مفاجأة.. «الطرف الثالث» وراء سفر النشطاء الأجانب! الطرف الثالث!! «احنا كمسئولين مش مسئولين» جملة ساخرة من مسرحية تخاريف تعبر عن حال المسئولين فى مصر بعد سفر 16 ناشطا أجنبيا من أعضاء منظمات المجتمع المدنى غادروا القاهرة على متن طائرة عسكرية أمريكية بعد قرار الإفراج عنهم في قضية التمويل الأجنبي مقابل كفالة قدرها 2 مليون جنيه للفرد الواحد. تصريحات «لن تركع»، وجمع أموال بديلة للمعونة، وتقسيم مصر، والوزيرة المناضلة، طوتها فضيحة سفر النشطاء بشكل مهين، فى مسرحية درامية هابطة لم يجيد أبطالها استكمالها دون أن تضج القاعة بالضحك من فرط سذاجتها، والمدهش هو رد فعل السلطات فى مصر فالجميع رفع يده متبرءا من الجريمة.. فمن هو المسئول؟ المجلس العسكرى مباحثات بين مسئولين وجنرالات أمريكيين قدموا خصيصا من الولاياتالمتحدة لإثناء المجلس العسكرى عن تعنته فى الإفراج عن النشطاء الأجانب، إلا أن ذلك لم يغير من تمسك المجلس بموقفه، كذلك بدت الصورة، لإيصال رسالة إلى الرأى العام بأن المجلس لا يخشى فى الحق لومة لائم حتى لو كانت أمريكا بذات نفسها، لكن بعد أن «انكشف المستور» لم يجد المشير ومجلسه بدا من الحديث للشعب لإيضاح الأمر ولكن العجيب أن المشير تحدث فعلا ولكن وجه حديثة لشعب آخر فخلال لقائه مع قادة وضباط القوات المسلحة قال المشير طنطاوى: «إن الدفاع عن الوطن وحماية أمنه القومى فى الداخل والخارج مهمة مقدسة لا تهاون فيها وأن القوات المسلحة تضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار، وأننا نعمل من أجل مصر برغم محاولات التجريح والتشويه التى تستهدف النيل من رصيدنا الكبير بين الشعب وقواته». ويبدو فعلا أن المجلس العسكرى قد شعر بتقصيره فى حماية الأمن الوطنى خارجيا فمرر سفر النشطاء بهذا الشكل العبثى المهين، بعد أن حافظ على الأمن القومى داخليا بدهس الأقباط وسحل البنات وفقأ الأعين وقتل الشباب والشيوخ بدم بارد. الجنزورى والبرلمان «مصر لن تركع.. لن تركع وستعامل دول العالم بالمثل ومصلحة شعب مصر ستحكم تعاملاتها مع دول الخارج وليس مصلحة الحكام» كلمات تسببت فى تصفيق حاد للسيد كمال الجنزورى خلال إلقائه لبيان الحكومة أمام البرلمان - يوم الأحد السادس والعشرين من فبراير - ردا منه على قضية التمويل الأجنبى، بعدها بأقل من 48 ساعة تم رفع حظر السفر عن المتهمين، وقبل نهاية الأسبوع وتحديدا يوم الخميس 1 مارس جاء الرد سريعا بخروج النشطاء تحت حراسة أعين السلطات المصرية، ليتضح أن مصر فعلا لن تركع ولكنها ربما سجدت وطلعلها زبيبة كمان – على حد تعبير أحد التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى - المدهش هو رد فعل الدكتور جنزورى أو بالأحرى اللافعل فمنذ إعلان «نهاية المسرحية» والجنزورى معتكف لم يأخذ أى رد فعل وهو ما اعتدناه منه بعد كل قضية، منذ تولية لرئاسة الوزارة فمن أحداث مجلس الوزراء ومرورا بمذبحة بورسعيد التى لم تمنحه قسطا من الراحة لتغيير ملابسه لمدة 24 ساعة كاملة ووصولا بسفر النشطاء معززين مكرمين، ولكن البرلمان الذى صفق للجنزورى بحرارة بعد الجملة الخالدة «لن تركع» كان أول من تبرأ منه طالبا بسحب الثقة من وزارته وواصفا بيانه الذى كان عظيما من أسبوع بأنه «تافه وهزلي». فايزة أبو النجا «الجميلة والوحشين» عنوان لمقال نشرته صحيفة «الحرية والعدالة» للتعبير عن الموقف الجسور الذى اتخذته الوزيرة المناضلة فايزة أبو النجا فى صراعها مع