تعيينه: 1 مسئول البرنامج النووي المصرى2 وزيراً للخارجية 3 رئيساً للوزراء محمد البرادعى بعد 48 ساعة من الآن تطأ قدم الدكتور محمد البرادعي - المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية مطار القاهرة بعد أن أمضي 12 عاما ممثلا لمصر في هيئة دولية كبري حاول من خلالها مواجهة العديد من القضايا التي مثلت له تحديا كبيرا لا سيما أن معظمها كان يحدث في منطقة الشرق الأوسط التي ينتمي البرادعي لواحدة من أهم بلادها، إلا أن تعامله مع هذه القضايا اتسم بالموضوعية والحكمة جعلت الكثيرين يشيدون به، فقد وصفه كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة قائلاً: «البرادعي أفضل العلماء الذين تولوا منصب رئاسة الوكالة، حيث يتمتع بنظرة واسعة للأمور وقدرة علي تحليل الوقائع وحسن استقراء المستقبل». وإذا كان البرادعي يتمتع كذلك بسمعة طيبة بين الأوساط الدبلوماسية الدولية فهل هذه المسيرة المشرفة ستحرك ساكنا داخل النظام لإرسال ممثل لاستقباله في المطار كما فعل مع المنتخب القومي أم سيقدم له تكريما من نوع آخر يبدو وكأنه يقدم له وروداً في باطنها الألغام؟ هذا احتمال وراد بشدة، وخبراء ومراقبون وسياسيون حددوا ل«الدستور» ثلاثة مناصب يمكن أن تقدمها الدولة للبرادعي حتي تبدو أمام المجتمع الدولي كأنها الدولة التي تكرم أبناءها أصحاب المسيرة المشرفة، وفي نفس الوقت تقصي البرادعي عن التفكير في الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، تلك الفكرة التي أصبحت بمثابة شبح يطارد آمال النظام المصري في التوريث أو منح الرئيس مبارك فترة رئاسية أخري. أول تلك المناصب التي حددها المراقبون هو أن يصبح البرادعي مسئولا عن إدارة البرنامج النووي المصري تحت مسمي الاستفادة من خبراته في إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي كانت مصر تخضع لإشرافها لإصباغ شرعية سياسية دولية علي برنامجها الذي لم ير النور حتي الآن وهو البرنامج الذي لا يتجاوز في حقيقة الأمر حتي الآن سوي مجرد اسم علي بعض الأوراق سواء التي ترددها الحكومة في تصريحات مسئوليها بوسائل الإعلام أو في اتفاقيات لم تعلن نتائجها حتي الآن. ملامح هذا المشروع غير واضحة حتي الآن ما بين مماطلات الحكومة في اتخاذ إجراءات تنفيذية لإنشاء المحطات وضغوط بعض رجال الأعمال لعدم اقتراب هذه المحطات من قراهم السياحية أو الطمع في المواقع التي تجري عليها الدراسات التي مازالت سرية حتي الآن فهل يقبل الدكتور البرادعي بتولي مسئولية برنامج نووي غامض مثل البرنامج المصري لم يتضح منه أي أهداف حتي الآن إلا لتجميل وجه النظام وقد يستخدم اسم الدكتور البرادعي وخبراته كإحدي أدوات التجميل التي يستخدمها النظام؟ ويعلم الدكتور البرادعي جيدا ما يحدث في البرنامج النووي المصري بل تحدث عنه في العديد من المحافل الدولية قائلاً: «البرنامج النووي المصري لا يزال يحتاج إلي دراسات جدوي علمية جادة وخطة متكاملة للأمان النووي قبل أن تبدأ برنامجها والدراسات القائمة لم تكتمل بعد والبنية التحتية غير موجودة وهناك أسئلة كثيرة لابد من الإجابة عنها من بينها تحديد نوع الطاقة التي نحتاجها ولماذا تريد مصر طاقة نووية وهل البرنامج المصري من أولويات الإنفاق في المجتمع؟». وأعلنها البرادعي صراحة «القضية النووية لا يمكن العبث بها فلا يجب أن نتعامل معها مثل توشكي وشرق التفريعة وغيرهما من المشاريع التي ننفق عليها المليارات ثم نقول «معلهش دراسات الجدوي طلعت خطأ» بالإضافة إلي حاجة البرنامج المصري إلي كوادر بشرية مدربة يمكنها أن تتعامل مع التكنولوجيا النووية المتطورة التي لا تحتمل الخطأ». وهو ما يؤكده الدكتور أحمد حشاد الرئيس الأسبق للمفاعل النووي قائلاً إن هذا المنصب يجب ألا يعطي بدون سلطات تنفيذية حتي لا يتحول لمنصب صوري بالإضافة إلي أن الدفع بالبرنامج النووي المصري أصبح مرتبطا بقرار سياسي في المقام الأول وهو الذي يحدد مساراته سواء كان البرادعي رئيسه أم لا. بينما يؤكد جورج إسحق القيادي في الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» أن عقلية النظام المصري هي التي تلجأ دوما إلي إلقاء «لقمة» هنا وهناك لإسكات أفراد أصبحوا يشكلون تهديدا حقيقيا للنظام ومنها إعطاؤه منصب مسئول البرنامج النووي المصري إلا أن هذه ستكون محاولات ساذجة تؤكد عدم فهم هؤلاء طبيعة عقلية الدكتور البرادعي، فهذا الرجل اكتفي بما حصل عليه من مناصب والدليل علي ذلك أنه لم يعلن حتي الآن ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية 2011 بل اختار أن يؤدي دورًا وطنيًا ويساهم في تغيير المناخ المستبد السائد. وأشار جورج إلي أن البرادعي عرضت عليه مناصب عديدة عقب انتهاء فترته من الوكالة الدولية في نهاية نوفمبر 2009 ورفضها لأنه يصر علي أداء دوره الوطني دون أي أطماع وهو ما جعل الكثيرين من الحركات السياسية المصرية تلتف حوله. ربما لا يصلح إذن هذا المنصب، وعليه فقد يلجأ النظام للسيناريو الآخر وهو إعطاء منصب وزير الخارجية للبرادعي استغلالا لعلاقته الطيبة وسط الأوساط الدبلوماسية الدولية طيلة تعامله معهم خلال فترة وجوده خارج مصر فقد كان أول المناصب التي تولاها البرادعي في وزارة الخارجية المصرية بدءا من وجوده في قسم إدارة الهيئات عام 1964، حيث مثل مصر لدي الأممالمتحدة في نيويورك أو مساعداً لوزير الخارجية إسماعيل فهمي عام 1974 إلي أن صار مديرا عام مساعد للعلاقات الخارجية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1993. ثم عقب ذلك توليه رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أظهرت حجم تقبل المجتمع الدبلوماسي الدولي له واتضح ذلك في توليه رئاسة الوكالة ثلاث مرات متتالية من بينها الفترة الثانية التي كانت تحاول أمريكا جاهدة إسقاطه في الترشح إلا أن علاقاته وسمعته الدولية الطيبة بين الأوساط الدبلوماسية خولت له الحصول علي 33 صوتا من اجمالي 34 صوتا في اقتراع سري للهيئة التنفيذية للوكالة في سبتمبر 2005. ومن مهام وزارة الخارجية المصرية تنظيم تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي مع الدول الأجنبية، وإشراك مصر في المنظمات والمحافل الدولية وإعداد وتوجيه التعليمات الدبلوماسية والقنصلية لبعثات التمثيل المصرية