مجلس الوزراء: خامات الأعلاف المستوردة والمحلية متوفرة.. وأسواق الدواجن واللحوم مستقرة    محافظ الإسكندرية: تخفيض إنارة الشوارع بنسبة 60%.. وتوقيع أقصى عقوبة على المحال المستخدمة لإضاءة الزينة    إيران تستدعي سفير سويسرا للاحتجاج على تصريحات ترامب    "نيوزويك": إسرائيل تسحب قوات من غزة وتنفي وجود نقص في صواريخ "آرو" الاعتراضية    جوارديولا: مواجهة الوداد كانت الأصعب.. وعودة رودري تمنحنا التوازن    جوارديولا ينتقد حكم مباراة مانشستر سيتي والوداد في مونديال الأندية    عبدالمقصود: الزمالك يحتاج تدعيمات.. والفريق لا يقف على أحد    دون خسائر بشرية.. انهيار جزئي لعقار قديم شرقي الإسكندرية    انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السينما في التقارب بين الشعوب    لجنة السكان بقنا تبحث التدخل السريع لمواجهة "النقاط الحمراء" بأبوتشت ودشنا    الرقابة المالية تحدد الشروط والمعايير المطلوب توافرها بأعضاء مجالس إدارة شركات التأمين أو إعادة التأمين والإدارات التنفيذية لها    مينا مسعود وشيرين رضا في ضيافة معكم منى الشاذلي.. غدًا    قرار من النيابة بشأن واقعة تصوير السيدات داخل مطعم بالدقي    آخر موعد لتقديم مرحلة رياض الأطفال KG1 في القليوبية (الشروط والأوراق المطلوبة)    أسامة كمال: حديث نتنياهو عن امتلاك إيران لسلاح نووي قديم ومكرر منذ 2011    «بتوع مصلحتهم».. الأبراج الثلاثة الأكثر نرجسية    هل يجوز للزوجة زيارة والدتها المريضة رغم رفض الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    ما الفرق بين القرض والتمويل؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير خارجية الكويت: نأمل في خفض التصعيد بالمنطقة وجهودنا الدبلوماسية لم تتوقف    الأهلي يرد على العرض الأمريكي لضم وسام أبو علي.. شوبير يكشف    نكران الجميل.. عامل يقتل رب عمله ويقطع جثته إلى أشلاء بغرض سرقته    تأجيل محاكمة متهمي نشر أخبار كاذبة    جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    خالد الجندي: «داري على شمعتك تِقيد» متفق مع صحيح العقيدة فالحسد مدمر (فيديو)    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في جنوب غزة    تكريم الدرديري في حفل الأفضل    بعد شائعات الخلاف مع ميدو.. عبد الواحد السيد يكشف ل"أهل مصر" كواليس طلبه الحصول على إبراء ذمة مالية    ننشر موازنة اتحاد الغرف السياحية.. 54 مليون جنيه إيرادات و26 مصروفات    «فات الميعاد».. صفع متبادل بين أحمد مجدي وأسماء أبواليزيد ينهي الحلقة الخامسة    وفاة شقيق الفنان الراحل حسن يوسف    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع سترة السكني    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تمارس «هندسة إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين وسط صمت دولي    وكيل شباب الفيوم يستقبل لجنة هيئة تعليم الكبار لتفعيل مبادرة "المصريون يتعلمون"    الجبهة الوطنية يقرر إرجاء المؤتمر الجماهيري بالقليوبية    خالد الجندي يوضح الفرق بين قول "بإذن الله" و"إن شاء الله"    البابا تواضروس لرئيس وزراء صربيا: الأراضي المسيحية المقدسة موجودة في فلسطين ومصر    حيل نفسية لكسر حاجز القلق والخوف من الامتحانات.. تعرف عليها    بعد الإقلاع عن التدخين- إليك طرق تنظيف الرئتين من النيكوتين    مشروعات تعليمية جديدة في قويسنا ومنوف لدعم المنظومة التعليمية    الجهاز القومي للتنسيق الحضاري يشارك في الحلقة النقاشية «حوار المدن» بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية    كرة يد – منتخب مصر يهزم السعودية في افتتاح بطولة العالم للشباب    إيران تمدد تعليق الرحلات الداخلية والدولية حتى فجر غد الخميس    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر2025    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع «سترة» بعد تسليمه للمستفيدين    الغربية.. ضبط سيارة نقل محملة ب236 أسطوانة غاز منزلي مدعم قبل تهريبها    