«تنسيق الجامعات 2025».. ننشر شروط تقليل الاغتراب للمرحلتين الأولى والثانية    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    محافظ الغربية يبحث دعم العملية التعليمية وتطوير المعاهد بالمحافظة    وزير الري: تنظيم 396 نشاطا تدريبيا بمشاركة 11051 متدربًا    وزيرة التنمية المحلية تعتمد حركة محلية محدودة تتضمن 12 سكرتير عام وسكرتير مساعد فى 10 محافظات    تسليم عقود تقنين أراضى الدولة بدمياط    حركة تجارية ضخمة في ميناء دمياط تعزز الاقتصاد الوطني    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    «الغرف التجارية» تكشف خطة الحكومة لتخفيض الأسعار على المواطن    إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة 18 و19 الجاري    حالات إخلاء الوحدات السكنية طبقًا لقانون الايجار القديم.. ما هي؟    مسئول بالكرملين: تسوية الأزمة الأوكرانية على رأس جدول أعمال قمة بوتين وترامب    فرنسا ترسل تعزيزات لدعم إسبانيا في مكافحة الحرائق    تعديل موعد مباراة المصري وطلائع الجيش في الدوري    موعد مباراة ليفربول القادمة والقنوات الناقلة    منتخب السلة يواجه السنغال في ثاني مبارياته ببطولة الأفروباسكت    انطلاق منافسات نصف نهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    3 طلاب وسائق.. تفاصيل مطاردة فتاتين على طريق الواحات بالجيزة    محافظ أسوان: وقف ترخيص أي فندق عائم في حالة تسريب مواد ملوثة لمياه النيل    قيمتها 1.5 مليون جنيه.. ضبط موظف بمستشفى لاختلاسه عقاقير طبية    بالأسماء.. مصرع سيدة وإصابة 20 في انقلاب سيارة بطريق القاهرة – الإسماعيلية الصحراوي    القبض على مسجل خطر وزوجته بباب الشعرية    ضبط عددا من متجري المخدرات والأسلحة النارية في حملات بالمحافظات    ماركوس عريان يكشف تفاصيل تنفيذ الإعلان الدعائي ل"درويش"    الرئيس السيسي يوجه بالمضي في إعداد الموقع العالمي لإذاعة القرآن الكريم    أزمات الفنانين عرض مستمر.. إحالات للتحقيق وحوادث سير    غدا.. انطلاق «مهرجان القلعة» بحفل ل«وسط البلد»    مركز الهناجر يحتفي بالنيل في عيده بمعرض دولي للكاريكاتير .. صور    «100 يوم صحة» تقدم 45.5 مليون خدمة مجانية خلال 29 يومًا.. صور    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    لتعويض غياب ميندي.. الأهلي السعودي يتحرك للتعاقد مع حارس جديد    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    «تعليم مطروح» تعلن الانتهاء من تجهيزات امتحان الدور الثاني للثانوية العامة    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    أمين عام حزب الله يشكر إيران على دعمها للبنان ومقاومته ضد إسرائيل    شرطة لندن: أكثر من 140 شخصا أبلغوا عن جرائم في قضية محمد الفايد    زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح    غدا.. المركز القومي للسينما يعرض أربعة أفلام في احتفاله بوفاء النيل    مصلحة الضرائب: التيسيرات الجديدة تستهدف دعم المشروعات الصغيرة    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    رئيس هيئة الدواء المصرية يبحث مع سفير ناميبيا لدى مصر تعزيز التعاون فى قطاع الدواء    تبلغ ذروتها اليوم.. 8 نصائح مهمة من الصحة لتفادي مضاعفات الموجة الحارة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    أبي.. وأبي الروحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    ب3 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق داخل شقة في منطقة النزهة    سعد لمجرد يحيي حفلًا ضخمًا في عمان بعد غياب 10 سنوات    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد سعيد محفوظ يكتب: إلى سكان الحي الرمادي
نشر في الدستور الأصلي يوم 09 - 02 - 2011

لماذا تخشى الثورة؟ لماذا تعتقد أنها مرادف للفوضى؟ لماذا تصدق من يريد إقناعك بأنها ستأتي لك بمن هو أسوأ؟ لماذا تنظر إلى من يقومون بالثورة على أنهم مخربون.. وإلى من يهتفون ضد النظام، على أنهم يقوّضون الأمن والاستقرار؟
أنت من القلة التي يشغلها رغيف الخبر أكثر من الحرية.. لا تعلم أن هذه الحرية هي الضمان الوحيد للقضاء على الفساد، وأنها هي التي تكشف انحرافات المسؤولين وأصحاب النفوذ، وتقطع أي يد تجرؤ على المساس بنصيبك من ثروة البلاد.. الحرية هي التي تسمح للإعلام بمحاسبة الحكومة، وهي التي تكفل استقلال القضاء، وهي التي تحمي صناديق الانتخاب من التزوير، وهي التي تجعل الحاكم يفكر ألف مرة قبل أن يخون شعبه، ويسرق منه مليماً واحداً..
