موعد مباراة جيرونا ورايو فاليكانو في افتتاح الدوري الإسباني 2025-2026 والقنوات الناقلة    من هو معلق مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام في السوبر الأوروبي 2025؟    من موعد التدريب إلى أزمة ديانج، سيد عبد الحفيظ يفند أخطاء ريبيرو مع الأهلي (فيديو)    الحماية المدنية تنفذ شاب في انهيار بئر بقنا    فرنسا وألمانيا وبريطانيا: سنفرض عقوبات على إيران إذا لم تعد للمفاوضات بحلول نهاية أغسطس    ارتفاع عالمي.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 13-8-2025 وتوقعات مهمة لمن يخطط للشراء    البطاطس ب 10 جنيهات.. أسعار الخضار والفاكهة الأربعاء 13 أغسطس 2025 في أسواق الشرقية    محاولات جديدة من قبل دولة الاحتلال لترحيل أهالى غزة.. جنوب السودان الدولة الجديدة فى حسابات حكومة نتنياهو.. زيارة مرتقبة لوفد إسرائيلى إلى جوبا لبحث الأمر وسط رفض مؤسسات دولية عديدة.. وأمريكا تساند الاقتراح    وسام أبو علي يعلق على رسالة كولومبوس كرو بشأن انضمامه للفريق    عاجل| أمريكا تستعد لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    مصطفى كامل ل أنغام: عفا الله عما سلف    تفشي عدوى بكتيرية في فرنسا يحتمل ارتباطها بالجبن الطري    وحدة لاستقبال طلبات المستأجرين.. الإسكان توضح تفاصيل المنصة الإلكترونية لحجز شقق الإيجار القديم    حماس: نثمن جهود الرئيس السيسي في مجمل القضايا.. وعلاقتنا بمصر ثابتة وقوية    الحوثيون في اليمن: تنفيذ عملية عسكرية بست مسيرات ضد أهداف إسرائيلية    رسميًا.. قائمة أسعار الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية 2025/2026 «تفاصيل وإجراءات الصرف»    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بعد الهبوط العالمي.. قائمة ب10 بنوك    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة بيراميدز والإسماعيلي بالدوري المصري    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    عباس شراقي: بحيرة سد النهضة تجاوزت مخزون العام الماضي    خشب المسرح أخده ونزل، لحظة سقوط فنان أسباني شهير أثناء حفله في الأرجنتين (فيديو)    البيت الأبيض: اجتماع ترامب وبوتين فى ألاسكا "تمرين استماع"    11 لقبًا يُزينون مسيرة حسام البدري التدريبية بعد التتويج مع أهلي طرابلس    مرشحو التحالف الوطني يحسمون مقاعد الفردي للشيوخ بالمنيا    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    نيوكاسل الإنجليزي يعلن التعاقد مع لاعب ميلان الإيطالي    منتخب 20 سنة يختتم تدريباته لمواجهة المغرب وديًا    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    نشرة التوك شو| زيارة تاريخية للرئيس الأوغندي لمصر.. و"موسى" يهاجم مظاهرة أمام السفارة المصرية بدمشق    للحماية من هبوط الدورة الدموية.. أبرز أسباب انخفاض ضغط الدم    ممنوعة في الموجة الحارة.. مشروبات شهيرة تسبب الجفاف (احذر منها)    الدكتور حسين عبد الباسط قائماً بعمل عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجنوب الوادي    «حماس» تشيد بدور مصر الثابت في دعم القضية الفلسطينية    وزيرا خارجيتي السعودية والأردن يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    6 بنوك تتصدر ترتيب المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    طريقة عمل شاورما اللحم فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهزة    الصحة تشيد بالأطقم الطبية بمستشفيات الشرقية لنجاحها فى إجراء عمليات معقدة    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    متلبسًا بأسلحة نارية وحشيش.. ضبط تاجر مخدرات في طوخ    البنك العربي الأفريقي الدولي يرفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية والعملات الأجنبية للسفر والشراء    الزراعة: حملات مكثفة على أسواق اللحوم والدواجن والأسماك بالمحافظات    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول دعوة المثقفين للتصدي للتطرف والفتنة الطائفية