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    ضبط 79 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات مكثفة على الأسواق بالفيوم    فليك يجتمع مع شتيجن لحسم مصيره مع برشلونة    محافظ القليوبية يعقد لقاء المواطنين الأسبوعي للتواصل معهم وحل مشاكلهم بشبين القناطر    الأمم المتحدة تدين إطلاق النار على مدنيين يبحثون عن الطعام في غزة    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    الأرصاد تكشف عن ارتفاع درجات الحرارة ابتداء من الجمعة    ترامب يختتم اجتماعه بفريق الأمن القومي الأمريكي وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران    «هنعاير بعض».. رئيس تحرير الأهلي يهاجم وزير الرياضة بسبب تصريحاته عن الخطيب    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير الأمم المتحدة الدكتور غانم النجار: بلادنا العربية هي «الربع الخالي» من الديمقراطية
نشر في الدستور الأصلي يوم 08 - 08 - 2010

مقدمة هذا الحوار هي الخامسة والأخيرة من أصل أربع حذفتها بسبب طولها. وكل مقدمة اختلفت عن شقيقتها رغم أنها تخص نفس الرجل!. وكنت أتساءل: هل أشير فيها فقط لذلك المفكر والباحث والحقوقي الدولي البارز صاحب الإنتاج العلمي المميز وموفد الأمم المتحدة لشئون حقوق الإنسان في مناطق النزاع المسلح في العالم؟ أم أركز علي دوره المهم كأستاذ في العديد من الجامعات الأجنبية والعربية، والتي كانت أبرزها علي الإطلاق جامعة «هارفارد» الأمريكية؟. وهل لمقدمة بسيطة أن تغفل أن الدكتور غانم النجار - عضو رئيس في هيئات منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش - قد تعرض للأسر والسجن في سجون صدام حسين بعد فترة احتلال العراق لبلده الكويت في مطلع التسعينيات، وأنه - ويا للمفارقة - شارك في عدة مهمات دولية إنسانية في العراق منذ أبريل 2003 ، وأصدر العديد من التقارير الدولية التي تثبت انتهاكات قوات الاحتلال الأمريكي للقانون الدولي الإنساني!.
لأكثر من سبع ساعات كان يقف علي قدميه في قاعة محكمة جنح الخليفة. قدم من المطار مباشرة للتضامن مع نشطاء مصريين بارزين. كان يراقب السبت الماضي الجلسة الأخيرة لمحاكمة جمال عيد وأحمد سيف وعمرو غربية ممثلاً لمنظمة العفو الدولية وباعتباره مفوضًا دوليًا في اللجنة الدولية للحقوقيين بجنيف.. «الدستور» حاورته بعد انتهاء يوم درامي في جلسة محاكمة النشطاء. كان مرهقًا لكنه تحدث معنا في هذا الحوار عن محمد البرادعي وحركة الديمقراطية في مصر. وتحدث عن عبد الناصر والسادات ونظام مبارك وحرية الرأي والتعبير في عالمنا العربي الذي يفضل تسميته بالربع الخالي من الديمقراطية!.
ما تقديرك للسياق الذي تجري فيه ملاحقات قضائية لنشطاء حقوقيين ومدونين وصحفيين في مصر والكويت وكلها قضايا نشر؟
- إنه المأزق. مأزق تعاني منه الحكومات العربية. فهي غير قادرة علي التعامل مع التطورات التكنولوجية الحديثة في شبكات الإنترنت ووسائل الاتصال. وهي تطورات تسمح أو هي سمحت بالفعل بفضاءات أكبر لحرية الرأي والتعبير. وينسحب ذلك طبعا علي مواليد الإنترنت كفضائيات الإنترنت والتويتر والفيس بوك وغيرها. هذه الوسائل المتطورة أحدثت ثقوبًا في سيطرة وهيمنة الدول العربية علي وسائل التعبير. وهي كانت سيطرة قوية من قبل ظهور هذه التطورات التكنولوجية. ولو أن أداء الحكومات العربية تجاه الإنترنت هو نفسه أداء ضابط معلومات وزارة الداخلية الذي كان شاهد إثبات في قضية جمال عيد فلا شك حقًا أنهم في مأزق!. وأتصور أن الحكومات العربية لا تستهدف بالضرورة إدانة النشطاء الحقوقيين والمدونين بالقضايا وحبسهم مثلا، بقدر ما تستهدف إشغالهم وإزعاجهم بعشرات القضايا والبلاغات. وتضييع وقتهم وصرف انتباههم عن التركيز علي القضايا الخاصة بالإصلاح والدفاع عن حقوق الإنسان. وتجد الآن أن هناك أكثر من تسع عشرة قضية مرفوعة من قبل حكومات عربية ضد نشطاء وكتاب، وكأن هناك تنسيقًا بين هذه الحكومات في ملاحقة الناشطين والمعارضين لها. لكن - كما قلت - بطريقة تبدو للعالم أنها منسجمة مع القانون.
