البرنامج الشامل للتنمية الإنسانية في الصحاري المصرية هو الحل الأكيد لجميع مشاكل مصر الزراعية.. والمزارع الإرشادية شاهد سكينة فؤاد الخميس الماضي وعلي شاشة قناة on.tv كان الموعد الذي شاء الله - عز وجل - أن أقدم الحلقة الأولي من الوثائق الحية الناطقة بالصوت والصورة لكل ما واصلت الكتابة عنه لأكثر من عشر سنوات لإثبات قدرتنا علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بأيدي فلاحينا وبعطاء أرضنا وبعلم علمائنا وخبرائنا، وقدمت بالدليل، من خلال أهم مشروع قومي نفذ في السنوات الأخيرة من القرن الماضي، وحمل اسم «البرنامج الشامل للتنمية الإنسانية في الصحاري المصرية» الذي أشرت مراراً وتكراراً إلي أن صاحبته نفذته في إطار بحوث وتطبيقات مراكز البحوث الزراعية التابعة لوزارة الزراعة المصرية.. للقارئ أن يتصور ما كان يمكن أن يحدث لمصر لو نفذت وتواصلت العديد من هذه المشروعات لهذه المراكز وفي مقتطفات لا تتجاوز دقائق اقتطعت من مئات الساعات المسجلة بالصوت والصورة لإنجازات المشروع في 24 مزرعة إرشادية نشرها المشروع بطول الوادي شمالاً وجنوباً وفي الصحاري، وفي مواقع لم تطرقها أقدام إنسان من قبل في صحارينا وأودية هذه الصحاري شرقاً وغرباً، فيما قدمه البرنامج، وفي حواري مع الأستاذ جابر القرموطي في برنامجه المتميز «مانشيت» تجلت بالصورة التي لا تكذب وبشهادات مسئولين كبار ومحافظين وفلاحين وشباب وممثلين للاتحاد الأوروبي روعة الإنجازات وبالصوت والصورة تكلمت الأرض، وحكت كيف أعطت في تربة رملية وعالية الملوحة طاقة إنتاجية غير مسبوقة وصلت إلي 7.35 إردب فدان، كماه مثبت بالصوت والصورة وشهادة مديري مراكز البحوث الزراعية وزير زراعة مصر الحالي أعلن منذ أيام عن التطلع لأن تكون الطاقة الإنتاجية 24 إردب فدان 2017 ، المزرعة الإرشادية في الوادي الأسيوطي وحده كانت 000.42 فدان، الخبير الاقتصادي، أحمد النجار يقول: إن حكومة نظيف اكتفت باستصلاح 12 ألف فدان من أصل مليون جاءت في برنامج الرئيس!! وكما كتبت مئات المقالات عن معجزة الإنجازات التي تراوح الرد عليها ما بين الإنكار والتكذيب والتهوين والتيئيس من قدرة مصر علي تحقيق الاكتفاء، النغمة النشاز التي يصرون عليها وسط تفاقم الأزمة العالمية وتحذيرات الفاو من مجاعات قادمة.. ليلة الخميس الماضي، اخترقت الصورة بشهاداتها الحية العيون والضمائر الميتة وأحيت في المصريين الذين شاهدوا البرنامج الأمل والثقة في إمكانات الإنقاذ التي تمتلئ بها أرضهم وكنوزها الطبيعية والبشرية والعلمية والتي تستعيد لهم القوة والقدرة وكل ما أهدر وبدد وخرق من مقدراتهم وعناصر قوتهم وعلي رأسها الأرض والمياه والفلاح وكل ما أسس عناصر حضارتهم الأولي في تاريخ البشرية لا نحتاج إلي دلائل أو ذكاء لتدارك لماذا كان يجب تقويض وهدم الزراعة والفلاح والعلم الزراعي واستبدالهم بزراعة اليأس والعجز بها والتسليم بضرورة الاعتماد علي الغير وإيقاف جميع المشروعات التي تتجاسر وتكشف ما تملكه مصر من إمكانات وكما كتبت عشرات المرات من قبل فالمشروع الإنمائي الإنساني للصحاري المصرية الذي كان علي خطة الدولة الرسمية حتي عام 2017 أوقف 1997 فور إنجاز مرحلته الأولي التي كشفت عن قدراته والطاقات الإنتاجية الهائلة التي حققها 7.35 إردب فدان وتربية وإكثار بذور هذا الصنف من الأقماح لتوزيعها مجاناً علي الفلاحين تمهيداً لزراعتها في