نشر في الدستور الأصلي يوم 31 - 01 - 2010

في الأسبوع نفسه الذي دعا فيه الرئيس مبارك المثقفين، للتصدي للتطرف والفتنة الطائفية، صدر حكم قضائي بتغريم الدكتور جابر عصفور 150 ألف جنيه لصالح أحد المشايخ، وقبلها بأيام منعت نقابة الصحفيين الدكتور نصر حامد أبو زيد من عقد مؤتمر صحفي يتحدث فيه عن وقائع منعه من دخول الكويت للمشاركة في مؤتمر هناك، ومازال الدكتور نصر نفسه يعيش في المنفي الاختياري بسبب حكم قضائي صدر بتفريقه عن زوجته الدكتور ابتهال يونس. وفي الوقت نفسه الذي تخوض فيه المؤسسات التعليمية المصرية معركة النقاب من دون نجاح يفتي نجل الشيخ عبد العزيز بن باز، بأن قيادة المرأة السيارة هي من قضايا الحريات وليست محرمة دينيًا. أي أننا نتراجع هنا، في الوقت الذي يتقدم فيه الذين نتهمهم بأنهم صدروا لنا التطرف ومن يتابع ما يحدث في مصر منذ سنوات سيجد أن مواجهة التطرف والفتنة الطائفية، لا تحتاج إلي سجالات بين المثقفين والمتطرفين، أو صدور بيانات تدين مشايخ التطرف أو تدعو إلي الدولة المدنية، وإنما إلي إرادة سياسية من الدولة ذاتها التي يحكمها الرئيس مبارك. فحتي الآن لم تسع الدولة إلي تغيير البيئة التشريعية التي تسمح بنمو التطرف والفتنة الطائفية، ومازالت أجهزة نافذة بها تلعب علي صيغة التوازن بين المتطرفين والمثقفين، ونقدم مثالاً كاشفًا يتعلق برفض الدولة إلغاء القوانين التي تسمح للمتطرفين بالحسبة، وبدلاً من إلغاء ذلك غيرت الإطار بحيث أصبح «المحتسب » بدلاً من التوجه مباشرة إلي القضاء عليه التقدم ببلاغ إلي النيابة. ومازالت وزارة الداخلية ترفض الإفراج عن المدون كريم عامر المسجون في قضية رأي، رغم قضائه ثلاثة أرباع المدة، في الوقت الذي تفرج فيه عن تجار المخدرات الذين يقضون ثلاثة أرباع المدة. فكيف يمكن للمثقفين المشاركة في التصدي للتطرف، والدولة وضعتهم رهائن لدي المتطرفين بواسطة القوانين التي ترفض تعديلها.
ومن الأسف أننا أصبحنا نري قدرًا من الحكمة والعقلانية لدي مجمع البحوث الإسلامية في التعامل مع المنتجات الفكرية ولم تعد المصادرة هي القاعدة والإباحة هي الاستثناء، في الوقت الذي أصبحت فيه الرقابة علي المطبوعات الأجنبية التابعة لوزارة الإعلام هي التي تتشدد في مواجهة الكتب التي تستوردها المكتبات، حيث أصبحت تصادر عشرات الكتب كل شهر ومنها كتب لا تتناول أيًا من المحرمات الثلاث أي الدين والجنس والسياسة، فكيف يتشكل لدينا وعي ناقد، في ظل هذا المناخ الرسمي الكابت لحريات الفكر والتعبير.
ومن يتابع الحركة الفكرية المصرية وتنظيمات المجتمع المدني سيجد أنها قدمت العديد من المشروعات والمطالب والاقتراحات التشريعية التي ترفض حكومة الحزب الوطني، الذي يتزعمه الرئيس مبارك الاستفادة منها، من أجل تجفيف منابع التطرف والفتنة الطائفية. فهل المثقفون هم الذين سعوا إلي الرضوخ لمطالب دينية وإلغاء تدريس رواية الأيام لطه حسين من مناهج التعليم، وهل هم الذين يسيطرون علي أجهزة التليفزيون التي تمتلئ بالبرامج التي تروج للخرافة وتغييب العقل، والتي حولت الدين إلي مجرد طقوس، ولا تهتم بالجوانب الروحية فيه. وهل المثقفون هم الذين يحولون دون إقرار القانون الموحد لدور العبادة الذي أقره المجلس القومي لحقوق الإنسان، و توافقت عليه معظم منظمات المجتمع المدني؟. لقد قدم المثقفون ما عليهم في صورة مشروعات ومطالب لكن تأبي الدولة أن تنفذها، لأنها تجيد لعبة التوازن بين الأطراف المختلفة حتي تظل مسيطرة علي المجال العام، وحتي يظل المثقفون رهائن لديها، وحتي تقنع قوي التطرف أنها هي التي تقف بجانبهم، ومن يتابع جلسات مجلس الشعب سيجد أن المجال الثقافي هو الوحيد الذي يحدث فيه توافق بين نواب الحزب الوطني ونواب الإخوان المسلمين وقوي التطرف خارج البرلمان، أما المجالات الأخري فعادة ما يحدث بينهم اختلافات قد تصل أحيانا إلي الاشتباك بالأيدي أو تبادل الشتائم.
