عندما تقرأ - أو تستمع - إلي حوارات وأحاديث الدكتور فتحي سرور.. ستتأكد أنك أمام شخصية تتمتع بخبرة موسوعية في علوم القانون.. أهلته - إضافة لصفات أخري -عن جدارة واستحقاق لتولي منصب رئيس مجلس الشعب طيلة عشرين سنة (دورة برلمانية).. بل وأن يشغل في وقت سابق منصب رئيس الاتحاد البرلماني الدولي وكذلك رئيس اتحاد البرلمانات الأفريقية.. وقد مكنت هذه المعرفة القانونية الرجل من أن يطل علينا شارحًا لمادة شاردة في قانون ما.. وأحيانا أخري مفسرًا لمادة أو أكثر من الدستور المصري. وتفرض طبيعة منصب الدكتور سرور أن يكون حافظًا وعن ظهر قلب مواد الدستور المصري وشروحاته وتفسيراته.. مما يمكنه من دحض أي التباس في الفهم العام للنصوص الدستورية.. وإذا كان في عمر الرجل بقية - أطال الله عمره - فلن تصيبني الدهشة إذا قرأت خبر توليه رئاسة المحكمة الدستورية.. حتي لو كانت القوانين المنظمة لشغل هذا المنصب الرفيع لا تنطبق عليه لكونه ليس عضوًا بالأسرة القضائية. ما سبق هو إقرار واقع واعتراف مني بالخبرات الحقيقية غير المحدودة للدكتور سرور في كل ما هو قانون أو دستور.. لكن أدهشني وأثار عجبي أنه رغم كل هذه الخبرات الواسعة.. فإن الفقيه الدستوري د.فتحي سرور قد عجز عن معرفة مدي الجواز الدستوري في قضية.. تولي عضو مجلس الشعب الدكتور محمد إبراهيم سليمان لمنصب رئيس شركة خدمات البترول البحرية.. بقرار أصدره رئيس الوزراء منذ بضعة أشهر.. حتي كاد أن يسقط في يد هذا العلامة الدستوري ولم يرد جوابًا.. للمذكرة التي تقدم بها النائبان علاء عبد المنعم وجمال زهران للدكتور سرور ببطلان قرار تعيين إبراهيم سليمان. سبب دهشتي أن الدستور الذي يحفظه الدكتور سرور يقول نصًا في المادة 95 ما يلي (لا يجوز لعضو مجلس الشعب أثناء مدة عضويته أن يشتري أو يستأجر شيئا من أموال الدولة.. أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو أن يقايضها عليه.. أو أن يبرم مع الدولة عقدا بوصفه ملتزما أو موردا أو مقاولا). وإذا سألت أحد طلاب السنة الأولي بأي كلية حقوق عن تفسير هذه المادة ومدي تطابقها مع حالة إبراهيم سليمان.. لأفتي فورا ببطلان قرار تعيين الوزير السابق.. ورغم ذلك فإن الدكتور سرور أحال مذكرة النائبين إلي مستشاري مجلس الشعب فاختلفوا حول تفسيرها.. أي أنه كان هناك رأيان في الموضوع.. والمؤكد أن أحدهما كان مع بطلان قرار تعيين سليمان.. إلا أن الدكتور سرور كان له رأي آخر عندما أرسل مذكرة إلي مجلس الدولة لطلب الرأي في تلك القضية.. ولأن الرأي والتفسير الدستوري واضح للعيان.. لذا كان طبيعيًا أن تقرر الجمعية العمومية لإدارة الفتوي والتشريع بمجلس الدولة بعدم جواز تعيين الوزير السابق رئيسا لشركة الخدمات البحرية. والسؤال للفقيه الدستوري الدكتور سرور: كيف لم تصل بعلمك الواسع إلي الرأي القانوني في حالة إبراهيم سليمان وعجزت عن تفسير المادة 95 وانتظرت رأي مستشاريك بل ورأي مجلس الدولة لتوضيح ما هو واضح وتفسير ما هو مفسر؟. دكتور سرور هل عندك إجابة؟!