منذ الساعة الثانية عشر وعشر دقائق من صباح يوم الثلاثاء 5 أكتوبر 2010 وأنا على شعور واعتقاد يقيني بأن الأستاذ إبراهيم عيسى يعيش أوقاتاً عصيبة تليق بمشاعر أب فقد أحد أبنائه الذي ظل يكبر وينمو أمامه ليصبح علماً من أعلام بلد كثرت فيه النكرات ليأتي الموت ليخطف ذلك الابن الغالي للأبد. إلا أن مكالمة تليفونية أجريتها وأنا في حالة لهفة لسماع ذلك الصوت الذي علمني كل حرف في الصحافه أظهرت وكشفت أن اعتقادي كان خاطئاً، وأن هذا الرجل يستمد قوته من ذكاءه واخلاصه لمبادئه واعتقاداته وايمانه برسالته ودوره ككاتب وصحفي واعلامي فشل الفاشلون في النيل من نجاحه وصدقه الذي يصدقه الناس ولا يستطيعون أن يكذبوه هم! كان صوت الأستاذ إبراهيم عيسى قوياً مرحاً لم يفقد روح الدعابة وخفة الظل التي نعرفه بها ونحبه فيها، لا يمكن أن تشعر بأن هذا الرجل قد تلقى طعنة غادرة بسكين بارد على يد قاتل مأجور منذ يومين فقط! تلك الطعنة التي بلغ عمقها حداً انتفضت له مصر تعبيراً عن جزعها لإعلان وفاة الدستور في حادث اغتيال بشع على يد قتلة هواة لا يعرفون أن الفرسان لا يموتون! يؤمن عيسى ويصدق أن النجاح وسط الفاشلين والصدق بين الكاذبين والشجاعة أمام الجبناء والقوة بين الضعفاء له ثمن يجب أن يدفع ومواقف يسجلها التاريخ ولا يدرك معناها السفهاء الذين لا يعرفون قيمة أن يخلدك التاريخ بطلاً شريفاً على صفحاته التي ستقرأها أجيال قادمة ستفهم أن نشر مقال أو ترويج أكاذيب تافهه لتبرير موقف جبان ما هي إلا شواهد على ضعف حقيقي لمعارضين مروضين. يخطئ من يعتقد أن إبراهيم عيسى قد زلزلته وفاة الدستور أو انتهاء تجربته بهذا الشكل السينمائي الهابط، فالرجل لم يجزع لنبأ اقالته الذي كان يتوقعه من أناس لا يستطيعون مجاراة قوته وجرأته وشجاعته وتخضع قراراتهم للأشعة تحت الحمراء التي تخرج من جهاز ريموت كونترول النظام. لا يدرك هؤلاء أن حجج رخيصة وسيناريوهات عبيطة ستفشل في اقناع محبي الدستور بأن جريدتهم التي أحبوها بصدقها وخفة ظلها وواقعيتها لن تتغير بعد غياب عيسى عنها، فالجميع يدرك أن غياب عيسى عن الدستور هو غياب الروح عن الجسد، وأن تلك المحاولات الإكلينيكية للإبقاء على اسم الدستور بين الصحف لن تصمد حتى وإن زرعوا قلباً لذلك الجسد الميت ليعيش فلن يعود الدستور بقوته وتأثيره إلا بوجود القائد إبراهيم عيسى ومن خلفه فرسانه بأقلامهم وشرفهم وأخلاقهم وجدعنتهم. يظن من يتصورون أنفسهم ناجحين وأذكياء أن معنى نجاحهم في البيزنس سيضمن لهم التفوق في معركة سيكون فيها الخصم هم فرسان شجعان، لا يدرك هؤلاء أن معارك البيزنس وسباقات الصفقات والمناقصات تختلف عن حرب بين الذكاء والغباء، حرب الضمير واللاضمير، حرب الأقوياء بأنفسهم والأقوياء بأموالهم. الأكثر من ذلك أنهم أيضاً لا يدركون أهمية التاريخ، فلو علم هؤلاء كيف خرج عيسى من أزمات سابقة كانوا سيعلمون أن معركتهم خاسرة ومؤامرتهم مكشوفة، وأن البقاء للأقوى برجولته وليس بجيبه! لا يعلم هؤلاء أن الشدائد تخرج رجالاً يستيطعون البناء بقوة تفوق قوتهم السابقة أضعافاً مضاعفة، ومن استطاع بناء "الدستور" ليدخل به التاريخ، يستطيع بناء 100 دستور يدخلون التاريخ أيضاً. حازم فؤاد هو المشرف على صفحة الشئون الخارجية في جريدة الدستور قبل إقالة إبراهيم عيسى