لماذا تصر الحكومات العربية علي وضع نفسها في هذا المأزق من الأصل وترفض إتاحة حرية الرأي والتعبير؟
- بالطبع هو مأزق مفروض عليها، لأنها تشعر أن وسائل التكنولوجيا الحديثة هذه غير مأمونة بالنسبة لها. إنها في الفضاء فكيف تمسكها؟! تخشي علي نفسها منها. هذه الحكومات تحتكر لنفسها حرية التعبير كما أنها ترغب في احتكار الحقيقة لها وحدها. والحكومات الآن تبحث عن وسيلة جديدة غير الوسائل التقليدية لملاحقة النشطاء مثل القمع والمصادرة والاعتقال. تقوم الآن بالملاحقة القضائية. وهذا سببه أيضًا أن الحراك الدولي الخاص بحرية التعبير أصبح محسوبًا حسابه من جانب الدول العربية. الأنظمة العربية تريد تجميل صورتها في الخارج. القصة هي أنه كيف تطور أسلوبك في القمع لمنع حرية الرأي والتعبير.
ملاحقة الحكومات العربية لحرية الرأي والتعبير هل تعكس عدم وجود رغبة سياسية لدي هذه الحكومات للاستجابة لمطالب ديمقراطية بمفهوم أوسع؟
- الدول العربية لديها حصانة من الديمقراطية وكأنها قد أخذت مصل تطعيم ضد الإصابة بها. منذ عشرين عامًا أي منذ انتهاء الحرب الباردة، تحولت أكثر من 68 دولة من النظام القمعي الشمولي للنظام الديمقراطي أو حالة اقرب للديمقراطية. لكن مع كل هذا لم تتغير الأوضاع في العالم العربي، لم تصب بهذا «المرض»، لم ندخل هذه المرحلة ولم نتأثر بها، بلادنا العربية هي الربع الخالي من الديمقراطية!. وإن حدثت فيها ديمقراطية فهي مجرد شوية انفتاح وتعامل أقل حدة مع المعارضين، لكنها في التحليل النهائي دول ليست ديمقراطية. أو قل تحاول أن تبدو ديمقراطية. لدينا دول أحدثت خطوات علي طريق الديمقراطية لكنها انتكست مثل المغرب والجزائر والأردن. لكن كيف أتحدث عن ديمقراطية في العالم العربي وليس هناك تداول سلطة؟!. هذه من بديهيات الديمقراطية.
ما الأسباب التي تدفع «ناصر الحمد» رئيس وزارء الكويت لأن يتقدم ببلاغات ضد «الدستور» والصحفي الكويتي محمد الوشيحي؟ لماذا يطارد مقال منشور بسيف الملاحقة القضائية مع كل ما يقال عن وجود درجة من الديمقراطية في الكويت؟
- رئيس الوزراء الكويتي أعلن أنه سيلاحق كل من ينتقده بتهم السب والقذف أينما كان. هذا معبر عن إشكالية في شخص رئيس الوزراء تجاه من ينتقده. وعليه أن يكون واسع الصدر لأنه مسئول كبير والمبادئ الحقوقية تفترض بكبار المسئولين أن يتحلوا بسعة الصدر تجاه منتقديهم. رئيس الوزراء جاء خلال فترة أزمة الحكم في 2006 وتم استقباله بترحاب بتصور أنه إصلاحي لكنه لم يستمر في هذا المسار. وقد نتج عن ذلك التحول أن حدث خلاف علي أسلوب إدارته للدولة بينه وبين عدد من النواب والكتل السياسية. ما أدي إلي تشكيل ست حكومات في ثلاث سنوات. وخلال هذا الصدام كان موضوع استجوابه ومساءلته النيابية محورًا للنزاع. إلي أن طرحت مسألة استبداله بشكل جدي علي عدة مستويات، وقد أدي هذا الوضع إلي قلقه، ما أدي إلي استخدامه وسائل عدة للتعامل مع هذه الوضعية، وكانت إحدي هذه الوسائل ملاحقة منتقديه عبر رفع الدعاوي. هو يعالج مشكلته الشخصية عن طريق منع الناس من انتقاده. وبلاغه الأخير ضد « الدستور « ومحمد الوشيحي هو اندفاع لا مبرر له أبدًا. هو لديه شعور بأن هذا السلوك هو الصحيح. وهذا النهج غير صحيح طبعًا.
