«جئنا لتأبين ثمانية شهداء بنجع حمادي والآن أصبحوا عشرة» هذا ما قاله القمص متياس نصر منقريوس- كاهن كنيسة العذراء ومارمينا بعزبة النخل- أثناء حفل التأبين الذي أقامته الكنيسة مساء أمس الأول الجمعة لضحايا مذبحة نجع حمادي الثمانية الذين لقوا حتفهم مساء الأربعاء الماضي، وذلك بعد ورود أنباء من الصعيد تفيد بوفاة اثنين من المصابين في مستشفي سوهاج. وقد توافد نحو ألف قبطي إلي الكنيسة للمشاركة في تأبين الضحايا وهم يهتفون هتافات تندد بالحادث وتوضح استياءهم واستنكارهم للحدث في حضور ممثلي عدة أحزاب منها المصري الليبرالي والوفد والاستقامة تحت التأسيس وعدد من الكتاب والسياسيين. من جانبه قال القمص إسحق عيد- كاهن كنيسة مارمرقس بعزبة النخل- إن عيد الميلاد عام 2010 كان له مذاق خاص احتفل فيه أولادنا باحتفال سفك الدماء، كانوا فيه عرساناً في يوم زفافهم إلي السماء، وأضاف أنه إن لم يوجد عدل علي الأرض فهناك عدل في السماء والله لا يرضيه الظلم وقيل عنه إنه يحارب عن المظلومين ونحن نصلي له ليرفع عنا الظلم. وتابع عيد: أسأل الرئيس حسني مبارك: تلقيت العزاء في شهيد مصر وشهيدنا أحمد شعبان الذي لقي مصرعه وهو يدافع عن مصر علي معبر رفح علي يد قتلة مجرمين فهل تتلقي العزاء في أبنائك ضحايا مذبحة نجع حمادي؟ إنني أنتظر الرد خلال الأيام المقبلة وإن لم أجد سأشعر بالمهانة وأن دماء أولادنا رخيصة وسأشعر أيضاً أن دمي لا يحمل الجنسية المصرية، وأنهي عيد كلامه بأن الضحايا ذهبوا إلي السماء حيث لا يوجد اضطهاد ولا تمييز. بينما قال رمسيس النجار- محامي البابا شنودة- إن الشعب المصري كله تأثر بهذا الحادث المؤلم، خاصة في ظل تزامنه مع عيد الميلاد المجيد مضيفاً أن هناك عدة نقاط يمكن لها أن توضح لنا الجناة الحقيقيين وهي أن تلك المدينة شهدت أحداثاً طائفية منذ فترة وجيزة وأيضاً الأنبا كيرلس- أسقف نجع حمادي- أبلغ مسئولي الأمن قبيل تفجر تلك الأحداث لكنهم لم يقوموا بواجبهم في منعها، وذلك بالنسبة للأحداث الأولي، أما في الأحداث الأخيرة ليلة عيد الميلاد فقد أبلغ الأنبا كيرلس مسئولي الأمن للمرة الثانية أنه تلقي رسالتين لتهديده لكنها لم تضع الأمر في الاعتبار مضيفاً أن كيرلس رفض جلسات الصلح العرفية دون تعويض الأقباط الذين نهبت محالهم التجارية وحرقت صيدلياتهم وممتلكاتهم، وطالب الأقباط في نجع حمادي بعدم التوقيع علي تنازل عن حقوقهم المدنية والجنائية مقابل مبلغ من المال، فجاءت أحداث عيد الميلاد عقاباً لكيرلس بسبب قوله «لا لجلسات الصلح العرفي». وأكمل محامي البابا حديثه قائلاً: إن المجرم المتهم بارتكاب تلك الجريمة كانت له عدة جرائم قتل من قبل ولكن كيف تحول المجرم الجنائي إلي مجرم إرهابي ومن الذي سلمه السلاح الآلي؟ وتساءل: هل فعل ذلك لأنه مقتنع بأنه سيقوده إلي الجنة؟ أما الكاتب والمؤرخ طلعت رضوان فقال «إيه اللي حصل؛ زمان كانوا المصريين مصريين ودلوقتي أصبحوا مسلمين ومسيحيين وانقسموا» وأضاف أن ما حدث في نجع حمادي سيحدث ثانية بسبب الإعلام والتعليم الحريصين علي تقسيم مصر إلي مسلمين ومسيحيين وأشكر مجلة «الاعتصام» التي قال فيها الدكتور أحمد عمر شاهين إنه ممكن أن تكون هناك علاقات بين المسلمين والمسيحيين لكن لا يجوز أن يكون بينهم مودة لأن المودة لا تكون سوي بين مسلم ومسلم، واصفاً تلك العبارة بأنها تأتي من مروجي الأصولية الإسلامية الحريصة علي تدمير مصر. وأضاف رضوان أن الحريق لن يخمد سوي بالتعليم والإعلام- مؤكداً أنه جاء لتلقي العزاء لا ليعزي وهو ما أكده أيضاً أشرف راضي- المحلل السياسي ورئيس القسم العربي بوكالة رويترز الإخبارية- قائلاً إن من لقوا مصرعهم في سن ابنه وهم بالنسبة له إخوته وأبناؤه ووجه حديثه للحضور قائلاً: لا أتحدث كمسلم لمسيحيين إنما كمصري دمي دمكم ومشاعري مشاعركم ودماؤنا جميعاً من أجل مصر ولكني أرفض أن يقال «قلب القبطي مولع نار» والأفضل أن يقال «قلب المصري» فقلوبنا جميعاً مشتعلة، والمشكلة القبطية قضية وطنية ملحة علي كل مصري مسلم ومسيحي ولكن يجب فرض القانون ومعاقبة المجرم. ومن جانبه قال كمال زاخر- منسق عام جبهة العلمانيين الأقباط في مصر- إن أحداث نجع حمادي هي حلقة من سلسلة بدأت عام 1971م بأحداث الخانكة وبالتالي «إحنا خدنا علي كده وياما دقت علي الرأس طبول». وأضاف زاخر: إن الأحداث الطائفية كانت تحدث مرة كل عدة شهور ثم أصبحت كل شهر حتي وصلنا هذه الأيام لتصبح متصدرة عناوين الصحف اليومية، وفي كل الأحداث يخرج الجاني إما مجنوناً أو يكون هناك توزيع للمسئولية، لكن المتطرفين ابتدعوا ما يسمي بجلسات الصلح العرفية وتقبيل اللحي وعفا الله عما سلف لكنهم أتوا بذلك النظام من البدو والعرب، والمصريون لم يكونوا يوماً عرباً والمشهد الأخير في نجع حمادي أعقبه عدم قيام المسئولين المصريين بتعزية الأقباط في ذويهم متسائلاً: أين كانت تلك المشاعر في حادث مروة الشربيني التي لقيت مصرعها في ألمانيا علي يد متطرف بالرغم من أن القضاء الألماني عاقبه بأقصي عقوبة وهي السجن مدي الحياة، وكان ذلك بعد أن حاول دفاع المتهم اللعب علي وتر أنه مختل عقلياً أو مجنون.