هل تتقزم ثورة شباب شباب مصر المجيدة ، فتكون جل إنجازاتها هى إنعتاق مصر من مخطط التوريث لتقع فى شراك التدليس . من أدبيات إمامهم أنهم "جماعة سلفية وطريقة صوفية" ، ولكن عند اللزوم لا مانع من ستر الحقيقة وإستبدال السلفية والصوفية ، بالحرية والعدالة ، ما دام أن هذه اللافتة هى الطُعم المناسب الذى يسهل به الإصطياد فى الماء العكر. ولا مانع كذلك من تسمية تحالفهم بالتحالف الديمقراطى ، حتى وإن كانت الديمقراطية عندهم رجس من عمل الشيطان ، فلا ضير من رجس الشيطان إذا كان موصلاً إلى كرسى السلطان . وفى إفصاح جهير لكبير منهم معبراً عن فكر الجماعة ، قال : "لا يجوز لبنات الجماعة الزواج من خارج الجماعة". وكيف لا ، فهم الإخوان أما غيرهم من سائر أفراد الشعب فليسوا بإخوانهم ولو حتى فى الإنسانية ، وهم المسلمون والأخرون ليسوا بمسلمين حتى وإن إعتصموا بالسراط المستقيم. من أجل ذلك لا يجوز للأخت المسلمة الزواج من غير الأخ المسلم . وقال أحد كبرائهم فى برنامج تلفزيونى : "لقد إجتمعنا قبل الثورة بمباحث أمن الدولة ووعدناهم بالأ نشارك فى تظاهرات 25 يناير". وقد صدقوا ما عاهدوا أمن الدولة عليه ، فخرجوا على الشعب ببيان يعلن للكافة عدم مشاركة الجماعة فى تظاهرات هذا اليوم المجيد . ومن عجائب الجماعة أنهم أطلقوا فضائية تتحدث بإسمهم وتنطق بلسانهم أسموها "مصر 25 " الذى لم يشاركو فيه . وقال الكبير نفسه فى برنامج أخر "الجماعة لا تتبنى فكر الثورة" ، فلا عجب إذن ، أن يسارعوا للقاء عمر سليمان نائب المخلوع بمجرد أن أشار لهم بطرف إصبعه أن إحضروا ، فهرولوا لحضرته مسرعين وأداروا ظهورهم للميدان بما فيه وبمن فيه . ومنذ سقوط المخلوع فى الحادى عشر من فبراير ، كان التواطىء على قمع الثورة وقهر شبابها وبناتها ، وكان التفاهم مع الأمريكان حليف الصهاينة الأكبر على إحترام كامب ديفيد فى مقابل إقسام السلطة فى مصر ، فلهم البرلمان والحكومة فى مقابل دعمهم رئيس من خارج الحالة الثورية على مقاس الخليج والصهاينة فى إنتخابات الرئاسة ، وقد صدقوا ما عاهدوا الشيطان عليه . ولما إستمرت فاعليات الثورة بعد الحادى عشر من فبراير ، فكانت : - جمعة المحاكمات والتطهير فى 8 /إبريل - وجمعة الغضب الثانية فى 27 /مايو - وجمعة الثورة أولاً فى 8 /يوليو - وجمعة الإنذار الأخير فى 15 /مايو - وجمعة تغيير المسار فى 9 /سبتمبر - وجمعة إسترداد الثورة فى 30 /سبتمبر - وجمعة عودوا الى ثكناتكم فى 7 /أكتوبر - وأحد الغضب فى 9 /أكتوبر - وجمعة حماية الديمقراطية فى 18 /نوفمبر - وجمعة الفرصة الأخيرة فى 25 /نوفمبر - وأخيراً جمعة حرائر مصر فى 23 /ديسمبر
