علي بركة الله ابدأ رحلتي مع «الدستور».. أتمني أن أكون ضيفاً خفيفاً علي القراء.. وأن أكون عند حسن ظنهم.. وإن كنت يوماً لاعباً لكرة القدم.. فها أنا الآن أتحول للاعب في كرة القلم.. اسمحوا لي.. بسم الله أبدأ.. أتابع مثل غيري حالة فريق كرة القدم بالنادي الأهلي.. ليس الآن فحسب.. ولكن منذ سنوات.. وبالتحديد مع بداية التجديد والتطوير وبناء فريق جديد عقب أربع سنوات عجاف مضت علي القلعة الحمراء مطلع الألفية الثالثة.. ورغم إعجابي الشديد بالتوليفة والتكوين الذي ضم حشداً من النجوم حققوا بطولات وألقاباً طيلة السنوات الخمس الماضية، فإنني تخوفت كثيراً من اليوم الذي تغرب فيه شمس الفريق العتيق والتأرجح بين السقوط والنهوض.. وبين سلبيات الأداء وإيجابية النتائج. وأظن (وليس كل الظن إثم) أن الأهلي بالفعل دخل مرحلة الركود الكروي.. وحتي لو كانت النتائج مرضية، فالأداء بكل تأكيد غير مرض بدليل ما نراه في مباريات الدوري ولقاءات بطولة أفريقيا.. فالأهلي لم يحقق إلا فوزين اثنين في الدوري.. الأول علي طلائع الجيش في الدقيقة الأولي ومن بعدها ذاق الأمرين للحفاظ علي هذا الفوز والثاني علي وادي دجلة بالنتيجة نفسها وبأداء هزيل غير صالح للاستهلاك الكروي.. هذا بخلاف أنه لم يستطع التغلب علي الشرطة والمصري وتعادل معهما، بل وكان متأخراً أمام المصري بهدف.. أضف إلي ذلك كله أن هذه هي المرة الأولي التي يتعرض فيها الأهلي لخسائر بالجملة في بطولة أفريقيا منذ بدايتها بعد أن كان في الماضي يبدأ المسابقة وينهيها دون أي خسارة.. وسقط في بداية المشوار أمام (الجانرز الزيمبابوي) المتواضع بهدف.. وتكرر الحال أمام (الاتحاد الليبي) بهدفين.. وفي دوري المجموعات كانت النتائج أشد وطأة.. فمن يصدق أن الأهلي صعد للدور قبل النهائي بفوزين وتعادلين وهزيمتين. عموماً هذا ليس رصدا للنتائج بقدر ما هو رسم للصورة الواقعية لحالة الفريق وتقديم دليل بالأرقام والنتائج علي أن الأهلي تغير كثيراً عن ذي قبل.. فالنجوم الكبار الذين صالوا وجالوا لسنوات لم يبق منهم سوي أسمائهم بعد أن تقدم أعمار بعضهم وتراجع مستوي البعض الآخر.. إلي جانب عدم جاهزية النجوم القادمين من الخارج لأنهم في الأساس لم يلعبوا خلال رحلتهم الاحترافية التي امتدت لسنوات.. هذا بخلاف تواضع مستوي البضاعة المستوردة من الخارج والذي يصعب من الأساس وضع أي منهم في مقارنة مع نجمي الفريق السابقين (فلافيو وجيلبرتو). وأتصور أنه آن الأوان أن تغير الإدارة فلسفتها في إجراء عملية الإحلال والتجديد وتضرب لنفسها طريقا آمنا يعفيها من حرج المفاوضات مع نجوم تطاردهم سيوف العمر.. وألا تضع نفسها تحت رحمة لاعبين يحترفون جمع المال أكثر من احترافهم لكرة القدم من خلال التهديد بالرحيل للخارج أو الانتقال للأندية المنافسة. وأري أن الإدارة لابد أن تتحرر من قيود الاحتراف وأن يكون اعتمادها علي هذا الرافد في أضيق الحدود.. وألا تعتمد علي جلب اللاعبين من أندية أخري، لأن هذا الرافد ربما لم يعد ينفع.. لأنه يرهن الأهلي بحالة السوق من حيث (الأسعار وإمكانات النجوم وتدخل السماسرة والمتربحين من عمولات البيع والشراء) ولم يعد الأهلي في استطاعته التعاقد مع كل لاعب متميز في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني للاعبين ورغبة الأندية الأخري في الاحتفاظ بلاعبيها كما هو الحال في أندية الهيئات والشركات الغنية.. أضف إلي ذلك أن سوق اللاعبين في مصر لم تعد تفرخ نجوما في حجم أبو تريكة وأحمد حسن وبركات.. وإذا كان الأهلي نجح في جلب أبرز نجوم أندية الإسماعيلي والترسانة والمحلة في بعض الفترات (بطريقة أو بأخري) فإن الوضع الآن لم يعد يسيرا خاصة أن تلك الأندية تعاني ندرة في النجوم من الأساس.. بعد أن فقدت أعز ما تملك من لاعبين مهرة استدرجهم الأهلي طيلة السنوات القليلة الماضية بكل الأساليب (المشروعة والملتوية). وعلي الإدارة أيضا أن تستفيق من مخدر البرتغالي مانويل جوزيه وأن تمنح ثقتها الحقيقية وليست المصطنعة لحسام البدري.. لأن الفرق بين الأول والأخير شاسع وكبير.. فالبدري يقود الآن أسماء كبيرة ورنانة ولكن الأداء صغير.. بينما كان جوزيه يملك نفس العناصر عندما كانت الأسماء صغيرة والأداء كبيراً.. وهذا هو الفرق بين جوزيه والبدري.. والدليل علي ذلك أن جوزيه اختار أن تغرب شمسه عن الأهلي بمحض إرادته، لأنه أدرك قبل غيره أن فريقه البطل لم يعد كما كان!! وحقيقة الأمر تقضي بأن يعود الأهلي للاعتماد علي الرافد الوحيد المضمون وهو قطاع الناشئين.. والحفاظ علي اللاعبين الصغار بدلا من بيعهم ثم العودة لشرائهم مرة أخري مستقبلا.. وأعتقد أن هناك عناصر كثيرة تستحق الحصول علي فرصة والصبر عليها.. وإلا فما الداعي إذن من الإبقاء علي هذه القطاعات والإنفاق عليها ملايين الجنيهات دون الاستفادة منها!!