أنت لستَ سعيداً.. تتطلع إلى حياة أفضل، ومعيشة أرحب، ورزق أوفر.. لكنك قلق من مغامرة التغيير.. بينك وبين نفسك تتمنى للثورة أن تنجح، لكن نداءاً خفياً بداخلك يشكك في تأثيرها، ويبالغ في قدرة النظام على قمعها أو الالتفاف عليها.. تحسد الثوار على شجاعتهم، لكنك تفكر دائماً في أمك وزوجتك وابنتك.. تعرف أنك مسروق ومظلوم ومقهور، لكنك تردد: ما باليد حيلة!.. تريد أن تنطلق نحو المستقبل، لكن قدمك ثابتة لا تتزحزح خطوة واحدة من على أرض الحاضر..
لديك قناة الجزيرة، لكنك مأخوذ بالتليفزيون المصري.. ترغب في معرفة الحقيقة، والاستماع إلى الرأي الآخر، لكنك ألفت أكاذيب الحكومة، وتعودت على وجوه منافقيها.. لا ينقصك الذكاء، لكنك لا تقارن ما يقوله الإعلام الرسمي بالواقع.. لا ترى في القنوات الفضائية الخارجية مبرراً لهدم النظام أو التآمر عليه، لكنك لا ترفض اتهامها بالعمالة.. تدرك أن اتهامات الحكومة لا تستند لأدلة، لكنك تقول: ما فيش دخان من غير نار! تثق بأن أقطاب النظام فاسدون، لكنك ما زلت تسلمهم ذقنك، وتحرر لهم شيكات على بياض..
تدقق النظر في وجوه الثوار، وتقول في ارتياح: هذا يبدو إخوانياً، وذاك يبدو جهادياً.. هذه تبدو سافرة، وتلك تبدو أجنبية.. تفسر ثورتهم على أنها تطبيق حرفي لأجندات خارجية، تظهر مالا تبطن، وتدخر لنا المصائب والكوارث.. ترجح أن لكل من هؤلاء الثوار ثأر شخصي مع الحكومة.. فربما سُجِن لهم قريب، أو عُذّب لهم صديق، أو خسروا في انتخابات، أو تجاوزتهم فرصة للترقي.. فإذا لم يكن كذلك، فلابد أنهم تقاضوا أجراً عن تشويه صورة مصر من أحد خصومها الكثيرين، أو نالوا وعداً بالسلطة إذا ما أطاحوا بالنظام.. أو قد يكونوا جاهلين ومندفعين، لا يحسبون للمستقبل حساباً، وسوف يندمون ويترحمون على هذا العهد يوماً ما، عندما تفلت الأمور، وتسقط البلاد منهم في الدمار والاضطرابات..
تميل إلى هذه الأفكار رغم سذاجتها.. لا تملك عليها دليلاً، لكنك تبلعها، وتهضمها، بل وتروج لها بين أصدقائك وأفراد أسرتك كي تتستر بهم، فلا ينكشف إهمالك وتقصيرك.. تتظاهر بالحكمة وأنت تبرر لنفسك هذا التضليل على أنه درع يقي من الأذى المحتوم.. فالمعرفة وقود الغضب، والغضب مؤلم وفاجع وثقيل الوطأة، وقد يدفع صاحبه للثورة، ومن ثم إلى المعتقل والتعذيب والإهانة، مخلفاً أسرته فريسة للضياع، ولن يغير ذلك في النهاية من الواقع شيئاً.. فلننعم إذن بالجهل، ولنُخف من المعلومات ما نستطيع، ولنغض الطرف عما نعرف، ولنشوه الحقائق، ولنزيف التاريخ.. هكذا ننجو، وهكذا نعيش في سلام..
هذه هي حيثيات إحجامك عن الانخراط في الثورة، ودعايتك المضادة لها، وسخطك على من أشعلها وشارك فيها.. لا مؤاخذة يا عزيزي، أنت مغفل! فكر قليلاً، وأنت تتأكد من ذلك.. حاول أن توسّع نظرتك لتشمل العقود الثلاث السابقة، وتذكر: كم من الفرص ضاعت؟ وكم من الأموال سرقت؟ وكم من الأبرياء سقطوا؟ وكم من الفاسدين صعدوا؟ وكم من الأطهار قُمعوا؟ أنت تعيش في الظلام، ولطالما تمنيتَ بصيصاً من النور يهديك إلى طريق الخلاص.. ثم جاءتك الثورة مكافأة على الصبر، وثمرة للانتظار.. إنها الأمل يحلق فوق رأسك، فإما أن تتعلق به، أو أن تقذفه بالحجارة.. البقاء في المنطقة الرمادية لا يختلف كثيراً عن إفشال الثورة، الذي لا يعمل عليه سوى دعاة الظلم والفساد.. فلا تكن منهم، واحزم متاعك، وغادر فوراً ذلك الحي الرمادي، فميدان التحرير في انتظارك...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.