طنطاوي وعنان.. ونظرة قلقة أمام رئيس هيئة الأركان الأمريكي! على السطح اتهامات بالعمالة وتمويلات مشبوهة لإسقاط الدولة، وتهديدات بقطع المعونة العسكرية، ولكن فى القاعات الفاخرة المغلقة يبدو التفاهم والود والتقارب وإظهار الاحترام المطلق، وفى الختام تخرج تصريحات رسمية مكونة من تركيبات وجمل ثابتة «التعاون والالتزام بالاتفاقات والمعاهدات الدولية وعمق العلاقات الاستراتيجية والقضايا ذات الاهتمام المشترك»، هذا هو حال اللقاء الذى جمع رئيس الأركان الأمريكى مع المجلس العسكرى المصرى فى زيارته الأخيرة. الجانب الأمريكى لم يلزم نفسه بمعطيات التعتيم التى يفرضها الجانب المصرى، فبينما خلا البيان المصرى الرسمى من أى إشارة إلى بحث قضية التمويل الأجنبى المتهم فيها 19 أمريكيا ومطالبة الإدارة الأمريكية برفع حظر السفر عنهم، وهو ما جاء رئيس الأركان الأمريكى مارتن ديمبسى، من أجله، وسارع البنتاجون بتأكيد بحث قضية الأمريكيين المتهمين مع المجلس العسكرى، وقام بنشر تفاصيل زيارة ديمبسى بالصور والإعلان عن حالة الحب والغرام التى استقبل بها القائد الأمريكى، سواء فى مقر قيادة الأركان المصرية، أو فى وزارة الدفاع، حيث اجتمع بالمشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى، أو فى زيارة النصب التذكارى بمدينة نصر بمصاحبة كبار القادة المصريين أو على مائدة الغداء، حيث جلس ديمبسى على المائدة الرئيسية يتوسط كلا من اللواء محمد العصار عضو المجلس العسكرى والفريق سامى عنان، نائب رئيس المجلس العسكرى. رئيس الأركان تفقد قوات المارينز الأمريكية المتمركزة فى السفارة الأمريكية لمهمة غالبا هى حماية السفارة وقام بالتقاط الصور التذكارية مع بعض جنودها داخل السفارة. بعد إتمام زيارته لمصر أكد الجنرال مارتن ديمبسى، رئيس هيئة الأركان الأمريكى، أنه خلال لقاءاته مع القيادات المصرية أعرب لهم عن قلقه، ليس فقط بالقضية المثارة حاليا والخاصة بالمنظمات غير الحكومية، ولكن أيضا بالتحول الديمقراطى بشكل عام، كما أنه نقل إليهم التزام واشنطن بالشراكة العسكرية والاستراتيجية الممتدة بينها وبين القاهرة. إلا أن تصريحاته فى طريق عودته لم تكشف عما إذا كان «التوتر قد زال» أو «القضية قد حُلّت». وكان الجنرال ديمبسى قد عقد لقاءات فى القاهرة مع نظيره المصرى الفريق سامى عنان والمشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس العسكرى وقيادات عسكرية أخرى. وعما أثير أخيرا حول المنظمات غير الحكومية، قال الجنرال ديمبسى ل«خدمة الصحافة للقوات الأمريكية» (التابعة لوزارة الدفاع) على متن الطائرة العائدة به «لقد ناقشنا هذا الأمر بمهنية عالية وقد أعربت عن حقيقة أن هذا الأمر سبّب لنا قلقا، ليس بسبب منظمات غير حكومية بعينها أو بسبب أفراد معينين غير قادرين على ترك البلاد ولكن الأمر كله بشكل أوسع». وأوضح الجنرال ديمبسى أنه سأل القيادات العسكرية المصرية «أى مؤشر يمكن أن أتلقاه من هذا الموقف فى ما يخص: كيف ترون مستقبل مصر؟ هل ستصبحون فى حالة عزلة؟ وهل ستحافظون على الحريات الفردية أم ستنكرونها؟» ثم أضاف الجنرال: «ليست لديهم الأجوبة فى الوقت الراهن». كما أن الجنرال بجانب قلقه أعرب للقيادات المصرية عن التزام البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) بالمصالح والخيارات والعواقب المشتركة بين البلدين، حسب تعبيره. والأمر اللافت للنظر أن الجنرال فى تصريحاته عن تفاصيل لقاءاته مع القيادات العسكرية لم يشر من قريب أو بعيد إلى ملف المعونات العسكرية، وما لوح به قيادات فى الكونجرس من إمكانية قطع المعونة والمقدرة سنويا ب1.3 مليار دولار سنويا. وحسب ما صرح