“جيمس فرانكلين جيفري ” و هو دبلوماسي أمريكي كبير وخبير في السياسية الأمنية، وقضايا الطاقة في الشرق الأوسط ، استهل مقاله الجديد بمجلة ” فورين بوليسى ” بتساؤل حول ما اذا كان باراك أوباما يقود حرب على الدولة الإسلامية، أم سيجر امريكا إلى حرب جديدة ؟! و المقال عبارة عن تحليل لوجهه نظره و استشرافه المستقبل بوجوب شن حرب امريكية جديدة فى العراق ، و انه امر لا مناص منه مستقبلا سواء اراد الرئيس ام لم يرد و سواء وافق الامريكيون او لم لم يؤيدوا هذه الحرب . و يقول “جيمس فرانكلين جيفري ” : لا يجب ان نخطئ، و علينا ادراك ان قرار الرئيس “باراك أوباما” يوم 7 أغسطس و الذى أذن فيه باستخدام القوة في العراق هو لحظة فاصلة لهذه الإدارة. أو، بمعنى اخر .. ينبغي أن تكون لحظة فارقة . و هذا لا يعني انها لحظة مهمة أو مميزة بصفة خاصة للرئيس ، حيث انه فى الواقع لم يكن لديه رغبه في الانخراط الواضح بهذه المهمة ومن الدقائق الأولى فى خطابه، اكد موقفه: “كقائد عام” للقوات المسلحة، بانه لن يسمح للولايات المتحدة أن تنجر إلى حرب أخرى في العراق.' حسنا، اليكم الامر كما هو ، انها حرب أمريكية أخرى في العراق ، ستحدث إن عاجلا أو آجلا. لقد ابطأ الرئيس بالفعل زخم تقدم تنظيم الدولة الإسلامية مع الضربات الجوية التى شنها قرب أربيل، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا سيكون استجابة لمرة واحدة أو بداية حملة هدفها أولا : “احتواء” ، ثم ثانيا “تدمير” القوة الجهادية. وكلما أسرعنا في البدء في هذه الحملة، فإن مشاركتنا ستكون أقل تعقيدا ، و تتوفر فرص اكبر لنا في النجاح، وستكون هزيمة قوات ” داعش” أكثر احتمالا ، و من قبل أن تتسبب فى تمزيق المنطقة تماما – وتصبح تهديدا لأمريكا مباشرا. و يضيف الدبلوماسى الامريكى المخضرم قائلا : ان الرهان في هذا الصراع مع “داعش” رهان واضح. والرئيس نفسه قال في يونيو الماضى ” إذا سمُح بموطئ قدم دائم للدولة الإسلامية في وسط الشرق الأوسط، فان المصالح الأمريكية الأساسية ستصبح في خطر: سيتعذر حماية المنطقة، وفي نهاية المطاف قد تواجه أمريكا والغرب موجة أخرى مثل احداث 11 سبتمبر الارهابية كذلك سيصعب حماية شحنات النفط المتدفقة من الخليج ؛ وحماية حلفائنا وأصدقائنا ستصبح مهددة على نحو متزايد من جانب الجهادين و من بين هؤلاء الحلفاء: الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان وتركيا والأردن وحلفانا في الخليج، وإسرائيل ان استراتيجية الرئيس أوباما تقوم على ثلاثة عناصر أساسية هي: 1) مكافحة الإرهاب، و تحديدا توسيع حملتنا ضد القاعدة لتركز أكثر على الدولة الإسلامية 2) قدرة الولاياتالمتحدة العسكرية في توجيه ضربات “لداعش “اذا ما عبرت” الخطوط الحمراء ” و هى بالفعل قد اصبحت الآن محدودة، رسميا، فى نطاق الكوارث إلانسانية المحددة أو تعرض أفراد امريكيين للخطر، أو ربما البنية التحتية الرئيسية 3) الهدف الاوسع بتوفير الدعم العسكري المحدود و الاستخباراتي على حد سواء لحكومة عراقية أكثر شمولية التي يمكن أن تقوض خطر ” داعش” اوللمقاومة السورية المعتدلة. ما اصوب ما فعله الرئيس أوباما حتى الآن هو تطبيق العنصر الثالث. فالتحول السياسي الجاري الآن في العراق هو “مرساة” و قاعدة لبناء اى حملة أوسع نطاقا للقضاء على تقدم الجهاديين الراديكاليين السريع الذى لم يكن ممكنا من دون دعم من السكان العرب السنة العراقيين الساخطين و الذين كانوا غالبا ما يتعرضون لسوء المعاملة. و اقصاء ” داعش” خارج تلك المناطق العربية السنية ، سيتطلب حملة لمكافحة التمرد متطورة وفعالة مثل ما قام به الجيش الأمريكي في الفترة بين عام 2007 إلى 2008، ولكن من دون أعداد كبيرة من القوات الأمريكية على الأرض. . وترشيح “حيدر العبادي”، وهو سياسي شيعي معتدل، كرئيس مكلف لمجلس الوزراء ، واستقالة نوري المالكي، هي خطوات هامة إلى الأمام، وتم تسهيلها من قبل إدارة أوباما. ولكن هناك نوعان من المشاكل مع هذه الاستراتيجية . اولا : إعطاء أوباما آراء متناقضة بشأن فعالية القوة العسكرية، و ثانيا : تاريخ أميركا مع التعذيب في العراق، وكلاهما