الموسم الجديد، علي الشرائط بالصوت والصورة بالوثائق الرسمية يتم تسليم البذور التي دخلت إلي مخازن مراكز البحوث الزراعية ولم تخرج إلي الفلاحين أبداً، ولكن إلي أيد ليست مجهولة وتعرفها جيداً أجهزة أمنية في مصر، وانضم إجهاض وإيقاف المشروع إلي سلسلة إجهاضات لمشروعات مشابهة وإن لم تصل إلي النتائج والطاقة الإنتاجية المبهرة التي حققها مشروع التنمية الإنسانية للصحاري المصرية وكان أخطر ما أجهض وأوقف خطة الاكتفاء من القمح التي أعدها صندوق التكامل بين مصر والسودان.. يتحدثون الآن عن زراعة مليون من 2 مليون فدان بالجزيرة في السودان أفلحوا إن صدقوا في منتصف الثمانينيات خصص 30 مليون فدان في إطار دراسات ضخمة بدأت في منتصف الثمانينيات علي أن يبدأ التنفيذ 1987، واستهدف المشروع تحقيق اكتفاء مصر والسودان من القمح 1992 ويتكامل تحقيق اكتفاء 22 دولة عربية و12 دولة أفريقية وليكون القمح ولقمة العيش المقدسة عند شعوبنا محوراً وقلباً لمشروع تكامل وترابط سياسي، وكما حكي المستشار محمد عبدالرحمن أن المشروع انتهي بمجرد وصول أوراقه ودراساته إلي مصر وهوجم مقر صندوق التكامل في جاردن سيتي بقوات أمن وموظفين من وزارة المالية وتم الاستيلاء علي دراسات المشروع ومقتنيات الصندوق وأخفيت في مكان لا أحد يعرف عنه شيئاً. لماذا نحتاج إلي مسلسلات بوليسية ولدينا هذا الفكر الإجرامي الأصيل؟ هذه الوثائق كانت في عهد حكومة د. عاطف صدقي، وخالد الذكر والأثر في زراعتنا د. يوسف والي، وكما يضيف المستشار محمد عبدالرحمن أنه لا أحد في حكومة السودان ولا من العاملين في الصندوق عرف علي وجه اليقين من اللهو الخفي أو الشبح أو لاعب الظل الأقوي من الحكومات الذي يخترق خطط الدولة الرسمية ويجمد صندوق التكامل بين مصر والسودان ويطارد كل محاولة لتحقيق الاكتفاء. من يقدر علي حرمان فلاحي مصر من بذور وتقاوي هذه الأصناف المدهشة من القمح من تسلمها من مخازن مراكز البحوث الزراعية من الأذرع الطويلة المزروعة في مصر لتنفيذ سياسات العجز والتبعية وتدمير الزراعة؟ ملحوظة: لم تدهشني سرقة زهرة الخشخاش قدر ما أدهشتني الضجة التي لم تحدث مثلها وأكثر منها تجاه سرقات أخطر وأعظم في مقدمتها بذور إكثار طاقتها الإنتاجية، كما تقول الشرائط بالصوت والصورة 7.35 إردب فدان. في ملف من ملفات القمح التي مازلت أحتفظ ببعضها بعدما اختفي من مكتبي ب«الأهرام» بعد ما فتح وأخلي من جميع أوراقي وكتبي دون استئذان، أجد هذه السطور. في الندوة الدولية التي عقدها مركز الدراسات العربية بلندن 30 31 مارس 1996 حول الحبوب والماء والقرار السياسي أكد د. يوسف والي أن التطور الكبير في الإنتاج الزراعي في مصر في الخمس عشرة سنة الأخيرة، يرجع بعد الله سبحانه وتعالي، إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تتعامل مع مصر بخلاف تعاملها مع باقي الدول كدولة توأم لها سواء بتقديم المعونة المباشرة بالمليارات أو بتقديم أرقي تكنولوجيا متقدمة للزراعة المصرية وكانت النتيجة هي المعجزة التي حدثت في الإنتاج الزراعي في مصر.. انتهي النص المنقول عن لسان وزير زراعة مصر لأكثر من 22 عاماً ولا نحتاج إلي سؤال عن علامات هذه المعجزة وهل كانت في تواصل انهيار القطن والقمح وأحوال الأرض والفلاح واستيراد أكثر من 70% من غذائنا، من المهم أن نعرف بعض شروط المعونات الزراعية والغذائية الأمريكية لمصر ودون استطراد أو تفاصيل