نشعر وكأننا أمام حكومات عربية متشابهة في أساليب قمع حرية الصحافة والرأي والتعبير.. من الكويت مرورا بمصر وليس انتهاء بتونس!
- لدي شعور بأن هناك تنسيقًا فيما بين الحكومات العربية علي ملاحقة المدافعين عن حرية الصحافة والتعبير. ورغم ذلك أعتقد أن هذه الحكومات أصبحت لديها حساسية تجاه أي انتقاد لها من الخارج في تعاملها مع حرية التعبير. سقط الاتحاد السوفيتي وانتهت الحرب الباردة. وأصبحت هناك حالة من الضبابية في علاقة الأنظمة العربية مع العالم. وأصبحت هذه الحكومات حريصة علي الحصول علي شهادة حسن سير وسلوك ديمقراطي. وأود القول أن بلدًا مثل الولايات المتحدة الأمريكية تضغط علي الأنظمة العربية لتحسين حالة الديمقراطية لكنها في الحقيقة ليست لديها مصداقية لأنها هي أيضًا تنتهك حقوق الإنسان، فنجدها يومًا تنتقد انتهاك الأنظمة العربية لحقوق الإنسان وتسكت وتتواطأ في يوم آخر. وسجن جوانتانامو يكفيها، فهو وصمة عار لابد من إنهائها، خاصة أنني أعمل ضمن منظومة دولية من الخبراء المستقلين للدفاع عن معتقلي جوانتانامو. والمؤسف أنها بدلا من أن تغلق هذا الملف الشائن نجدها تعلن مؤخرًا عن أنها ستنتقي 50 شخصًا من المعتقلين لسجنهم للأبد فيه، فكيف بالإمكان القبول بحديث ديمقراطي في القرن الحادي والعشرين يسمح باحتجاز إنسان للأبد دون توجيه تهمة ودون توفير محاكمة عادلة للمحتجزين. وغير خفية العلاقة بين الولايات المتحدة وأجهزة دولة في العالم منها دول عربية من بينها مصر. غالبية هذه الدول ضالعة في قصة السجون الطائرة. تؤجر هذه الدول سجونها ومخابراتها لمصلحة الولايات المتحدة بزعم الحرب علي الإرهاب.
وطبعا الحكومات العربية مستفيدة من هذه العلاقة، فمقابل انتهاكها حقوق الإنسان تشتري ولاء وسكوت أمريكا بدعمها في قصة الحرب علي الإرهاب هذه؟
- الولايات المتحدة سلبية وإيجابية. تدعمك اليوم وتتخلي عنك غدًا. وطبعا أي دولة غير ديمقراطية ستستفيد من مثل هذه العلاقة مع الولايات المتحدة. ربما أوروبا أكثر اتزانًا من الولايات المتحدة. هناك دول كثيرة في أوروبا تنتهك حقوق الإنسان. وهناك دول أوروبية تسكت عن الانتهاكات لأن لديها مصالح مع الحكومات العربية. من مصلحة الدول العربية السيطرة علي السلطة والبقاء في رأسها. ومنذ عشرين سنة تحاول الدول العربية إجراء إصلاحات ديمقراطية لكن بمعناها الشكلي: تقليل للقبضة الحديدية وبعض الإصلاحات الشكلية التي لا تمس مسائل جوهرية.
