مصر تعلن بدء إنتاج البترول من حقلين جديدين الشهر المقبل    الصين تبلغ مصر: النزاع بين إسرائيل وإيران قد يخرج عن السيطرة    تحديات وجودية.. النظام الإيراني يناضل من أجل البقاء    مانشستر سيتي يستهل مشواره في مونديال الأندية بثنائية أمام الوداد المغربي    مجانًا.. إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالقاهرة في المدارس    بسبب 50 جنيهًا.. شاب يقتل لصًا حاول سرقته في مدينة نصر    تأجيل محاكمة متهمي "حزب الاستقلال"    فيلم يتحدى علاقة إيران وإسرائيل المحرمة    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تمارس «هندسة إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين وسط صمت دولي    في حضور رئيس مجلس الوزراء.. الأوقاف تعلن تدشين منصتها الرقمية.. مدبولي: تسهم في تجديد أسس الخطاب الديني.. والأزهري يوضح استخدام الذكاء الاصطناعي للرد على تساؤلات الجماهير    بعد شائعات الخلاف مع ميدو.. عبد الواحد السيد يكشف ل"أهل مصر" كواليس طلبه الحصول على إبراء ذمة مالية    ننشر موازنة اتحاد الغرف السياحية.. 54 مليون جنيه إيرادات و26 مصروفات    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع سترة السكني    وكيل شباب الفيوم يستقبل لجنة هيئة تعليم الكبار لتفعيل مبادرة "المصريون يتعلمون"    الجبهة الوطنية يقرر إرجاء المؤتمر الجماهيري بالقليوبية    الفنان طارق دسوقي: "الملك لير" تحدٍ كبير وسعيد بوجودي على خشبة القومي    «فات الميعاد».. صفع متبادل بين أحمد مجدي وأسماء أبواليزيد ينهي الحلقة الخامسة    برج العذراء.. حظك اليوم الأربعاء 18 يونيو: احذر التوقعات    فيروز مكي عن تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل: هل اقتربت حرب كسر العظام؟    مينا مسعود يروج لحلقته مع منى الشاذلي بعد عرض فيلمه «في عز الضهر» (مواعيد وقنوات العرض)    من الطفولة للحظات الأخيرة قبل الانهيار.. نور الشريف يتصدر الترند بسبب المنزل الذي نشأ فيه    خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    خالد الجندي يوضح الفرق بين قول "بإذن الله" و"إن شاء الله"    رئيس الرعاية الصحية والعلاجية يتفقد منشآت فرع الإسماعيلية    بعد الإقلاع عن التدخين- إليك طرق تنظيف الرئتين من النيكوتين    نقيب المحامين يحذر حكومة الانقلاب : «الرسوم القضائية» غير قانونية وتمثل عبئًا غير محتمل على المواطنين    استُشهاد وإصابة 27 فلسطينيا بينهم طفل في قصف إسرائيلي بوسط غزة    مان سيتي ضد الوداد.. عمر مرموش يقود تشكيل السيتي في كأس العالم للأندية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر2025    مشروعات تعليمية جديدة في قويسنا ومنوف لدعم المنظومة التعليمية    بيراميدز يقترب من خطف صفقة الأهلي والزمالك (تفاصيل)    جيهان مديح: مصر ستظل دائمًا القادرة على جمع الصف العربي والإسلامي    إيران تمدد تعليق الرحلات الداخلية والدولية حتى فجر غد الخميس    مصطفى يونس يهاجم ريبيرو بسبب زيزو.. ماذا قال؟    منتخب مصر يفوز على السعودية في افتتاح بطولة العالم لشباب اليد    سقوط ديلر مخدرات شبرا الخيمة في قبضة مباحث القليوبية    ضبط 15 ألف عبوة مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع «سترة» بعد تسليمه للمستفيدين    تعرف علي ضوابط إصدار تراخيص إنشاء المواقع الإلكترونية    الحكومة توافق على إنشاء منطقة جرجوب الاقتصادية    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    مدينة الدواء تطلق الموجة الثانية من برنامج Partners في الزقازيق    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    ضبط 79 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات مكثفة على الأسواق بالفيوم    محافظ القليوبية يعقد لقاء المواطنين الأسبوعي للتواصل معهم