والإشراف علي مختلف علاقات مصر بالخارج والقيام بالاتصالات والمباحثات والمفاوضات لعقد جميع المعاهدات والاتفاقات الدولية، والإشراف علي تنفيذها وتفسيرها ونقدها بالاشتراك مع الوزارات والمصالح المختلفة وتولي الاتصالات بين وزارات ومصالح ودوائر الحكومة المصرية، وبين الهيئات والحكومات الأجنبية وبعثاتها الدبلوماسية. بالإضافة إلي رعاية المصالح المصرية في الخارج واتخاذ الإجراءات لحمايتها في حدود القوانين واللوائح والمعاهدات والعرف الدولي واستجماع جميع العناصر ذات الأثر في سياسة الدول الأجنبية من الوزارات والمصالح المختصة، وتزويد هذه الوزارات والمصالح بما تريده من معلومات ودراسات مختصة بعلاقات مصر الدولية. ووفقاً لهذه المسئوليات المنوطة بوزير الخارجية فهذا يعني أن الدكتور البرادعي سيلتزم بجميع الاتفاقيات التي أبرمتها مصر بالخارج ومن بينها اتفاقية كامب ديفيد التي يتخذ بشأنها البرادعي موقفا صريحا أعلنه قائلاً: «إن من بين أخطاء اتفاقية كامب ديفيد أنها لم تشر إلي ضرورة وجود اتفاق لحظر انتشار الأسلحة النووية وعلي الرغم من أنني كنت مستشارا لوزارة الخارجية وقتها لكن لسوء حظي لم أكن ضمن فريق التفاوض حوله» بل يردد البعض أن رحيل البرادعي عن الخارجية المصرية جاء تضامنا مع وزير الخارجية آنذاك علي إبرام هذه الاتفاقية. بالإضافة إلي السياسات المصرية التي لا تمانع من إجراء اتصالات واتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي والتي يوضع فيها وزير الخارجية كوسيط أساسي وهو ما يتنافي مع طبيعة تعامل البرادعي مع إسرائيل ومواقفها تجاهه وهو ما أعلنته الصحف الإسرائيلية تجاه تعامله مع الملفات النووية في إيران قائلة: «البرادعي سيبيعنا بخسا ويعقد حياتنا» بالإضافة إلي اتهامه بعدم الحيادية في إدارة الوكالة وانحيازه للبرامج النووية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط فكيف يمكن أن يتعامل البرادعي كوزير للخارجية مع إسرائيل إذن؟ وهو ما يؤكده الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حيث يؤكد أن البرادعي لن يقبل أن يكون جزءا من هذا النظام عقب إعلانه عن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية في حالة إجراء بعض التعديلات الدستورية وبالتالي لن يكون موظفا في هذه الدولة تحت مسمي وزير للخارجية لن يحدث تغييراً جذرياً في نظام هذه الوزارة بل سينفذ سياسة النظام بالإضافة إلي مدي تعامله مع بعض الاتفاقيات التي عقدتها مصر منها اتفاقية كامب ديفيد وارتباط المصالح المصرية الأمريكية وتعامله مع إسرائيل والاتفاقيات التي تتم معها وبالتالي البرادعي كوزير خارجية سيعد نوعا من الفانتازيا ومضيعة للوقت. وأخيراً، لن يبقي في صندوق التكريمات المصرية- المليء بالألغام- للبرادعي سوي إعطائه منصب رئيس الوزراء وهو المنصب الذي يطالب العديد بإلغائه من مصر لعدم وجود دور واضح له رغم الأهمية الكبيرة لهذا المنصب في كثير من دول العالم وتحديدا في الجمهوريات البرلمانية والديمقراطيات الملكية مثلما يحدث في إنجلترا والدول الاسكندنافية واستراليا وإسرائيل والتي يكون فيها