإخوان.. على أن يكون البرلمان للإخوان والإسلاميين من السلفيين والجماعة الإسلامية.. مقابل أن تكون الرئاسة للعسكر؟ حتى عندما تم طرح أن يكون الرئيس توافقيا فقد كان اتفاقا واضحا بين الإخوان والعسكر.. وإن نقضه الإخوان فى ما بعد.. فكان التلاعب بمرشح تابع للعسكر.
فبالله عليكم أليس عمر سليمان مرشحا للعسكر؟ وهل يجرؤ عمر سليمان على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية إلا بموافقة ومباركة العسكر.. بل والسعى على إنجاحه؟ وهل ما جرى عند تقديمه الأوراق فى حضور قائد الشرطة العسكرية اللواء حمدى بدين.. أليس فيه دلالة على مباركة العسكر وما جرى أيضا فى جميع التوكيلات له.. والتدخلات التى وصلت إلى درجة الضغط والتلاعب، التى ربما لا تكون صحيحة أو مكتملة.. وإنما اعترفت بها لجنة فاروق سلطان الانتخابية، الذى لن يختلف كثيرا عن عبد المعز «عضو اللجنة» فى الاستماع وتنفيذ كلام جنرالات المجلس؟
لقد حاول المجلس العسكرى -أو الجيش كما يحاول المشير طنطاوى الخلط بينهما فى نفس الوقت الذى يستبعد فيه الجيش من العملية السياسية- أن يقدم نفسه على أنه هو الذى حمى الثورة، لدرجة أنه قال فى أوقات أخرى عبر منافقيه الجدد وموالسيه إنه هو الذى قام بالثورة (!!) لكن كل تصرفاته عكس ذلك تماما.
فقد حافظ الجيش بجنرالات معاشات المجلس العسكرى على الرئيس المخلوع، وتم وضعه فى مستشفى كالقصر، ولم يصادر أيا من أملاكه ولا أمواله سواء فى الداخل أو الخارج.. كما حافظ على قيادات مبارك السابقة، وأبقى على نفس المؤسسات التى كانت تدار بعصابة مبارك اللهم إلا قليلا منهم كانوا من أمثال أحمد عز.
حارب الثورة ودخل فى تحالفات من أجل إجهاضها، ووصل الأمر إلى استخدام قواته ضد قوى الثورة ليقتل المتظاهرين فى الميدان وأمام «ماسبيرو» و«محمد محمود» و«مجلس الوزراء» و«قصر العينى»، ويسقط الشهداء متأثرين برصاصهم.. كما انتهك أعراض البنات فى الميدان.. ولم يتم محاسبة أحد.
وقبل ذلك كان هو المنوط به إصدار القوانين والتشريعات خلال الفترة الانتقالية التى أطالها.. وأصدر قوانين لمصالح فئات معينة يرى جنرالات معاشات المجلس العسكرى أنهم سيستفيدون منها.. وذلك على حساب مستقبل هذه الأمة.
وبعد ذلك وحالة الارتباك السياسى الحادثة فى المجتمع الآن لاعتماد خريطة طريق مغايرة تماما لما طالبت به الثورة للانتقال إلى الحياة الديمقراطية، يأتى اليوم المشير طنطاوى ليقول لنا إنهم ليسوا طرفا فى الجدل السياسى الآن.. ولا ينحازون لأى طرف على حساب آخر!!
لقد انحازوا إلى الثورة المضادة.. وأعلوا من فلول النظام.. وأساؤوا إلى الجيش.. وفى النهاية تورطوا فى الجدل السياسى وهم لا علم لهم به.. وانحازوا إلى قوى رجعية، والثورة منهم براء