نضجي كممثلة مرتبط بنضجي كإنسانة.. واستقلالي بحياتي بعيدا عن أهلي جعلني أكثر تحملا للمسئولية ما خفتش من إني أطلع أم لولد في ثانوي.. أنا لو كنت اتجوزت وأنا عندي 19 سنة كان زماني دلوقت خلفت ولد من نفس عمره بسمة استطاعت بسمة أن تغير في فترة بسيطة تلك الصورة المحفورة عنها كفتاة جميلة، وتستبدلها بصورة أخري لممثلة محترفة.. تعرف جيدا أبعاد موهبتها وتعمل علي تطويرها.. تمردت بسمة علي أدوار الفتاة الرقيقة أو الشقية واختارت أدوارا أكثر صعوبة.. تحمل تحديات واضحة.. لم تتوقف بسمة كثيرا أمام تلك التحديات، ووافقت علي دخول المعركة، فانتصرت في كثير من جولاتها، وقدمت في أقل من عام دورين.. بينهما تناقض يدل علي ذكائها كممثلة تعرف جيدا أين تضع قدميها، فقبل عدة أشهر عرض لبسمة فيلم «رسايل البحر» الذي شاركت فيه بدور زوجة تمثل شخصية فتاة الليل مخترقة الأعراف والعادات، وهذا العام قدمت بسمة دور سيدة منتقبة ترفض الخروج عن الدين والشرع والقانون، وكذلك عن تقاليد المجتمع وعاداته وذلك في مسلسل «قصة حب»، وهو الدور الذي قدمته بسمة بنضج واضح وأداء عال، فاستحقت أن تكون واحدة من أهم نجمات رمضان. ألم تخشي الهجوم الذي ستتعرضين له في حال تقديمك دور سيدة منتقبة في ظل الاتجاهات الدينية السائدة في الوقت الحالي؟ - بالطبع كنت أشعر بالقلق.. أنا كنت قلقانة جدا أثناء قراءة السيناريو، وبعد بداية التصوير أيضا، لكن أنا بحب الحاجات اللي بتستفزني كممثلة، وهنا عندنا فكرة العلاقات في حياة الست اللي قعدت سنين طويلة من عمرها ورا النقاب لا بتشوف حد ولا حد بيشوفها صعبة جدا.. واحدة زي دي نفسيتها هتبقي عاملة أزاي.. لما تتحط في موقف زي ده هتتصرف أزاي، ودي مش واحدة جاهلة.. لا دي واحدة حاصلة علي ماجستير في الفلسفة.. يعني مش أي مجال.. دي اختارت الفلسفة، والتي تحتوي علي أكثر من مستوي وتضم مذاهب متعددة تدعو للتشكيك.. ست زيي ممكن تبقي شايفة الدنيا أزاي؟ علشان كده أنا كنت عارفة من البداية أني أقدم شخصية مركبة وليست سهلة علي الإطلاق، لذلك كان لازم أبقي أمينة في نقلها للجمهور. ما معيار الأمانة في نقل العمل الفني للجمهور من وجهة نظرك كممثلة؟ - إنني أكون أمينة إلي حد ما في نقل السيناريو كما هو دون تحريف، ونقل الشخصية كما هي للجمهور دون تزييف، دون أن تطغي قناعاتي الشخصية عليها، وحتي لو لم أكن متسقة مع طبيعة الدور أو قناعاته، عليّ أن أنقله كما هو سواء كان الدور لسيدة منتقبة أو لفتاة ليل. كتلك الشخصية التي قدمتها في «رسايل البحر».. فانا أنقل الشخصية كما هي حتي لو الدور يحتوي علي تحولات أنا ضدها، مثل القتل مثلا، فقد أقدم دور قاتلة تهوي القتل لعشقها للقتل، وليس لأي غرض آخر.. هي دي الأمانة تجاه نقل الشخصية. ما الذي جذبك في دور «رحمة»؟ - في البداية أعطاني المنتج جمال العدل نبذة عن الدور وحكي لي شوية عن الكاركتر، فاكتشفت أنه جديد ولم يتعرض له صناع الدراما التليفزيونية من قبل سوي في لقطات سريعة لفتاة منتقبة ماشية في الشارع أو في خلفية الأحداث، لكن ماحدش اتكلم قبل كده عن الست دي ممكن تبقي عاملة أزاي من جوه.. نفسيتها عاملة أزاي. هل وجدت صعوبة في تجسيد الدور خصوصا أنه جديد علي شاشة التليفزيون؟ - هذا هو مصدر صعوبة الدور بالنسبة لي.. أنا معنديش دليل تعليمات أو مرجعية أستعين بها وأنا بمثل، لأن الدور ده ما اتعملش قبل كده.. يعني معنديش خمس أو ست أدوار أرجعلهم وآخد من كل واحد حاجة، أو أقارن بينهم.. أنا بأقدم الدور لأول مرة، وعلي أن أتعمق داخل مشاعر الشخصية وأحاسيسها.. اعرف بتشوف الدنيا أزاي.. علاقتها بالحياة عاملة أزاي.. لما بتحب تعبر عن مشاعرها بتعبر عنها أزاي. ألم تخشي تقديم دور أم لطالب في المرحلة الثانوية في الوقت الذي مازالت بنات جيلك تقدم فيه دور طالبة الجامعة؟ - وأخاف من إيه؟! أنا صاحباتي كتير ومن سني اتجوزوا وهم صغيرين وخلفوا دلوقتي أولاد في سن عبد الرحمن.. وأنا لو كنت اتجوزت وأنا عندي 19 سنة كان زماني دلوقت خلفت ولد من نفس عمره، وبعدين هو أنا عاملة دور ست عجوزة؟ دي ست في عز شبابها، بس هي اللي اتجوزت بدري، وبعدين الممثل من حقه يعلي بسنه خمس سنين قدام، ويوطي بيه خمس سنين لورا، وطالما شكلي لايق علي واحدة عندها 35 سنة.. يبقي إيه المشكلة، خصوصا أن أنا سني مش بعيد قوي عنها. ما أوجه التشابه بين شخصيتك وملامح شخصية «رحمة»؟ - أنا أشبه رحمة في حاجات كتير.. أنا زيها.. ممكن لما الدنيا تقسي عليا أستسلم.. بس عادة بتيجي حاجة تانية تحمسني للحياة.. أنا في أوقات عدت عليا استسلمت ورجعت تاني للحياة.. أخبط فيها وتخبط فيا. مع الفارق إن أنا خلفياتي الشخصية مختلفة عنها.. أنا مش أم لولد مراهق، ومعنديش راجل في حياتي ومش عايشة في مجتمع بيفسد عليا حياتي. متي آخر مرة استسلمت فيها لظروف الحياة؟ - عادة باستسلم بعد انتهائي من تصوير أي عمل جديد لأني ببقي ناقصة طاقة وبحاول أستعيد الطاقة اللي خرجت مني دي من خلال الاستسلام لفترة طويلة من الكسل وابقي قاعدة جوه القوقعة بتاعتي أقرا كتير قرايات عميقة أو حاجات ترفيهية، أو اقعد اتفرج علي الناس، وبتبقي عندي سعة صدر اسمع حواديت الناس، ومثل هذه الحواديت مادة ثرية للممثل وللمبدع بشكل عام في كل المجالات. هل تضعين خلفيات للدور لو لم تكن تلك الخلفيات الدرامية موجودة في السيناريو؟ - بالتاكيد أفكر في خلفيات درامية، وأتخيل تاريخ الشخصية دي كان عامل أزاي.. عشان اقدر افهمها صح.. بأحاول أعرف تاريخها من يوم ما اتولدت لحد النهاردة، وهذا جزء من واجبنا كممثلين.. أن نكسب الشخصيات لحما وعظما وعضلات وشرايين.. لحد ما الشخصية دي تبقي بني آدم مستقل بذاته.. له كيانه. كيف تصورت تاريخ رحمة وخلفياتها الدرامية كما رسمتها؟ - رحمة أكيد كانت شاطرة جدا في الدراسة، وكان عندها طاقة لا تنتهي.. كانت بتخرجها في المذاكرة وبعد كده أصبحت تخرج هذه الطاقة في شغل البيت وفي رعاية زوجها وابنها، وفي فترة لاحقة تحولت هذه الطاقة للعمل الخيري ومساعدة الأسر الفقيرة.. من الآخر هي مابتعرفش تقعد ساكتة.. لازم تعمل حاجة. كيف تعملين علي تطوير أدائك كممثلة من وقت لآخر؟ - أحاول بقدر الإمكان أني أذاكر الشخصية وأحس الموقف، بالإضافة أن هناك تراكم خبرات يعمل علي تطوير أدائي بشكل تلقائي.. دي حاجات بتيجي لوحدها.. حصلت أزاي ماعرفش.. بس هي بتبقي مواقف عشتها وبتيجي فوق بعضها.. طوبة علي طوبة لحد ما تعمل حيطة صغيرة. في وجهة نظرك ما المشاكل التي تخلصت منها في أدائك في الفترة الأخيرة؟ - أهم حاجة أني اتعلمت أن أعطي نسبة تركيز أكبر لشغلي، ودي حاجة أنا اتعلمتها.. يمكن من مسئولية العيشة لوحدي بشكل مستقل بعيدا عن أهلي منذ أربع سنوات.. صحيح أنا مابعدتش عنهم قوي في مكان السكن، لكني استقليت بنفسي. هل ترين ارتباطا بين قرارك بالاستقلال بعيدا عن أهلك وتحملك المسئولية كاملة، وبين حالة النضج التي بدت واضحة علي أدائك في السنوات الأخيرة؟ - طبعا الاتنين مرتبطين ببعض بشكل أو بآخر، لأني لو ما كنتش نضجت إنسانيا لم أكن لأنضج فنيا، وخطوة الاستقلال بنفسي دي مش سهلة خالص.. علي فكرة في المجتمع الذي نعيش فيه، أنا عارفة أن الخطوة دي ممكن ماتكونش مقبولة في مجتمعاتنا الشرقية ولا مقبولة لجيراني اللي بيشوفوا أمي وأبويا بييجوا يزوروني، وأكيد بيسألوا لما والدتها ووالدها موجودين.. يبقي عايشة لوحدها ليه؟! أنا واعية للفكرة دي كويس، لكن في نفس الوقت أنا دلوقتي في مرحلة.. المفروض أني أكون فيها عندي بيت وأولاد وزوج، ومادام ده ماحصلش.. يبقي أنا لازم أكون مسئولة عن نفسي بشكل أو بآخر بشرط أن أكون مسئولة أني أحافظ علي مساحة الحرية التي أعطاها لي أهلي، وأرد لهم الجميل، وأحافظ علي حياتي بقدر من النظام والالتزام وما اعملش أعمال مشينة تندمهم علي دعمهم ليّ.