عمرو بدر أكثر ما يؤكد أن ثورة 25 يناير لم تحقق أهدافها كاملة حتى الآن وأن هذه الثورة الرائعة تم «خطفها» وتحويلها من «ثورة شاملة» تطالب بإسقاط نظام حكم مبارك المخلوع وعصابته وإقامة نظام جديد قائم على العدالة والحرية والكرامة الإنسانية هو وجود الفريق أحمد شفيق على قوائم مرشحى الرئاسة. شفيق الذى سخر من ملايين المتظاهرين قائلا فى مؤتمر صحفى وقت أن كان رئيسا لوزراء الرئيس المخلوع «سأرسل لهم بونبونى» يصر على استكمال المعركة الانتخابية حتى آخرها، شفيق الذى أسقطته الثورة كرئيس للوزراء يريد أن يعود رئيسا للجمهورية، شفيق وزير الطيران المدنى وصديق الرئيس المخلوع والذى راهن عليه لإنقاذه من ورطته بتعيينه رئيسا للوزراء يحاول إيهامنا بأنه جاء ليصلح أحوال مصر ويغير ما أفسده النظام الذى كان وزيرا فيه. شفيق لا يستحيى وهو يصر على ما يسميه طرح برنامجه للرئاسة لتغيير مصر من الفساد وهو الذى لم يره أحد متلبسا بالاعتراض أو رافضا لكم الفساد المرعب فى العصر البائد، وهو الذى لم نقرأ له كلمة واحدة حول رفضه التوريث أو حتى مطالبته بتغيير من أى نوع، شفيق الذى لم يعترف بالثورة أصلا ووصفها وقت أن كان موظفا بدرجة رئيس وزراء مع المخلوع «بأنها مجرد مظاهرات» يريد الآن أن يصل إلى موقع رئيس الجمهورية بعد أن فتحت الثورة -التى رفضها ولم يعترف بها- الطريق أمامه للوصول إلى مقعد الرئاسة. شفيق صاحب واقعة «البونبونى» يتحدث الآن بنفس منطق ولغة وثقافة المخلوع، فهو الذى لم يتعلم غيرها ولم يعمل مع رئيس آخر، فمن الطبيعى أن يكون مبارك أستاذه ومعلمه، لذلك لن تندهش إذا وجدت آراءه فى كل الموضوعات المثارة تماثل تماما ثقافة ووجهة نظر المخلوع، وكأنه يمثل مبارك وعائلته وعصره بشكل مباشر فى الانتخابات الرئاسية، خذ عندك مثلا: بينما كان الجميع يتحدث عن فضيحة قضية «التمويل الأجنبى» وإطلاق سراح المتهمين الأمريكان وتأكيد أن هذا الأمر يمثل تدخلا فجًّا فى شؤون القضاء كان شفيق -رجل مبارك وصديقه- يطالب الإعلاميين والسياسيين برفع أيديهم عن القضاء، وهو نفس ضِيق الأفق الذى يذكِّرنا بالمخلوع وزمنه، فلم يكن هناك من يهاجم القضاء، بل كان الغضب منصبا على «الغيرة على القضاء» والرغبة فى استقلاله، لكن شفيق تعلم وتعوّد على أن الإعلام ليس من حقه التحدث فى «أى موضوع»، شفيق تعلم وتعود على أن الأصل هو ثقافة «الخطوط الحمراء والمنع» التى صدعنا بها رئيسه الساقط. شفيق -صديق مبارك- لا يعترف بالثورة ولا يعترف بفساد النظام الساقط، ولكن يعترف فقط بحقه فى أن يرث «جمهورية مبارك» ويسير بنا فى نفس الطريق، وهو الآن يحاول أن يقنعنا -باعتبارنا هنودا- بأنه بعيد عن كونه أحد رجال النظام البائد يملك خبرة مدهشة، لأنه كان وزيرا للطيران المدنى، مؤكدا أنها وزارة «تفتح على كل الملفات والقضايا، على حد تعبيره بالضبط، وأن وزير الطيران المدنى هو الوحيد القادر على حل كل مشكلات مصر، ألم أقل لكم إن شفيق يمثل مبارك وعصره، ليس فقط بالانتماء إلى العصر ولكن بالانتماء إلى ذات الثقافة؟ فقد كان الرئيس الساقط يحاول أن يقنع المصريين بأنه حقق إنجازات رائعة وخالدة، رغم أن هذه الإنجازات الرائعة انتهت بثورة اقتلعته من موقعه كرأس للنظام السياسى، بقى فقط أن يحاول الفريق إقناعنا بأنه كان يريد إرسال «البونبونى» إلى ملايين المعتصمين فى ميدان التحرير، لأنه كان يرغب فى «التهنئة بنجاح الثورة»، أو بنجاح «المظاهرات» حسب رؤيته!