لديك خبرة دولية مهمة في مجال العمل بالأمم المتحدة. ما ردك علي أصوات تري أن المجلس العالمي لحقوق الإنسان وآليات دولية أخري هي مجرد أدوات بيد الدول الكبري لخدمة مصالحها. هل حقًا هذه الآليات الدولية مسيسة؟
- هناك تسييس طبعًا وهذا ليس اكتشافًِا، وهو أمر لا مفر منه، فمن يملك الأمم المتحدة هي الحكومات، وهي كائنات سياسية تسعي للدفاع عن مصالحها وليس عن حقوق الإنسان. هناك بعض الأشياء الايجابية في الآليات الدولية كالمراجعة الدورية الشاملة بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان. كل أربع سنوات تتم مساءلة الدول كماذا قدمت لتحسين حالة حقوق الإنسان.
لكن الحكومات تجامل بعضها في هذه المراجعات الدورية ولا تلتزم في النهاية بالتوصيات؟
- نعم يحدث تخريب، لأن الحكومات تلعب اللعبة نفسها مع بعضها البعض.. يجاملون بعضهم لكن المراجعة الدورية علي سوئها فهي أفضل آلية للضغط وسبب إفراغها من محتواها وتخريبها هو الحكومات، فهي تسعي إلي الظهور بمظهر جيد أمام المجتمع الدولي حتي لو كان علي حساب الحقيقة، فهي بالنسبة للكثير من الدول مجرد مناورة سياسية دولية علي حلبة المجتمع الدولي، والدول العربية قائدة في هذا المجال. ومما يؤسف له أنهم غير مدركين أن بإمكانهم الاستفادة من هذه المراجعة من خلال تسليط الضوء علي المشكلات التنموية والاقتصادية التي تواجهها الدول، وبالتالي الاستفادة من برامج الدعم الفني الدولية وبرامج المساعدات. وهناك كثير من الدول الأفريقية واللاتينية استفادت من هذه المراجعة الدورية وحتي في أوروبا. وهناك تحسن يحدث في العالم العربي، لكنه طفيف. ليست هناك إرادة سياسية ورغبة من الدول العربية لتحسين حالة الديمقراطية. وأهم شيء تفعله الحكومات في المجلس الدولي أنها تدلس وتكذب لتفادي إدانتها دوليا وهذا ما تفهمه وما لا تفهمه أن الهدف الأساسي من هذا المجلس هو حث ومساعدة الدول علي تحسين حالة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وهل تعتقد أن رغبة الحكومات أو عدم رغبتها هو المؤشر الوحيد لإحداث أو عدم إحداث ديمقراطية. ماذا عن ضغط الشارع؟
- طبعًا الشارع دوره محوري لأنه صاحب المصلحة المباشرة في إحداث إصلاحات. أي حق أو موضوع يستند لضغط وتحرك شعبي يحدث به تقدم كبير. هذا يساعد جدًا حتي المدافعين عن حقوق الإنسان.
ما تقديرك لمدي التزام الحكومة المصرية بالتوصيات التي قبلتها في المراجعة الدورية الشاملة بمجلس حقوق الإنسان في جنيف؟
- من الصعب أن أقدر. بالتأكيد ستلتزم الحكومة المصرية ببعض التوصيات لكنها لن تلتزم مثلا بإلغاء قانون الطوارئ.
وكيف يمكن تفادي أو حتي التقليل من مراوغات الحكومات في المجلس الدولي لحقوق الإنسان؟
- أن يتم إعطاء المنظمات غير الحكومية الدور الأكبر في مواجهة الحكومات. أن تلتزم الدول بجداول زمنية محددة لتنفيذ توصياتها وتعطي كشف حساب للمجلس الدولي لحقوق الإنسان. لكن أنا لدي قلق في الحقيقة. قلق من التزام الحكومات العربية. فالدول العربية لم تحرز تقدمًا في مشاريع لها علاقة بالديمقراطية. غالبية دول العالم تقدمت. وهنا يرفضون التحرك.