لقد راح من المثقفين شهداء وشرد آخرون وتم اختيارهم للمنفي، وسجن واعتقل مجموعة ثالثة بسبب سياسة الدولة وبعد ذلك يريد الرئيس منهم أن يقفوا معها، وكأن هؤلاء مرضي بالمازوشية، فكيف يقفون مع سلطة تعادي الثقافة والمثقفين، لقد صدرت عشرات الأحكام بالإفراج عن «المثقف » مسعد أبو فجر، ولا تريد الداخلية أن تنفذها، وطالبت العديد من المؤسسات الثقافية سواء الرسمية أم الأهلية وزارة الداخلية بالإفراج عن «المثقف المعتقل » لكنها لا تستجيب، وهو أمر يوضح عدم احترام أجهزة الدولة للمثقفين ومؤسساتهم، ثم تطالبهم الأخيرة بالوقوف في مواجهة التطرف.
إن الدولة تريد من المثقفين ليس التصدي للتطرف والفتنة، لأن ذلك يتم بالفعل عبر آليات متعددة لا تستجيب لها الدولة، وإنما أن يدخلوا في سجالات وخناقات مع قوي التطرف، في الوقت الذي تقف فيه هي علي الحياد، تتفرج عليهم ثم تتدخل في النهاية لتحقيق مصالحها هي وليس مصالح المجتمع. بل حتي ولو افترضنا أنها تريد من المثقفين أن يمارسوا دورهم في تنوير المجتمع، فعلينا أن نتساءل عبر أي آليات، فهم يغيبون تمامًا عن وسائل الإعلام التي تحتكرها الدولة، في الوقت الذي تتاح فيه الفرصة لكل ماهو تافه وسطحي وخرافي معادٍ للعقل. بل أصبحت وسائل الإعلام هذه فرصة لتلميع عناصر الحزب الوطني وطرح أفكاره منفردا، ومعظمها أفكار تعادي الثقافة والمثقفين. بل إن الحزب أصبح يهتم بأن يضم إليه شبه مثقفين معلبين ساعين إلي الاستوزار أو الحصول علي المناصب الكبري، عبر آليات وأدوات من المفروض أن يعاديها المثقفون مثل التعاون مع أجهزة الأمن، أو التنظير لأقوال تافة لقيادات الحزب.
بالطبع علي المثقفين التصدي للتطرف والفتنة الطائفية، لكن باعتبار أن ذلك مشروع يخصهم، وليس باعتبار أن الدولة تريد ذلك، وباعتبار أن مصلحة المجتمع تتطلب ذلك، وبالتالي فعليهم أن يكونوا قوة ثالثة بين التطرف والاستبداد الذي يمثله الحكم الحالي، الذي لا يريد أن ينهي التطرف عبر آليات معروفة ومجربة وهي إنهاء الوضع الاستبدادي لنظام الحكم، فكل من التطرف والاستبداد يغذيان بعضهما البعض وينتجان الفتنة الطائفية، وعلي أي مثقف أن يدرك هذا الأمر البدهي قبل التورط في الدخول في تحالف مع النظام الاستبدادي، لأنه بذلك يكون مساعدًا علي التطرف والفتنة وليس مواجهًا لهما.
وعلي المثقفين أو المؤسسات الثقافية المدنية التي بح صوتها من المطالبة بتطبيق بدهيات القضاء علي التطرف ومواجهته أن يتقدموا خطوة إلي الأمام في معركتهم بطرح مطالب تتعلق بالتصدي للاستبداد والقضاء عليه من أجل نجاحهم في مهمتهم الأساسية المتعلقة بالتصدي للتطرف والفتنة الطائفية. إن معركة المثقفين ذات بعدين واتجاهين هما التصدي للاستبداد المتمثل في النظام السياسي الحالي الذي يرفض الإصلاح السياسي والديمقراطي والتطرف الذي يسعي إلي القضاء علي هامش الحرية الفكرية الضئيل المتاح لهم، وعليهم أن يوجهوا الاثنين معا وبتوازٍ وليس التحالف مع جناح ضد آخر، لأنه بمجرد إدراكه أنه لم يعد في خطر سيلتف إليهم للقضاء عليهم ولنا في التاريخ عبر كثيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.