سيدة صلعاء تماماً.. قاسية الملامح.. تقف علي حافة النيل تودع شخصا ما بأغنية كتبها الشاعر جمال بخيت هي «سلملي علي الأحباب»، رغم صعوبة هذا المشهد الذي تتوسطه هذه السيدة «زليخة» قائدة «البهاليل» التي تؤدي دورها فردوس عبد الحميد في مسلسل «السائرون نياما»، فإن المخرج محمد فاضل جعلنا نستمتع بمشاهدته وبمتابعة عمله التاريخي المهم هذا العام «السائرون نياما»، لكن: «لماذا يجب أن تغني فردوس عبد الحميد دوما»؟.. هي غنت علي يد محمد فاضل في «ومازال النيل يجري»، و «أنا وإنت بابا في المشمش»، و «عصفور النار»، وفي «السائرون نياما». تشارك كذلك علي الحجار غناء التتر، وهناك بالطبع فجوة رهيبة بين الصوتين كان يمكن لفاضل أن يتجنبها، وأن يأتي بمطربة محترفة تتناسب مع صوت الحجار، لكنه يصر علي فردوس التي ظهرت وهي تؤدي أغنية «سلملي علي الأحباب» وكأنها تغني بفم مغلق، بينما هذا لم يحدث في المشاهد التي غني فيها علي الحجار، لأنه يغني في المشهد مباشرة دون حاجة لتسجيل صوته ثم تركيبه، وبالتالي كانت مشاهده أكثر واقعية. المسلسل تدور أحداثه في نهاية فترة حكم المماليك لمصر، وشخصياته خيالية ليس لها أصل تاريخي، وهو مأخوذ عن رواية الأديب الكبير سعد مكاوي التي تحمل الاسم نفسه.. كان يمكن لفاضل أن يكتفي بتمثيل زوجته فقط، خصوصا أنها نجحت تماما في تجسيد الشخصية بكل جوانبها، ونجحت في الظهور كقائد قوي لمجموعة من الثوار يطلقون علي أنفسهم «البهاليل»، وهم يقاومون المماليك.. قدمت فردوس عبد الحميد في الحلقة الخامسة من المسلسل مشهدا مهما عندما كانت تدعو «حمدان» المطرب الكفيف الذي يجسد شخصيته علي الحجار لأن ينزل بغنائه إلي الشوارع، وألا يكتفي بالغناء في القهوة فقط كي يحث الناس علي مقاومة الظلم. علي الحجار بدوره كان في أفضل حالاته التمثيلية مقارنة بأدوار سابقة، كما أنه جسد دور الكفيف دون أدني مبالغة، لكنه بالطبع أكثر جمالا عندما يغني، محمد فاضل نجح في أن ينقل لنا القاهرة، كما هي في ذلك الوقت رغم أن التصوير كان في مدن سوريا. أحداث الحلقة عموما حملت نوعا من الرتابة، واحتوت مشهدا واحدا مشوقا في نهايتها عندما قام بائع الفطير بقتل أحد المماليك ووضعه حيا في الفرن بعد تطاول الأخير عليه.