يضعفان قوة العنصر الثاني من استراتيجيته اوباما بشان العراق و هو: توجيه ضربات عسكرية امريكية مباشرة . كثيرا ما صرح الرئيس بأنه لا يوجد هناك أي حل عسكري امريكى للوضع فى العراق ، حسنا، و لكن تقدم ” داعش” في المناطق الكردية والشيعية العربية في العراق ليس ظاهرة سياسية أو اجتماعية ولكنه بالطبع إنجاز عسكري. . و هى استراتيجية عسكرية كلاسيكية لا يمكن مواجهتها بالمجاملات الدبلوماسية. ان النجاح المروع للدولة الإسلامية”داعش” هو نتيجة لتكتيكات جيدة، منها : تجنب الصراعات الكبرى على جميع الجبهات، حيث يعمل التنظيم إلى تحييد عدو واحدا تلو الآخر ، فقد اجتاحت قواته الجيش قواعد الجيش السوري قبل بضعة أسابيع، ثم تحول إلى القوات الكردية في الشمال. وقد يكون الهدف التالي هجوم كبير لعزل بغداد. (والفوضى الناجمة عن هذه الخطوة من شأنها أن تكون خطوة متعمدة، تثير الميليشيات الشيعية وإيران، بهدف إشعال حريق حرب سنية شيعية أوسع.). و يتقدم “جيمس فرانكلين جيفري ” فى شرح وجهه نظره بقوة قائلا : مع كل نجاح عسكري جديد، يصبح تنظيم الدولة الاسلامية أقوى، ويكسب المزيد من الأراضي والموارد الاستراتيجية (مخزونات الأسلحة والسدود وطاقة لتوليد الكهرباء وحقول النفط والمصافي، ونقاط الاتصال على الطرق و هو هدف بشكل خاص)، كذلك يحصل على المزيد من الأتباع و يزداد مقاتليه. وفي الوقت نفسه، يصبح معارضيها (اكثر ضعفا و روحهم المعنوية فى الحضيض ) و هم من اوضح الرئيس أوباما بانهم مسئولون عن القتال وكسب هذه الحرب وحدهم -. وبالتالي تبرز هنا أهمية كلا من الضربات الجوية لوقف تقدم ” داعش” وتسهيل التسليح الامريكى ومن الدول الحليفة لقوات اليشمركة. و لكن القوة الجوية لديها حدود حقيقية عند استخدامها في مكافحة التمرد. ولكنها يمكن أن تحدث تغييرا هائلا في الاحتمالات في صالح الحلفاء المحاصرين على الأرض عندما تطبق المقاتلات على عدو مثل الدولة الإسلامية، التي تتقدم في صفوف آلية داخل مناطق مفتوحة، دون حماية أو غطاء من السكان المساندين لها . و قد رأينا القوة الجوية تنجح في ظروف مماثلة في ليبيا في عام 2011، و شمال العراق في عام 2003 و 1991، وكوسوفو في عام 1999، والبوسنة في عام 1995، وحتى في فيتنام في 1972.و لكن يتطلب الامر من الرئيس التوسع المنطقى فى استخدام هذه الأداة ليكون هدفها أبعد من مجرد حماية الأميركيين أو إنقاذ المحاصرين “اليزيديين” في سنجار. و في الواقع، ان تحريك الإبرة لمجرد الوخز بها لا يحقق إلى شيء و لا اى قيمة استراتيجية دائمة، لذا يجب على الرئيس التغلب على نفوره من استخدام القوة ويدرك أنه عليه إعادة صياغة خطابه الذى القاه فى “ويست بوينت ” في ربيع هذا العام، وان بعض المشاكل هي بمثابة مسامير تحتاج الى مطرقة العسكرية الامريكية . والمشكلة الثانية مع استراتيجيته تتعلق بالعنصر الثالث على المدى الطويل. وبالنظر إلى أن سياسة الولاياتالمتحدة هي أن ترفض ان يكون لداعش اى موطئ قدم في المنطقة، لذا على واشنطن ان تعمل على تحسين المستنقع السياسي العراقي بما فيه الكفاية لتمكين نفاذ استراتيجية مكافحة التمرد و جعلها فعالة. . بالطبع استقالة المالكي وترشيح العبادي هي خطوات أولى مهمة نحو إنشاء حكومة شاملة فعالة يمكن لها استمالة الأكراد والعرب السنة، وتحفيز الجيش المحبط . ولكن نظرا للتقلبات السياسة العراقية، تعد هذه الخطوات الإيجابية ماهى الا سوى البداية. ولكن ليس واضحا حتى الان ما إذا كان الرئيس أوباما على استعداد لتوسيع استراتيجيته لتشمل إجراءات عسكرية أكثر قوة بكثير ضد الدولة الإسلامية، أو للدخول في شراكة حقيقية مع هؤلاء الذين على استعداد للقيام بهذا والقتال على الأرض ضد الدولة الاسلامية . وبصرف النظر عن التردد الفطري للرئيس ازاء استخدام القوة العسكرية، أنصاره يستشهدون بان هناك رأي عام انعزالي يتزايد بشكل كبير في الولاياتالمتحدة. و ان الشعب الأمريكي في الواقع يخشى من اى التزامات جديدة، ولكن إلى حد كبير يرجع ترددهم للنتائج الدموية، غير حاسمة لواقع القتال على الأرض فى ظل وجود أهداف غامضة في كلا من العراق وأفغانستان.