وحل مشاكلهم بشبين القناطر    خبيرة الطاقة: «الساعة الذهبية قبل مغرب الجمعة» طاقة روحانية سامية    فليك يجتمع مع شتيجن لحسم مصيره مع برشلونة    حكم ضمان ما تلف فى يد الوكيل من أمانة.. دار الإفتاء تجيب    الأمم المتحدة تدين إطلاق النار على مدنيين يبحثون عن الطعام في غزة    أمين الفتوى: الأمانات بين الناس لا تسقط بالوفاة ويجب أداؤها لأصحابها أو لورثتهم    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    حبس مدرسة حاولت تسريب امتحان الثانوية العامة فى الشرقية    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    الأرصاد تكشف عن ارتفاع درجات الحرارة ابتداء من الجمعة    وكيل لاعبين: الزمالك أهدر 300 مليون جنيه من صفقة انتقال "زيزو" ل نيوم السعودي    ترامب يجتمع بكبار المستشارين العسكريين لبحث تطورات الصراع الإسرائيلي الإيراني    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



678 رؤية سينمائية بليغة عن ظاهرة التحرش وثقافة دفن الرأس فى الرمال
نشر في الدستور الأصلي يوم 20 - 12 - 2010

يحسب للفيلم رغم أى ملاحظات انه لم يتاجر بقضية التحرش ولم يكن مدعياً وهو يطرحها
مناقشة قضية التحرش فى فيلم 678
قليلة تلك الأفلام التى تترك أثراً باقياً داخل المشاهد بعد مغادرته قاعة العرض، هناك أفلام مسلية وممتعة للغاية داخل قاعة السينما ولكن أثرها لحظى ويخبو تماماً بعد كلمة النهاية، أما الفيلم الذى يظل منه شىء ينير داخل العقل وينبض فى الوجدان بعد مشاهدته فمن المؤكد انه نجح فى مس عصب ما بالواقع ونقله الى خانة الابداع الفنى، وفيلم 678 من النوعية الأخيرة، قدم فيه مؤلفه ومخرجه "محمد دياب" جرعة مرة من الواقع، تحدث عن قضية شائكة وجارحة برؤية فنية لا تخلو من نبل ووعى، جمع فى فيلمه بين الرصد والكشف وبين التحذير والترهيب من استفحال ظاهرة التحرش الجنسى وتحولها الى وحش لا يمكن السيطرة عليه خاصة مع استشراء ثقافة الصمت عن الحق ودفن الراس فى الرمال.
الفيلم من خلال سرد سينمائى ملخص حوًل تلك الحوادث الى واقع انسانى حقيقى مشحون بمشاعر الألم والغضب والاحباط، وقد نجح فى النهاية فى أن يفضح ويجرح ويغوص فى المشكلة يساعده حالة ألق خاص شملت أغلب الممثلين بالاضافة الى اجتهاد فى التعبير بالصورة وبايقاع المونتاج والموسيقى، الفيلم هو التجربة الأولى للمخرج واختياره الجرىء لطرح درامى قوى ومتماسك يبرز قدرة السينما على عكس الواقع برؤية سينمائية لها خصوصيتها.
الفيلم يرصد ردود فعل 3 فتيات تعرضن للتحرش فى مواقف مختلفة، هن من طبقات اجتماعية وثقافية مختلفة الأولى زوجة الطبيب صبا "نيللى كريم" وموظفة الشهر العقارى فايزة "بشرى" وممثلة الاستاند اب كوميدى الشابة نيللى "ناهد السباعى"، ردود الفعل اختلفت ربما تبعاً لثقافة ونفسية كل منهم، اختارت زوجة الطبيب وهى من طبقة أرستقراطية تحويل مآساتها الى ندوات نسائية عامة تناقش الظاهرة وطرق مقاومتها، أما الممثلة الشابة وهى من طبقة متوسطة فقد طاردت من تحرش بها وقبضت عليه بمساعدة الجيران، وأصرت على أن تقدم المتحرش الى العدالة فى قضية تناولتها الصحافة علناً، أما أكثر النساء ضعفاً وهشاشة فهى الموظفة المحجبة التى عانت أثار التجربة حتى كرهت ممارسة العلاقة الطبيعية الحميمة مع زوجها، ولجأت لاحقاً الى الانتقام من المتحرشين بطعنهم فى منطقة حساسة من أجسادهم وسط زحام الأوتوبيس، وهو الأمر الذى ينقل مسار الدراما فى الفيلم فى لحظة ما إلى منطقة بوليسية نرى فيها ضابط المباحث "ماجد الكدوانى" المشغول عن زوجته الحامل والمنهمك بالبحث عن الفاعل فى قضية طعن المتحرشين، ويقدم الكدوانى الذى يتألق بصورة ملحوظة فى الأدوار الثانية دوره بخفة ظل وتلقائية محافظاً ببراعة على الشعرة الصغيرة بين الشخصية الساخرة والحازمة لضابط المباحث مضيفاً لدوره لمحات انسانية معبرة.