فى كل هذه الجمع تقريباً إمتنعت الجماعة عمداً من سبق الإصرار عن نصرة وطنهم ، ومساندة الشعب الذى ينتمون له ، فأسلموا ظهورهم للميدان ولزموا بيوتهم ، وقالوا "مش نازلين" . وعندما كانت أحداث كشف العذرية ، ومسرح البالون ، والعباسية ، وماسبيرو ، وشارع محمد محمود ، ومؤخراً، شارع مجلس الوزراء ، وهى الأحداث التى إختلط فيها تراب مصر بدماء شباب مصر الطاهر . "عملوا ودن من طين وأخرى من عجين" "مغلبين منطق الفرار يوم الزحف على قيم تلبية نداء وا معتصماه " وقد خرج كبيرهم على التليفزيون مبرراً تقاعسهم وتخليهم عن حماية شباب مصر الذى يقابل الموت بصدور عارية فى شارع محمد محمود ، متعللاً بعذر أقبح من ذنب ، قائلا: "أن التحرير ملىء بالمخدرات والملوتوف" ناسياً أو متناسياً أن التحرير هو الذى فك أسرهم ، وأخرجهم من الجحور الى النور ، ومن غياهم السجون الى فضاء الحرية . وعلق أحدهم على واقعة تعرية الفتاة المصرية التى إهتز لها العالم أجمع ، قائلاً : " أن الفتاة ليست من الجماعة " ناسياً أن "التمييز" جريمة يعاقب عليها القانون ، ومتناسياً أن الساكت عن الحق شيطان أخرس . ولا أستبعد يوماً يزحفون فيه على التحرير ، لسحق الثوار ، والقضاء على الثورة بالقوة ، إذا توافق ذلك مع مصالحهم الخاصة ، على غرار ما فعلة بدران فى فيلم أمير الإنتقام عندما قال له أخيه عبد الجليل ، - تقتل أخوك يا بدران ، - فرد بدران قائلاً ، وأقتل أبويه لو وقف فى طريقى. إن اللهث وراء السلطان ، وبلوغ كرسى الحكم ، تحول إلى شهوة محمومة تسيطر على الجماعة حتى باتت مستعدة للتضحية فى سبيلها بكل غالِ ونفيس ولو كان ذلك على حسلب المبادئ التى قامت على أساسها . فغاية الجماعة ، النجاة بالجماعة ولو أغرق الطوفان الكافة ، وأسمى أمانيها ، بلوغ كرسى الحكم ، ولو ضحوا فى سبيل ذلك ليس فقط بثورة الشعب بل بالشعب نفسه ، فهم مصممون على تشييد مُلكهم ولو على أشلاء المصريين وأطلال مصر. والحق أقول لهم انه فى الوقت الذى قنع فيه البعض بعقد الصفقات مع النظام السابق الفاسد مقابل بضعة مقاعد فى مجلس الشعب ، فإن شباب مصر هو من بادر بتلبية نداء الوطن وثار على الطاغية وأعوانه ، متحدياً الموت ، ومصارعاً أعتى قوى الشر والفساد ، فسطروا بدمائهم الطاهرة بحروف من نور صفحات خالدة فى سجل الشرف والفخار ، وكان رائدهم قى ذلك إبتغاء وجه الله وحب مصر المحروسة بعناية الله ، فحباهم المولى عز وجل بشرف الشهادة ليكونوا فى أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً. والحق أقول أيضاً إن كل من يخذل شباب مصر المناضل على طريق التغيير والعيش والحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية ، وكل من يطعنهم فى ظهورهم أو يتأمر عليهم ، فليتبوأ مكانه فى مزبلة التاريخ . فالتاريخ لن يحكم على المتخاذلين والمتأمرين إلا بما حكموا به على أنفسهم . وسيبقى الشهداء دائماً وأبداً فى سويداء القلب ، وفى ضمير الشعب ، وفى ذاكرة التاريخ . وستظل دماء خالد سعيد ومينا دنيال والشيخ عماد عفت وعلاء عبد الهادى وجميع الأطهار الأبرار الذين ضحوا بحياتهم فى سبيل تحرير أرض الكنانه وشعبها العظيم ، ستبقى هذه الدماء دائماً وأبداً لعنةً تطارد المتخاذلين والمتواطئين والمتأمرين على دماء شهداء مصر . والخزى والعار لكل من يشترى بهذه الدماء ثمناً قليلاً . " وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون ". صدق الله العظيم.