كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية أمس أن عمليات التشويش التي تعرضت لها قنوات الجزيرة الفضائية الرياضية خلال بثها مباريات كأس العالم لكرة القدم التي جرت في يونيو الماضي كان مصدرها الأراضي الأردنية. وأوضحت الصحيفة أن الوثائق السرية التي اطلعت عليها حصرياً تتبعت خمس نقاط للتشويش بالقرب من السلطة في الأردن، إلي الشمال الشرقي من العاصمة عمان، والذي أكدت فرق فنية أنه تم باستخدام تكنولوجيا تحديد الموقع الجغرافي. وأكد محرر الشئون السياسية في الصحيفة أيان بلاك كاتب التقرير أن الوثائق التي استندت إليها صحيفته في زعمها أن الأردن كانت مصدر التشويش «موثقة ولا تقبل الدحض وباتت معروفة للجزيرة وإدارتها». واستبعد بلاك أن يتم ذلك التشويش دون علم من السلطات الأردنية، مستنداً في ذلك إلي رأي الخبراء. وربطت الصحيفة بطريقة غير مباشرة بين التشويش وانهيار مفاوضات الأردن مع الجزيرة الرياضية لنقل مباريات كأس العالم للمشاهدين الأردنيين. وأوضحت الصحيفة أن الأردن يبدو أنه فعل ذلك انتقاماً من الجزيرة بعد فشل التوصل الي اتفاق يسمح ببث المباريات مجانا لمواطنيه. وحسب الصحيفة البريطانية فإن التشويش انطلق من مكان قريب من مدينة «السلط» الأردنية وتحديداً خارج الضواحي الشمالية للمدينة، وتمّ بمعدات متطورة جدا. وكان الملك عبد الله، ملك الأردن المولع بكرة القدم قد أرسل أحد مستشاريه المقربين للاتفاق مع الجزيرة علي بث المباريات في الأردن، وحين فشلت الصفقة قبل بدء كأس العالم اتهم أحد المسئولين القناة بأن موقفها يستند إلي أغراض سياسية ولا علاقة له بأصول الأعمال، فالجزيرة تعاقب الشعب الأردني الذي يسري حب الرياضة في دمه. من جانبها قالت صحيفة «الدستور» الأردنية القريبة من الحكومة: إن الأردن ينفي الاتهامات بالتشويش علي بث «الجزيرة» للمونديال. ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي رفيع المستوي أمس أن الأردن ليس في وارد التشويش علي أي محطة تلفزة عربية أو أجنبية وليس من سياساته ذلك، كما أنه لا يملك مثل هذه الإمكانيات. وأضاف المصدر أنه ليس في وارد الأردن مناكفة أي وسيلة إعلام لأنه يؤمن بحرية الإعلام في الداخل والخارج. وتساءل المصدر عن سبب إثارة هذا الموضوع بعد ثلاثة أشهر علي انتهاء المونديال. من جهته رفض اللواء أحمد أنيس رئيس الشركة المصرية للاقمار الصناعية (نايل سات) التعليق تماماً علي ما جاء في تقرير الصحيفة البريطانية، وقال ل «الدستور»: إن شركة النايل سات ليس لديها أي تعليق واسألوا الجارديان. أما الدكتور يسري زكي - خبير أمن المعلومات وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات فقال ل «الدستور»: إذا كانوا قد حددوا المكان مصدر التشويش فهل يستطيعون تحدد الفاعل؟.. لا يزال الفاعل مجهولاً، ومن الناحية التكنولوجية إمكانيات التشويش متاحة لدول وجهات عديدة طالما توافرت لها الإمكانيات المادية والفنية. وقال زكي: قد تكون الأردن هي التي قامت بذلك وقد تكون هيئة بداخلها لديها القدرات المطلوبة، وهذا قد يكون عليه علامة استفهام؟ فلو الأردن أعلنت أنه ليست لديها إمكانيات التشويش فليس بمقدورها معرفة من قام بالتشويش، فقد تتسلل جهة ما إلي الأراضي الأردنية وتعمل من عندها التشويش دون أن تعرف الدولة بذلك، كما كانت تفعل إسرائيل في لبنان، بحيث تخترق الأراضي اللبنانية وتقوم بعمليات ليس لدي لبنان ولا جيشها المقدرة علي كشفها. وعن طبيعة الأجهزة المستخدمة في التشويش، قال زكي: هي أجهزة متوسطة الحجم، تقوم ببث موجات في نفس مدار القناة المراد التشويش عليها وفي نفس التوقيت فيما يشبه ما تفعله سيارات بث ونقل مباريات كرة القدم، فهي متصلة بكاميرات للتصوير أو أجهزة ومتصلة في نفس الوقت بأقمار صناعية، فإذا تم البث في نفس المسار تتداخل الموجتان مع بعضهما فتظهر الصورة مشوشة، وبالتالي وارد أن يكون من قام بالتشويش متسللاً قام بإدخال الأجهزة بعد تفكيكها ووارد أن تكون الأردن ووارد أن تكون هيئة أو جهة داخلها. وحاولت «الدستور» مراراً الاتصال بمسئولي الاتحاد الدولي للاتصالات المنوط به التحقيق، لكن أحداً لم يرد، وكان بث قناة الجزيرة الرياضية قد تعرض للتشويش أثناء المباراة الافتتاحية للمونديال الأخير بين المكسيك وجنوب أفريقيا، ومرات أخري بعد ذلك. وكان مدير قناة الجزيرة الرياضية ناصر الخليفي قد اعتبر أن ذلك التشويش «عملية مفتعلة ومخطط لها»، وتعهد بكشف الجهة التي كانت وراءه. وتوقع كثيرون أن تكون مصر أو السعودية، وهما معاديتان للجزيرة كما تقول الصحيفة هي المسئولة عن التشويش، إلا أن القناة لم تتهم أحداً ولم تعلن نتائج تحقيقاتها الداخلية في الأمر.