أضرم الشاب التونسى محمد بو عزيزي النار فى جسده بعدما صفعته شرطية نظام زين العابدين على وجهه وهو يبيع الخضروات بعدما فشل فى أن يجد عملا بعد تخرجه من الجامعة إحتد بوعزيزي يأسا وقرفا وكرامته تهان بدعوى عدم حصوله على ترخيص بالبيع!!ٍٍ فكان جسده النحيل قربانا لنيل الحرية للشعب التونسى العظيم وفى ايام معدودات يهرب زيد العابدين وزجته وابنته كالفئران المزعورة ، خرج الشعب التونسى بمختلف طوائفه يهتف فى نفس واحد ( برة ) ليزلزل الدماء الباردة فى جسد جميع الشعوب العربية ، ويوم بعد يوم تكشف الأحداث عن مواقف رائعة لأفراد عديدة من الشعب التونسى ليس لها علاقة بالعمل السياسى ولا كانت يوما من نجوم المعارضة ، منهم من رفض أن ينصاع لأوامر أمن دولة الديكتاتور الفاسد بأن يشهر السلاح فى وجه أبناء وطنه ومنهم من تعقب أفراد عائلة زين العابدين ليحولوا دون مغادرتهم البلاد هاربين وذلك الطيار الشجاع الذى رفض ان يقود طائرةأصهار الرئيس المخلوع وهم يحاولون الهرب ،إحساس بالغيرة والحسرة سيطر علينا نحن المصريون وقد ضاقت الحلقات حد الإختناق ، وما عدنا نطيق أن نسمع أحد سواء ممن باعوا الشرف والضمير وسخروا أنفسهم خدما وعبيدا لنظام مبارك أو ممن يتسللون كالعسس بين جميع الأطراف والتفنن فى المواءمات وعقد الصفقات مسافرين هنا وهناك بين مؤتمر وندوة وإجتماع ولقاء فى الفضائيات كل منهم مكلمة ممثل ومؤدى ومنفعل ومؤثر ومراكب الفساد تسير فى أمان ونحن قابعون فى دروب الفقر والمرض والبطالة والجهل المروع،تحركنا التفاهات ويجمعنا كل ما من شانه أن يفرقنا! مرارة شعرنا بها جميعا كلنا طأطأ الرأس وهو يرى جموع التونسيين تطرد الطاغية فى تناغم له وقع السحر على كل الشعوب العربية المقهورة وفى مقدمتها الجرح الأكبر مصر، إن ما قام به شعب تونس العظيم صدع مشاعر اليأس والإحباط وقد ظننا أنهما إستوطنا فى نفوسنا جميعا ، لكن الأسئلة على الشفاه تأبى أن تٌبتلع فى الحلوق ، هل صحيح أن حالة التنفيس بالنفخ فى الأرب المقطوعة ! والآذان فى مالطة هما السبب فى حالة حراك الشارع المصرى خطوة إلى الأمام ثم خطوات إلى الخلف ! أم أن حالة من التخبط أصابت جميع الأطراف والأطياف ولعب أمن الدولة على هذا التخبط ودعمه وذكاه ؟ لا أدرى ، لكنى أتصور أن حالة الفوران التى تسرى فى عروق شبابنا تختلف وتتجاوز رؤية مثقفينا وكتابنا ،وأتصور أيضا أنهم لن يعدموا وسائل مبتكرة للتحايل على بطش أمن الدولة الرهيب ، حتى لو إستلزم الأمر أن نهتف بسقوط النظام من شرفات منازلنا ونرفع عليها شعارات التغيير والحرية ،لقد أبا المواطن التونسى أن يحيا بالخبز وحده ، وعلى المواطن المصرى أن يدرك أن الخبز المصرى ( إذا ما تحصل عليه !) يجب أن يٌحسن بالحرية ، إننا بحاجة ماسة أن نعلن حزبا للأغلبية المصرية من أسر ضحايا العبارة وٍ التعذيب والطرق والقطارات ، ضحايا البطالة والفساد والإهمال ، ضحايا الأمية والخطاب الدينى الفاسد ، جرائم النظام لا تعد ولا تحصى وكل الذين يتعاونون معهم ويستفيدون منهم يجب أن يوضعون فى نفس الدرك الأسفل فى نفوس المصريين بل إنهم أشد خطرا من النظام نفسه ، فلقد زورا إرادة المصريين وسخروا ثقافتهم للتدليس على الحقائق ولى ذراع القانون والتحايل على أرزاق الناس بالباطل ، إن من أكثر المشاهد إثارة قبيل الإطاحة بالطاغية زين العابدين وقوفه وجها لوجه أمام بوعزيزي قبيل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ليتنفسها شعب بأكمله ويدب فيها الحياه بينما كان زين العابدين يلفظ أمامه ذليلا سويعات رئاسته الأخيرة ! كل منا جال بخاطره هذه اللحظة القدرية الرهيبة كم من الأجساد والأرواح ؟ وكم من الأخطاء والخطايا ستواجه رئيسنا أمد الله فى عمره من أجل هذه اللحظة يارب آمين