اختار السيناريو أن يتعامل مع القصص من وجهة نظر الضحية، وهى وجهة نظر ضرورية ولكنها تظل تقليدية وأحادية الطرح، وكان أمام الفيلم فرصة تقديم طرح واسع وشامل للقضية خاصة من الزاوية الأصعب وهى الاجابة عن سؤال: لماذا يمارس رجل أو طفل صغير التحرش؟ هو يدين الظاهرة ويكشف ألم ضحاياها لكنه لا يتعمق فى تفسير سلوك المجرم ودور المجتمع فى نمو الظاهرة.
اجتهد "محمد دياب" فى تقديم سيناريو وصورة فنية معبرة، واستخدم خيوط السيناريو فى سرد حكايات الشخصيات بشكل دائرى ومتشابك، نراه يركز على مشهد واحد لحادثة التحرش بفايزة ينتهى بوخزها المتحرش بدبوس ونزولها مسرعة من باب الأوتوبيس لتقابلها سيارة ملاكى، ولاحقاً وبعد مشهد غاضب بين صاحب السيارة "أحمد الفيشاوى" وزوجته يصل بسيارته أمام أوتوبيس تنزل منه فايزة مهرولة، ويتكرر نفس المشهد مرة ثالثة فى خلفية حوار بين الممثلة وخطيبها فى البلكونة، ويربط هذا التكنيك الشخصيات والقضية بشكل متضافر، فالظاهرة لا تفرق بين أنثى محجبة أو غير محجبة، فقيرة أو غنية، صنع السيناريو دوامة المشاهد بصورة تؤكد استمرارية المشكلة وتشابك مصير ضحاياها حتى لو كانوا أشخاص غرباء عن بعضهم البعض، وكانت ذروة الفيلم حينما وقفت البطلات الثلاثة فى مشهد مباراة مصر وزامبيا يهتفن مشجعات زامبيا التى فازت بهدف على مصر، فقد حماهم الفوز من حدوث الهرج والتحرش، وتحولت الهزيمة فى نظرهم نوع من التنفيس والانتقام، وعبر المشهد عن الشعور بظلم المجتمع الذى قد ينحرف بالأنثى المقهورة الى حالة تشفى وكره للوطن نفسه، وهذه هى أبلغ رسائل الفيلم واكثرها قسوة.
أداء الممثلات "بشرى" و"نيللى كريم" و"ناهد السباعى" كان معبراً للغاية عن رد الفعل النفسى المختلفة للشخصيات، وقد حصلت "بشرى" على مساحة أكبر على الشاشة من زميلتيها فاستطاعت أن تتفوق وتبرز ردود فعل شخصيتها السلبية ببلاغة تعبيراتها بالوجه والنظرات، وكانت شخصية الممثلة الشابة نيللى هى الأكثر جرأة وايجابية وكانت أكثر شخصيات الفيلم الدرامية ايجابية و قدمتها "ناهد السباعى" بأداء جيد ومعبر خاصة مشهدها على المسرح التى تسخر فيه مما حدث لها بمزيج من التهكم والالم.
الاشارات فى الفيلم كانت أكثر بلاغة من بعض المشاهد، منها اشارة ضابط الشرطة الى كثرة عدد المخبرين، أما مشهد الحوار بين "بشرى" وبين "نيللى كريم" حول الحجاب والملابس المثيرة فقد ظهر به خفوت فى أداء الممثلين بالاضافة الى أن "نيللى كريم" لم تظهر فى الفيلم بأى ملابس مثيرة أو قصيرة تبرر هذا الهجوم التى قامت به ضدها الموظفة المحجبة فقد أعارتها فقط فستان قصير من دولابها.
فساد منظومة الأخلاق ومعايير الخطا والصواب والايجابية والسلبية أمور لمسها الفيلم ولم يمنحها مساحات كافية، ويحسب للفيلم رغم أى ملاحظات انه لم يتاجر بقضية التحرش ولم يكن مدعياً وهو يطرحها، ولهذا يستحق أن ينضم عن جدارة الى القائمة الفقيرة لأهم أفلام عام 2010.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.