به ديبمسى فإنه وجد أن «العسكرى» حريص جدا على أن يخرج من عملية إدارة البلاد. وبما أن رئيس الأركان الأمريكى كان يزور القاهرة يوم 11 فبراير يوم ذكرى الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك فقد أشار الجنرال فى تصريحاته إلى أن مصر كانت دائما لديها رئيس عسكرى.. وأن الدولة لم تكن ديمقراطية بالشكل الذى يسعون إلى إيجادها عليه الآن ثم أضاف: «بصراحة إنهم يكافحون وأعتقد أن هذه هى الكلمة المناسبة، يكافحون فى التوصل إليها وفى اتباع الجدول الزمنى للانتخابات المختلفة وصياغة الدستور وأخيرا إجراء الانتخابات الرئاسية فى يونيو القادم». وحسب ما ذكر فى التقرير الخاص بالبنتاجون فإن رئيس الأركان الأمريكى لديه علاقة تمتد إلى خمس سنوات مع كل من عنان وطنطاوى. وقد بدأت هذه العلاقة فى عام 2007 عندما كان ديمبسى نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية. وأن هذه العلاقة استمرت بعد أن أصبح ديمبسى القائم بأعمال القائد فى عام 2008. وعلى أساس هذه العلاقة، كما قال ديمبسى، «فإنه ذهب إلى ما قد يعد لقاء صعبا، وكان قادرا على أن يكون صريحا». ثم قال «كان أمامنا عمل، علينا أن نؤديه من أجل إزالة توترات مرتبطة بقضية المنظمات غير الحكومية.. وهذا ما فعلوه». وذكر الجنرال ديمبسى فى تصريحاته أن القيادات العسكرية فى مصر ناقشوا معه أيضا المناورات المشتركة مثل «النجم الساطع». وهى مناورات تجرى كل سنتين ومتعددة الجنسيات ومصممة لتعزيز العلاقات بين قوات البلاد وتحسين درجة الاستعداد والعمل المشترك بين القوات الأمريكية والمصرية ودول التحالف. وقال الجنرال: «نحن بالطبع قمنا بتأجيله فى عام 2011، لأن القيادات العسكرية المصرية كانت منشغلة..» و«نحن حريصون على إجرائها فى عام 2013. ولكن هناك بعض الأمور يجب أن تحل عاجلا من أجل إجراء المناورة». كما تناول الجنرال ديمبسى فى تصريحاته الأوضاع فى مصر خلال السنة التى مضت، وأشار إلى أنه فى سنة مليئة بتغييرات تاريخية للحكومة والشعب والقوات المسلحة فى مصر فإن العسكرى أصبح يركز على الداخل وعلى مسؤوليات جديدة مثل الأمن الداخلى. وقال «أعتقد أنهم تأقلموا على ذلك بشكل جيد». ثم أضاف الجنرال: كما أنهم أسهموا فى قدرة مصر فى دفع العملية نحو الديمقراطية، لاحظ أننى لم أقل إنهم هناك بعد بسبب علاقتنا معهم» ثم قال: «فى أى وقت من الأوقات هناك من 200 إلى 300 من ضباطهم يوجدون فى مراكزنا للتعلم والتدريب، وأعتقد أننا يجب أن يكون لدينا بعض الرضا بأنهم فعلوا ذلك». وأكد ديمبسى أن العسكرية الأمريكية ستواصل الارتباط بالقيادات المصرية وهم يعملون من أجل التغييرات القادمة. وقال: «فى شهر يونيو سيلقون التحية لرئيس مدنى لأول مرة ثم يعودون إلى الثكنات، ولكن لا أعتقد أن هذا الأمر لن يكون سلسا كما يبدو.. على اعتبار كونه تابعا إلى سلطة مدنية فلن يكون سهلا». ثم قال الجنرال مضيفا عن القيادات العسكرية المصرية: «إنهم كلهم يقولون الأشياء الصحيحة وأنا أعتقد أنهم كلهم ينوون الأشياء الصحيحة». وفى رأى الجنرال فإن الاختبار الحقيقى سيكون فى الانتخابات المتبقية وصياغة الدستور والانتخابات الرئاسية فى يونيو. وأضاف: «لهذا نريد الإبقاء على اتصالنا معهم.. ليس لتشكيل ما يحدث أو التأثير عليه، بل ببساطة لأنْ نكون هناك كشريك يساعدهم على أن يفهموا مسؤولياتهم الجديدة». ثم قال: «وأعتقد أنهم حريصون على أن تكون لهم مثل هذه الشراكة معنا، ولكن علينا أن نتجاوز هذه القضية الخاصة بالمنظمات غير الحكومية». وفى سياق متصل يستعد السناتور جون ماكين، القيادى الجمهورى البارز، لأنْ يكون فى القاهرة خلال أيام مع زملاء له من الكونجرس.