تقليل المساحات المزروعة بالمحاصيل الغذائية الاستراتيجية، أطلق عليها سياسات التصدير من أجل الاستيراد وتحرير أسعار مستلزمات الإنتاج وتركها حرة بين أيدي القطاع الخاص ووفق شروط آليات السوق وتصفية الحركة التعاونية الزراعية والسحب التدريجي للدور التعاوني في توفير مستلزمات الإنتاج بالأسعار المدعومة والائتمان اللازم لدعم الزراعة بأسعار محدودة للفائدة وتسويق الحاصلات الزراعية.. الخلاصة ترك الفلاح في العراء نهباً لقوي السوق والاحتكار ومافيا الاستيراد والرأسمالية المتوحشة، واعتبرت هيئة التنمية الأمريكية أن التوسع في مساحات زراعة القمح في مصر يعتبر إخلالاً بسياسات الإصلاح الاقتصادي وانحرافاً عن النتائج التي توصلت إليها البحوث المشتركة. مع ذلك تظل المشكلة ليست في سياسات الهيمنة الأمريكية وسياسات السوق وادعاءات تحرير الزراعة، تلك السياسات التي تأخذ منها الدول التي تحترم أمن شعوبها ما لا يتناقض مع هذا الأمن.. السؤال الأكثر أهمية كيف يحدث كل هذا في مصر والأخطر منه والأقل خطورة، كيف تختطف مصر كلها أرضها وزرعها ومياهها وعلم أبنائها ومشروعات وخطط مدرجة علي خطط الدولة الرسمية؟ أين جهاز المناعة الذي تمثله رقابة ومحاسبة المجالس النيابية..وكيف يمكن ببساطة فرض الصمت والتغييب للوقائع أو للجرائم؟ ولولا الشهادات الموثقة بالصوت والصورة تشهدان علي حجم الجريمة لأنكر المشروع الإرشادي الإنمائي لصحارينا، كما دمر وأنكر عشرات غيره وهل كان يمكن أن يحدث في وجود نواب أمناء تأتي بهم انتخابات غير مزورة وبإصرار المعارضة الجادة والوطنية لنسب حاكمة ومؤثرة في القرارات المصيرية إلي مجالس يريدونها أن تظل كخيال مآتة تعطي وهم وجود تعددية حزبية وديمقراطية حقيقية. ذهب المشروع الذي أتحدث عنه إلي مجلسي الشعب والشوري وطوي وأسدل عليه الصمت مثل جميع الأحداث والمشروعات والقوانين المهمة.. وواصل المخبرون تدمير ما تبقي من أمن مصر الغذائي والزراعي لولا أن الصوت والصورة مازالتا تنطقان وتشهدان بواحدة من أخطر حلقات التدمير في نهايات القرن الماضي، والتي كان يمكن أن تمثل للمصريين عبوراً جديداً إلي الأمل والقوة والاكتفاء بما لايقل أهمية عن عبور أكتوبر العظيم 1973. لمصلحة من أن يقتل المصريون بالفقر والجوع والبطالة والاعتماد علي الآخرين في الوقت الذي يملكون فيه العلم والمشروعات والمناهج والتطبيقات التي تستطيع أن تحقق الإنقاذ؟ لمصلحة من أن يتكلم ويملك القرار في الأرض والزرع والفلاح من لا يملك الخبرة والعلم ويبدد ويجرف العلم وإنجازاته والصوت والصورة شاهدان؟ باق من الزمن ما يقل عن ثلاثة شهور لعبور أول بوابة للإنقاذ للإصرار والتمسك بكل ما طالبت به جماعات العمل الوطني من ضمانات لسلامة العملية الانتخابية وتطبيق القانون الجديد لممارسة الحقوق السياسية أو رفع سلاح المقاطعة للتزوير ولمواصلة إعطاء هذا النظام دعم الشرعية المزورة وخداع التعددية الحزبية، تلك المقاطعة التي سبق إليها حزب الجبهة الديمقراطية والتي انضم إليها هذا الأسبوع صوت وخبرة وقامة قانونية ووطنية عظيمة «المستشار طارق البشري»، ففي حديث إلي صحيفة«الكرامة» 6/9/2010 يطالب بمقاطعة الانتخابات المقبلة حتي لا تعطي المشاركة شرعية لغير الشرعي. بالمناسبة أين كانت المعارضة وبالتحديد المشاركة في المجالس النيابية عندما سرقت ونهبت مصر ودمرت وأوقفت مثل هذه المشروعات؟!! هل أصبح يكفيها