الأمريكان «الوحشين» فى غمار معركة التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، وعلى طريقة ممتاز القط ورفاقه تم التعامل مع أبو النجا على أنها المخلصة لمصر من عفن التبعية للغرب طيلة شهرين، مدافعين عنها – معظم الإعلاميين - بكل ما أوتوا من قوة لدعم موقفها الباسل ضد الأجانب الغاشمين، وهى الوزيرة التى خدمت نظام مبارك 11 عاما كاملة، الذى كما نعلم أن نظامه كان من أكثر «المجابهين» للغطرسة الأمريكية والإمبريالية الصهيونية العالمية، علاوة على أنها الوزيرة الوحيدة التى لم يتم الاستغناء عنها مع أى تغيير وزارى تم بعد الثورة، وكأن الثوار نزولوا يوم 25 يناير مطالبيين ب«عيش - حرية - عدالة اجتماعية - فايزة أبو النجا». وعن رد فعلهاعلى القضية قالت إنها فوجئت بقرار رفع الحظر عن المتهمين الأجانب من خلال الصحف، وطبيعى جدا أن نصدق ذلك على أساس أن السيدة أبو النجا وزيرة الصحة فى حكومة الجنزورى! عبد المعز إبراهيم «فعلا طلبت من المستشار محمد شكرى التنحى عن قضية التمويل الأجنبى، بعد علمى أن لديه ابنا كان يعمل وكيلا للنيابة قدم استقالته ويعمل حاليا محاميا فى مكتب للاستشارات القانونية له علاقة بالسفارة الأمريكية»، كان ذلك اعترافا من المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف لتبريره تدخله السافر فى عمل القاضى المسئول عن قضية النشطاء الأجانب، وهو الأمر الذى استخدمه البعض للنيل من شرف القضاة على حساب عدم المساس بالمجلس العسكرى ودوره فى تمرير الصفقة، إلا أنه للأسف حتى هذه الحبكة لم تخرج عن نفس السيناريو الباهت للمسرحية التى تبرع السيد عبد المعز بدور الكومبارس فيها على حساب زملاء مهنته. وهو الكلام الذى رد عليه الفقيه القانونى أحمد كمال أبو المجد بعبارات لاذعة «عيب عليك واختشى على دمك، وشوف شغلك أحسن» وقال إن وليد نجل المستشار محمود شكرى قد تدرب فى مكتبه وأنه محام حسن السمعة متسائلا عن معنى جملة «على علاقة بالسفارة الأمريكية»، وهو الأمر الذى أكده المستشار شكرى بنفسه حين أعلن أنه تنحى عن نظر القضية بسبب التدخل فى القضية من جانب عبد المعز وليس بسبب موضوع ابنه. مصطفى بكرى اتهامات بالعمالة للبرادعى ومستندات تؤكد تحريضه لعملاء أمريكا، على تخريب مصر، وحلقات كاملة على الفضائيات عبر خلالها – النائب مصطفى بكرى - عن عودة العافية لجسد مصر العليل بموقفها الراسخ تجاه بلاد العم سام فى قضية التمويل الأجنبى، مشبها تصريحات الدكتور الجنزورى ووزيرته أبو النجا بمواقف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حينما قال «لو الأمريكان مش عاجبهم يشربوا م البحر».. الغريب أن بكرى لم يختفى بعد الفضيحة ولكنه زايد على الجميع باستكمال الحديث عن القضية وتحليلها ب«منتهى الصراحة» – اسم البرنامج الذى يقدمه - ولكن من زاوية بعيدة تماما عن لب الموضوع فتحدث عن استقلال القضاء والتدخل المزرى للسيد عبد المعز إبراهيم فى قرارات القضاة، ليثبت أنه قادر على التواجد فى جميع الأحوال مع مبارك والثوار، ومع الوقوف بجوار المجلس العسكرى وضد التدخل فى شئون القضاه! كانت هذه هى كل الأطراف المسئولة عن سير القضية من البداية، وواضح أن جميعهم قد تبرءوا من الذنب، ولأنه لابد أن يظهر طرف يحاسب على هذه الفضيحة الكارثية، فقد نسمع فى الأيام القليلة القادمة عن محاكمة «الطرف الثالث» لدوره فى سفر النشطاء، وربما لتكريمه عن مجمل أعماله خلال الفترة الانتقالية!.