ربما تكون تصريحات مثيرة للجدل فى هذا التوقيت، لكن الأكيد أنها تعكس موقف الإخوان تجاه كثير من الأمور العالقة بين مجلس الشعب القادم والمجلس العسكرى، إنها تصريحات سعد الكتاتنى، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، التى قال فيها إن الحزب يريد أن يتجنب الصراع مع المجلس العسكرى عند انعقاد مجلس الشعب فى 23 يناير القادم، وأن كل أمله إتمام المرحلة الانتقالية للسلطة من دون إغضاب العسكر. الصحيفة وصفت تصريحات الكتاتنى بأنها قد تثير غضب الناشطين الذين يتهمون الإخوان بعقد صفقة مع «العسكرى» والتحالف ضمنيا معه، وخيانة الثورة لمصالح سياسية تسعى الجماعة إلى تحقيقها. الكتاتنى حسم مسألة موقف الإخوان من تشكيل الحكومة عندما قال للصحيفة إنه «على الرغم من أنه فى الظروف العادية يتم تشكيل الحكومة التى تدعمها الأغلبية بعد تشكيل البرلمان، لكن تشكيل الحكومة القادمة لم يعد من أولوية الإخوان الآن»، متعللا بأن جميع القوى السياسية اتفقت مع المجلس العسكرى فى أحد اجتماعاتها على أن تبقى حكومة الجنزورى حتى الانتخابات الرئاسية القادمة. وأضاف الكتاننى أنه فى الوقت الحالى تمر البلاد بمرحلة انتقالية حساسة، تفرض ضرورة التعاون بين البرلمان القادم والمجلس العسكرى والحكومة الحالية، كذلك ضرورة التفاهم من دون وقوع مزيد من الاشتباكات أو الخلافات، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك هو الخروج من المرحلة الانتقالية بأسهل طريقة ممكنة. الصحيفة نفسها رأت أن سلطات وصلاحيات البرلمان لا تزال غير واضحة حتى تتم كتابة الدستور، وقالت إنه أىا كان التحالف الذى سيدخل فيه حزب الحرية والعدالة، فإنه من المحتمل أن يقوم الإخوان بوضع جدول أعمال مجلس الشعب القادم، والذى سيقوم بدوره بتعيين لجنة صياغة الدستور. واكتفى الكتاتنى بتأكيد أنه عند الانتهاء من تشكيل البرلمان ستنتقل السلطة التشريعية كاملة من المجلس العسكرى إلى الممثلين المنتخبين فى البرلمان، ورأت الصحيفة أن هذا التصريح على وجه الخصوص سيكون سببا فى غضب الكثيرين الذين لن يرضوا بأقل من نقل كامل للسلطتين التنفيذية والتشريعية من المجلس العسكرى للبرلمان المنتخب، فضلا عن رؤيتهم فى أداء جماعة الإخوان المسلمين، وعدم قدرتها على اتخاذ موقف واضح من المجلس العسكرى وإدانته فى الانتهاكات التى مارسها ضد حقوق الإنسان، وهو ما يعتبرونه «فشلا» بالدرجة الأولى. وصرح الكتاتنى أنه بمجرد انتخاب الرئيس القادم وتشكيل حكومة جديدة، ستكون من أولويات الإخوان الحصول على حقب وزارات خدمية، وسيرعون عدم الاستحواذ على غالبية المناصب الوزارية. ونقلت الصحيفة أن الكتاتنى رفض الاتهامات خلال الحوار معه، وجادل فى مسألة استمرار المظاهرات، قائلا: «المظاهرات من دون أهداف واضحة غير مؤثرة وتؤدى إلى الفوضى، فعندما نشعر أن تلك المظاهرات سوف تتحول إلى فوضى، نفضل البقاء بعيدا لأننا نسعى إلى مطالب معقولة بجانب الاستقرار»، متباهيا بأنه فى جميع المرات التى لم تشارك فيها الجماعة تحولت المظاهرات إلى فوضى ودمار، بخلاف المرات التى شاركت فيها الإخوان، حيث انتهت المظاهرات بشكل سلمى. وكشف الكتاتنى عن أن قيادات «الحرية والعدالة» التقوا مسؤولين أمريكيين أربع مرات على الأقل منذ الخريف الماضى، وأنهم بصدد الاجتماع مع نائب وزيرة الخارجية الأمريكية، وليام بيرنز، الأسبوع الحالى. وعلقت الصحيفة من جانبها بأن هذه اللقاءات إن دلت على شىء، فهى تدل على أن سلطة الحزب السياسية أصبحت واضحة بقوة. وأضاف الكتاتنى «الآن يأتى الأمريكان لمقابلة الإخوان لشخصهم، حيث أدركوا أننا سنصل إلى السلطة، وبالتالى فهم يريدون التعرف علينا، لكننا أيضا لا نناقش معهم سوى الأمور العامة دون الدخول فى تفاصيل». وأوضح الكتاتنى للصحيفة أن أكثر ما يقلق المسؤولين الأمريكان عند لقاء الحزب بهم، هو مصير معاهدة كامب ديفيد، وما هو جعل الحزب يعدهم باحترام المعاهدة، وإن كانت محل نظر وربما تتم مراجعتها فى النهاية، حسب كلامه. وأوضح «نحن لا نبحث عن المواجهة مع أحد، كما لا نبحث عن الدخول فى حرب، لأن هذه الأمور ليست من أولويات الجماعة»، وأضاف الكتاتنى: «صراحة نحن فى الحزب لم نناقش ماذا سيحدث بكامب ديفيد؟ ولكننا نناقش ماذا سنقدم للفقراء، وماذا سنفعل بالتعليم والصحة، وكلها أمور سوف تستغرق سنوات لإنجازها».