رئيس الوزراء هو الحاكم الفعلي، ودائماً يكون رئيس الوزراء هو زعيم الحزب الذي يفوز بالأغلبية في انتخابات البرلمان، وهو نفس الأمر الذي كان يحدث في مصر في عصر الليبرالية عندما كانت دولة ملكية وكان رئيس الوزراء شخصية مهمة ومؤثرة، سواء كان رئيساً للحزب الفائز ديمقراطياً في الانتخابات مثل سعد زغلول ومصطفي النحاس أو غير ذلك. وفي الجمهوريات الرئاسية مثل الولاياتالمتحدة لا يوجد منصب رئيس الوزراء وفي فرنسا يوجد المنصب وتختلف أهميته حسب عدد مقاعد الحزب الذي يمثله في البرلمان وهل هو من حزب رئيس الجمهورية أو من الحزب المعارض ولكن ماذا عن منصب رئيس مجلس الوزراء في مصر خاصة في عصر الرئيس مبارك؟ يؤكد الدكتور محمد أبوالغار مؤسس حركة 9 مارس أن منصب رئيس الوزراء لا يمثل الحزب الحاكم وليس له تاريخ أو نشاط سياسي في الحزب الوطني أو غيره، علي مدي تاريخه، وهذا ينطبق علي نظيف وعبيد والجنزوري وعاطف صدقي، فلم ينتخب أي منهم عن دائرة برلمانية ولم يكن أي منهم عضواً بارزاً في الحزب الوطني ومعظمهم دخلوا الحزب عند توليهم الوزارة، وبالتالي فليس لهم علاقة بمجلس الشعب ولم يزاول أي منهم السياسة أو أبدي أي اهتمام بها منذ كان طالباً في الجامعة إلي أن أصبح رئيساً للوزراء. ويضيف أبوالغار أنه لا توجد مواصفات معينة في اختيار رئيس الوزراء غير أنه في الأغلب كان وزيراً أو رئيساً لهيئة قومية ووظيفته لا تتجاوز الجانب البروتوكولي بأن يجلس بجوار الرئيس في الاحتفالات القومية ويكون في استقباله في المطار وكذلك في استقبال كبار زوار مصر وافتتاح الكباري والطرق وزيارة المدن الجديدة بصحبة الرئيس وليس من حقه أن يخطط لسياسة مصر الخارجية أو الداخلية لأنه حسب القواعد المصرية ليس من صميم عمله. هذا عمل مؤسسة الرئاسة. وليس من حق رئيس الوزراء كذلك -كما يضيف أبوالغار- أن يناقش أو حتي يطلع علي ما يدور في وزارات الدفاع والداخلية والخارجية وانضمت إليها أيضاً وزارة الإعلام منذ عصر صفوت الشريف. وأخيراً وزارة العدل وذلك لضمان السيطرة التامة علي القضاة بالإضافة إلي خروج وزارات الاقتصاد والمالية والتجارة الخارجية والتنمية الإدارية من نفوذ وتأثير رئيس الوزراء بل تقوم هذه الوزارات الأربع الأخيرة بالتنسيق مع لجنة السياسات ولرئيس الجمهورية فقط الحق في تعديل أو تغيير قرارات هذه المجموعة. وأوضح أبوالغار أنه إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تلغي وظيفة رئيس وزراء مصر ويلغي مجلس الوزراء من أساسه، ويختصر عدد الوزراء بضم البعض علي أن تتبع المجموعة الصغيرة من الوزراء رئاسة الجمهورية مباشرة؟ سيكون الأمر أكثر واقعية وصدقاً، مستبعدا أن يوافق د.البرادعي علي هذا المنصب لأنه يدرك أنه بلا أهمية تذكر. وهو ما يؤكده كذلك الدكتور يحيي الجمل الفقيه الدستوري ووزير التنمية الإدارية الأسبق، نادية الدكروريحيث يؤكد أن منصب رئيس الوزراء في مصر لا توجد له أي سلطات حقيقية بالإضافة إلي عدم قبول الدكتور البرادعي تولي مثل هذا المنصب في ظل الأوضاع الحالية للنظام المصري.
اقرأ أيضا: 10 أسئلة و20 إجابة بعد عودة البرادعي إلى مصر