ويشرفها الدخول في عباءة خيال المآتة؟!! مرة عاشرة وألف ولجميع الأمناء علي مصر في الشارع أو في الأحزاب قاطعوا المشاركة في حلقة جديدة من حلقات اختطاف مصر.. ومواصلة إهدار وتخريب عناصر ومقومات قوتها وسيادتها وسلب شعبها مقدرات قوته واستقراره واستقلاله وتزوير وإهانة إرادته قاطعوا المشاركة ليعرف العالم أنه لم يكن هناك أبداً انتخابات بالمعني المحترم والجاد الذي تعتبره الشعوب من أعيادها ومناسباتها القومية، أما شهادات الصوت والصورة والوثائق الرسمية، فرغم أنها لدي أغلب أجهزة الدولة الرقابية والأمنية ونيابة أمن الدولة والنيابة الإدارية فملف جديد يفتح الآن ليوضع أمام النائب، واستجابة للمردود الجماهيري للدعوة أعد بتقديم جميع سبل المشاركة في بلاغ المصريين إلي النائب العام، فالقمح ليس فقط، كما قال وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، ليس مسألة زراعية، وإنما مسألة سياسية، فهو للمصريين أكبر وأعظم، هو الحبة المقدسة التي يقسمون عليها أنهم ليسوا قطيع أغنام، ولكنه شعب له إرادة تستطيع أن تفرض احترامها. كنت أتمني علي كاتب مقال سيادة الرئيس الذي نشر في ال«نيويورك تايمز» بعنوان «السلام في متناول اليد» أن يوضح إلي أي سلام يشير، وهل هو الذي أدير باسمه وتحت إعلامه وفي ظل جولات مفاوضاته استكمال احتلال فلسطين؟!! وهل حقيقي ما جاء في المقال أن جولات التفاوض السابقة حلت الكثير من قضايا الحل النهائي وهي اللاجئين والحدود والقدس.. لاءات إسرائيل الشهيرة التي أضيف إليها «لا» جديدة تجري في ظلها الجولة الجديدة من المفاوضات وهي رفض تحديد المدي الزمني لإيقاف بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة!! ثم ما المطلوب لإسقاط الحاجز النفسي الذي تُبرر به جرائم إسرائيل واحتلالها واستيطانها وتدميرها للبشر والأرض وجميع مقومات الحياة الفلسطينية؟ هل الهدف المعلن والخفي فيما يطلقون عليه جولة جديدة للمفاوضات المباشرة فرض التطبيع الكامل من جميع الدول العربية وليكون أيضاً علنياً وليس خفياً، كما هو حادث؟ وأنه بعد أن ترفع الأعلام الإسرائيلية فوق العالم العربي والإسلامي بقيادة الدول التي تطلق عليها الولاياتالمتحدة محورية الدور فقد تكتشف إسرائيل، بل في الغالب هو ما سيحدث قياساً علي كل ما مارسته من كذب وخداع وفروض وإملاءات علي السادة الحكام الذين لا يستأسدون إلا علي شعوبهم، في الأغلب ستكتشف أن الحاجز النفسي لم يسقط ولم تطمئن بعد، ماذا سيسقطون بعدها لإهدائها هذا الاطمئنان؟!! كل يوم يتأكد أنه لا حل للقضية الفلسطينية وحتي لا يتحول العالم العربي كله إلي فلسطين إلا بنهاية كل نظام، قابل ومستسلم وشريك في هذا النصب العلني الأمريكي والإسرائيلي. أخيراً.. رغم كل هذا الألم لا أعرف من أين تنبض روحي بالأمل.. هل من قراءة تاريخ هذه الأرض وشعبها الذي يكمن ولا يموت أبداً، هل للحراك الشعبي الذي يمتد كالنور، هل لحركة شبابها الذي يقود صفوف التغيير، هل لملح الأرض من البشر الطيب الذي يكابد مشقات وصنوف ألم وتحديات استمرارها مستحيل، هل لما أعرف مما يختبئ في أرضها وفي بشرها من ثروات علم ومهارات وقدرات وثروات طبيعية رغم كل ما ينهب.. هل لأن فيها وسيظل خير أجناد الأرض؟ لذلك تشن عليها وعليهم حملات التجريد والإبادة.. رغم كل الألم يمتلئ عقلي ووعيي بالثقة.. وكل عام ورجاؤنا ودعاؤنا وعملنا من أجل التغيير مستجاب بإذن الله.