عندما خرج غبار حرائق روسيا إلي العلن أخيراً لم يكن هذا الغبار يهدد روسيا فقط بل من الغريب والعجيب أنه خرج ليهدد الأمن القومي المصري لأن غبار تلك الحرائق تسبب في أن يصدر رئيس الوزراء الروسي بوتين قراراً بحظر تصدير الحبوب بصفة عامة اعتبارا من 15 أغسطس وحتي 31 أغسطس ومن سوء الحظ أن حكومتنا الرشيدة ذات الرؤي الثاقبة كانت قد تعاقدت مع روسيا علي توريد 450 ألف طن قمح، ومن الغريب أن الحكومة المصرية تستورد من روسيا ما يتراوح ما بين 2 و3 ملايين طن قمح من إجمالي 6 ملايين طن تستوردها مصر من الأقماح العالمية أي أننا اليوم نواجه شبح المجاعة بعد القرار الروسي بعدم تصدير الحبوب ويبرز هنا التساؤل الذي تحدث عنه الكثيرون وهو.. لماذا أكثر من نصف واردات القمح المصرية تأتي من روسيا؟ ولماذا تضعنا دائما الحكومة في هذا الكابوس ومن المسئول عن ذلك؟ وهل اليوم بعد تلك الأزمة يمكننا أن نصدق رئيس وزرائنا ووزراءنا المعنيين في وزارات التجارة والتضامن والزراعة؟ وهل يمكن أن نصدق أن الحكومة أعلنت حالة الطوارئ لمواجهة الأزمة التي خلقتها لنا؟ وازدياداً في علامات الاستفهام التي خرجت أخيرا ونحن نسأل عن صحتها هل فعلا هناك تقارير اقتصادية أعدتها وزارة الزراعة بقطاع الشئون الاقتصادية قبل عدة أشهر وكشفت هذه التقارير أن هناك انخفاضاً كبيراً لمحصول القمح المصري وانخفضت إنتاجية الفدان بمقدار 3 أرادب للفدان أي أن نسبة انخفاض الفدان تبلغ أربعة أطنان وكشفت أيضا أن ذلك سيؤدي إلي زيادة كمية الأقماح المستوردة بواقع 1.2 مليون طن ستضاف إلي ما يتم استيراده من الخارج أي أنه وفي النهاية ستستورد مصر 9 ملايين طن !! ما معني أن يصدر مثل هذا التقرير المهم الذي يؤكد أننا أمام منعطف خطير واللجان المشكلة لإعطاء التقرير عن لجان الوزير المسئول عن الكارثة وهو وزير الزراعة.. ثم نرجع إلي السؤال المهم لماذا وصلنا إلي هذا الحال؟! بعض خبرائنا الأفذاذ رفعوا راية أن مصر لابد أن تذهب من زراعة القمح إلي زراعة بعض المحاصيل الأخري التي تجلب المال مثل الفراولة وكان زعيمهم يوسف والي وزير الزراعة السابق رحم الله أيامه وكان للرئيس السادات رحمة الله عليه قول غريب يشبه النكتة أن مصر ليست في حزام القمح وبالتالي لا تقدر علي أن توجد القمح بكميات وفيرة وضاعت الرؤية الاستراتيجية وتاه عن الأفذاذ أن القمح سلعة استراتيجية يمكن أن تؤدي بنا إلي كارثة مع أن الرئيس مبارك وضع في برنامجه الانتخابي الوصول إلي 4 ملايين فدان من الأراضي الجديدة لزراعة القمح ومع ذلك لم ير ذلك النور وبعض الخبراء يؤكدون أنه لابد من زيادة الإنتاج من القمح إلي 9 ملايين طن ومع ذلك لا احد يسمع ولم استغرب لتصريحات المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة السابق والذي يتهم فيها أمين أباظة الوزير الحالي بالمسئولية الكاملة لتعرض مصر لأزمة غذائية بعد أن اعتمد علي الاستيراد بديلا عن الإنتاج واتهم الليثي أباظة بأنه لم يكن علي المستوي المطلوب في المسئولية وهو لا يضع في اعتباراته أنه يمكن أن يجيء يوم مثل يومنا هذا وتعلن بعض الدول الحظر لتصديرها للقمح وأخطر ما في تصريحات الليثي أنه اتهم مباشرة ودون لف ودوران الوزير الحالي أمين أباظة بأنه تخلي عن الفلاح المصري لصالح رجال الأعمال المستوردين وأكد أن استخدامنا للمبالغ التي يتم الاستيراد بها من الخارج تكفي لدعم الفلاح لزيادة الإنتاجية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح. في مثل هذا الجو الغريب يخرج علينا الوزير أمين أباظة بتصريحات غريبة لا يمكن أن نصدقها يقول فيها السيد الوزير إنه لدينا استراتيجية تتضمن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال عشر سنوات قادمة حيث تحقق مصر حاليا إنتاجا يصل من 56 إلي 60% بينما كان عام 1982 25% وكان عدد السكان 40 مليون نسمة والآن وصل تعداد السكان إلي أكثر من 80 مليون نسمة وهدفنا أن يصل إنتاجنا من القمح من 75 إلي 80% لتقديم المعونة للفلاحين وتوفير التقاوي والأسمدة بأسعار مناسبة وجودة عالية وأكد أننا لدينا خطة لتوفير الاكتفاء الذاتي قائمة علي ثلاثة محاور المحور الأول زيادة الإنتاجية للفدان والمحور الثاني التوسع في استصلاح الأراضي والمحور الثالث تقليل الفقر. وأنا هنا أسأل سؤالاً (بذمتكم ) هل يمكن لنا بعد كل ما فعله أمين أباظة في أزمة القمح والقطن أن نصدقه؟! أترككم لضميركم... أنا شخصياً لا أصدقه !!