أثارت البلاغات المقدمة ضد منظمات المجتمع المدني حفيظة بعض القائمين عليها، ففي الوقت الذي تؤكد فيه المفوضية الأوروبية علي مشروعية التمويل وعلانيته، وأن المبالغ المقدمة منشورة ومعلنة على الملأ لأي شخص يرغب في البحث عنها، تجري نيابة أمن الدولة العليا تحقيقات موسعة حول عدة بلاغات مقدمة ضد تلك المنظمات،والتي إتهمت عددا من المنظمات والجمعيات الأهلية، بتلقي تمويلات من جهات أجنبية. قال "أحمد سميح"- مدير مركز الأندلس للتسامح ومناهضة العنف- أن التمويل مشرع في دول أوروبا وأمريكا، ولا توجد أية معايير لتمويل المنظمات، المعايير هي التي تضعها المنظمات لنفسها، مشيرا إلي أن هناك العديد من المنظمات الأوروبية تأخذ تمويل من منظمات أمريكية والعكس. وأضاف "سميح" أن التمويل لابد أن يكون في دول نامية، المنظمات في الخارج لها حرية التنظيم، ولا توجد قوانين تنظم العمل الأهلي هناك، غير الإشهار، وتوضيح أهداف المنشأة من خلالها الجمعية، إضافة إلي أن المجتمع يسمح إلي التمويل من أي جهة، موضحا أنه من الممكن أن تأخذ بعض الجمعيات الأهلية في دول أوروبا وأمريكا تمويلا من مصر، إذا أقامت وزارة الخارجية مشروعا يهدف مثلا إلي نبذ العنصرية وتحسي صورة العرب والمسلمون هناك. وأكد "سميح" علي أهمية دخول المبالغ المقدمة عن طريق النظام المحاسبي العالمي، للتأكد أن تلك الأموال لم تجمع من المخدرات أو غسيل الأموال. وأوضح "سميح" أن هناك أنواعا عديدة من المؤسسات، منها مؤسسات شخصية هدفها تقليل نسبة الفقر، أو شن حملات توعية ضد أمراض مثل الإيدز، مثل بيل جيتس صاحب شركات مايكروسوف الذي يتابع تلك القضية منذ عدة سنوات،وجهات مانحة تساعد جهات مانحة صغري تهدف إلي نشر الديمقراطية في بعض الدول ذات النظم القمعية، بالإضافة إلي مؤسسات مانحة حكومية مثل الدنمارك والسويد والتي تقوم بتوزيع الأموال على المؤسسات من قبل التعاون الدولي. أكد المحامي والناشط الحقوقي "محمد زارع"- مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي- على مشروعية تمويل منظمات المجتمع المدني، موضحا أن الحملة الموجودة حاليا هي حملة مفتعلة،تعود عليها النظام السابق قرب مواعيد الإنتخابات،وحين يعلو صوت المنظمات التي تتكلم عن حالات التعذيب أو الإنتهاكات الحقوقية. وأضاف "زارع" أن منظمات المجتمع المدني يتم تمويلها منذ عشرين عاما تحت رقابة النيابة العامة والمخابرات، وأمن الدولة. ورأي "زارع" أنه لو رأت الحكومة أن هناك خطورة من تلك المعونات فليتم إعلان مرسوم قانون يحذر أي تمويل من أي جهة خارجية علي أي من المؤسسات بما فيها المراكز البحثية، والجامعات المصرية، والصرف الصحي، والري. أما المحامي "أحمد راغب" ومدير مركز هشام مبارك إعتبر تلك الهجوم بمثابة محاولة لإغتيال العمل الأهلي والحقوقي في مصر، وتهديد القائمين عليه، مضيفا أن تلك الأشياء لم تحدث في عصر مبارك، موضحا أنها تعبر عن التراجع في السياسات الحكومية المتعلقة بالمجتمع المدني من جانب الحكومة الحالية. وأكد "راغب" علي ضرورة إجراء حوار لرفع القيود المشروطة علي التبرعات التي تأتي للمجتمع المدني، ومحالة خلق طرق تمكن المجتمع المدني من تمويل نفسه. كما شدد "راغب"علي ضرورة توضيح سياسية الحكومة من التمويل الأجنبي خصوصا أن الدولة أصبحت أكبر متلقي للتمويل الأجنبي. وأوضح "راغب" أنه قد يكون هناك خلط بالأوراق بين المنظمات التي لعبت أدوارا لمساندة الدولة وتشويه صورة المنظمات التي تخدم المجتمع، مضيفا أن هناك منظمات تتلقى دعم من المعونة الأمريكية،والتي تعتبر مفارقة كبيرة أن الدولة لم تاخذ ضدها أي إجراءات مثل فريدوم هاوس علي سبيل المثال. وأضاف "راغب" أن ذلك قد يكون تمهيدا لوقف دوري منظمات المجتمع المدني ضد الإنتهاكات والتعذيب، والمحاكمات العسكرية للمدنيين. وأعتقد "راغب" أن الحكومة ستكون حذرة جدا قبل أن تتخذ أي إجراءات ضد المنظمات التي تخدم حقوق الإنسان وسيادة القانون في مصر.