كان لك موقف مدافع عن المصريين المرحلين مؤخرًا من الكويت لتأييدهم دعوات الدكتور البرادعي للتغيير. ما تقديرك لما حدث من الأمن الكويتي؟
- ما حدث هو سوء تصرف وغير مقبول وتعسف في استخدام السلطة وكان موقفا غير مبرر. وقد انتقدت هذا التصرف علنًا في عمودي بصحيفة «الجريدة» وطالبت بعودة من تم إبعادهم، كما عقدنا ندوة عامة كررنا فيها هذا المطلب علنا، فلدينا هامش حرية يتيح لنا انتقاد الحكومة بحدة إن تطلب الأمر. كذلك قامت العديد من الجمعيات غير الحكومية وعلي رأسها الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، بالضغط في الاتجاه نفسه. الملف بالنسبة لنا لم يغلق، فقبل أيام قليلة كنا علي تواصل مع لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة الكويتي، حيث تم استدعاء مسئولي وزارة الداخلية وجرت مناقشة ملف الأبعاد الإداري علي اتساعه، خاصة ما حدث لإخواننا المصريين البسطاء الذين لم يخربوا ولم يكسروا المحال مثلاً ولم يسببوا تهديدًا للأمن! وبعد النقاشات وعدت وزارة الداخلية بمراجعة الطلبات الخاصة بتعويض المصريين المرحلين أو إرجاعهم لأعمالهم التي كانوا يعملون بها قبل ترحيلهم قسريًا، وقد وعدوا بمراجعة الملفات. ونتمني أن يصدر قرار بإعادة العمال لأعمالهم مرة أخري. والحقيقة أن الموضوع فاجأني لأن ما حدث ليس من طبع الحكومة الكويتية. لم تكن هناك سوابق أو تراكم في هذا الاتجاه.
كيف تقيم بالمعني السياسي تجربة الدكتور البرادعي في مصر؟
- لا يمكن لنظام ديمقراطي أن يكون ديمقراطيًا إذا لم تتوافر بدائل سياسية له. إذا لم تتوافر ضمانات نزيهة للترشح في انتخابات رئاسية. أن يكون هناك مرشحون جادون. ضمانات للحماية الشخصية. ليست هناك ديمقراطية إذا كان هناك مرشح وحيد للرئاسة. وأنا في الحقيقة لا أعرف مدي التجاوب مع الدكتور البرادعي. لكن ما ألحظه أن هناك التفافاً من المعارضة السياسية في مصر حوله. وهذا شيء جيد. والمفروض أن ينظر النظام السياسي في مصر لهذا الأمر بصورة إيجابية. والبرادعي قد ينجح أو لا ينجح. لكن هذا يفتح الباب للتغيير بصورة صحيحة.
وهل تري أن الحركة الاحتجاجية في الشارع المصري قريبة من نماذج حركة الشارع في أوروبا قبل وقوع الثورات السلمية «المخملية» في نهاية ثمانينيات القرن الماضي؟
- لا. لا أراها كذلك. الحركة الاجتماعية والسياسية المصرية في مصر أقل منها طبعا في أوروبا. وفي مصر حركة الشارع حركة رمزية أكثر منها حركة مرتبطة بقواعد جماهيرية ولا يبدو أن لها قدرة علي الحشد. وأنا أعتقد أن هذه التحركات السلمية للشارع هي أمور جيدة من المفترض أن يراها النظام كفعل إيجابي. لكن النظام لا يبدو أنه يراها كذلك ويعتبرها تحركات تهديدية.
لو قرأنا معًا مصر في فترة عبد الناصر والسادات ومبارك.. هل تجد أن تأثير مصر بالمعني السياسي والثقافي في العالم العربي اختلف؟
- دور مصر الآن أصبح أقل أهمية. لم تعد هي القائدة في العالم العربي. علي أيام جمال عبد الناصر وجزء من أيام السادات كان لمصر دور كبير ومؤثر. وبالطبع هذا لا يرتبط فقط بالشخصيات ولكنه أيضًا مرتبط بالتغيرات الدولية واختيارات السلطة. أيام عبد الناصر كانت هناك حركات تحرر وتحالف عدم الانحياز. هناك انقسامات في العالم العربي. وهذا واقع حتي بين دول مجلس التعاون الخليجي. واعتقد أن مصر تحمل في بنيتها القدرة علي الرجوع لدورها.
هل تعتقد أن تحول مصر لدولة ديمقراطية سيكون له تأثير إيجابي في المنطقة العربية؟
- أي تحول ديمقراطي في مصر بالمعني الحقيقي سيحدث عدوي في الدول العربية. ستكون هناك آثار إيجابية في المنطقة العربية. نتمني أن يكون لدينا «إيدز» ديمقراطي لا تستطيع الحكومات العربية أن تحصن نفسها منه!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.