حمدي الفخراني الذي أقام دعوى بطلان عقد مدينتي في حوار ل"الدستور": شركة هشام طلعت كانت مرهونة للبنك الأهلي وقت إبرام العقود.. و"غرور" هئة دفاعه أحد أسباب كسبي القضية! حمدى الفخراني جاء قرار الدائرة الثامنة «العقود والتعويضات» بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار سيد عبد العزيز، نائب رئيس مجلس الدولة، يوم الثلاثاء الماضي بقبول الدعوي رقم 12622 لسنة 63 قضائية، والمقامة من المهندس حمدي الفخراني ونجلته ياسمين ببطلان العقد المحرر بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وبين الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني والتي يمثلها هشام طلعت مصطفي الخاص بمشروع مدينتي، لطمة قوية جديدة في وجه الفساد الذي انتشر في ربوع مصر، خاصة أن مقيم الدعوي استند إلي كونه مواطنًا مصريًا كفل له الدستور المصري الحق في امتلاك تلك الأراضي، إذ لم تكن هي الدعوي القضائية الأولي التي أقامها، فقد خاض الفخراني معركة سابقة مع قضية تصدير الغاز المصري إلي إسرائيل، كما شارك في المطالبة بمحاكمة السفير السعودي في القاهرة واقالة وزير الخارجية بعد جلد طبيبين مصريين في السعودية.. «الدستور» انتقلت إلي منزل المهندس حمدي الفخراني وأجرت معه الحوار التالي: سألناه: ما الذي دفعك لإقامة دعوي قضائية للطعن ببطلان عقد «مدينتي»؟ أجاب: هو السبب نفسه الذي يدفع أي عامل أو موظف حقه ضائع إلي الخروج للاعتصام امام مجلس الشعب، فأي مواطن يطلع علي عقد البيع الخاص بمشروع «مدينتي» يشعر بمدي الفساد الذي نعيشه، وقيام مسئولين في الحكومة بمنتهي السهولة وعدم الخوف من المحاسبة بإهدار المال العام الذي هو ملك أي مواطن مصري. وما شعورك حينما اطلعت علي عقد البيع لأول مرة؟ -كانت صدمة بالنسبة لي، فلم أتوقع أن يصل الوضع إلي تقنين الفساد بتلك الطريقة، فإهدار 8 آلاف فدان من أملاك الدولة بتلك الطريقة لصالح شخص لمجرد أنه عضو نافذ في الحزب الوطني شيء بشع، فكيف لشاب في مقتبل العمر ألا يحصل علي حقه الطبيعي في تكوين أسرة لأنه لا يستطيع أن يوفر وحدة سكنية صغيره، في الوقت الذي تهدر فيها ملايين الأمتار من أملاك المواطنين بحجة إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة أقل وحدة سكنية فيها لا تقل عن ربع مليون جنيه؟ كيف ترفع الحكومة شعارات العمل لصالح الشباب في الوقت الذي ينتهكون حقهم الطبيعي في توفير السكن كأحد حقوق المواطنة؟ متي كانت المرة الأولي لك في الاطلاع علي عقد البيع؟وكيف حصلت عليه؟ - اطلعت علي العقد في أواخر عام 2008 عن طريق نجلتي ياسمين وهي تعمل طبيبة ومهتمة بالشأن العام، واستطعنا الحصول علي عقد البيع عن طريق النائب طلعت السادات. وما ملاحظاتك علي العقد التي دفعتك إلي إقامة الدعوي خاصة إنك متخصص في مجال المقاولات؟ - في البداية العقد مبرم بين طرفين هما هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ويمثلها صفوت غانم بصفته نائب رئيس الهيئة للشئون الاقتصادية والمالية والإدارية بمقتضي القرار الوزاري رقم 7 لسنة 1994 «طرف أول»، والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني ويمثلها المحاسب هشام طلعت مصطفي بصفته رئيس مجلس إدارة للشركة «كطرف ثان»، وينص علي تخصيص 8 آلاف فدان بما يساوي 33 مليونًا و600 ألف متر لإقامة المشروع مقابل 7% من تلك الوحدات للدولة، مع التزام الدولة بتوصيل المرافق للأرض، وهو شيء مريب فهل تلك النسبة «7% » مقابل المرافق التي ستدخلها الدولة أم مقابل ال 8 آلاف فدان؟!!، وكيف لم تتقاض الدولة مليما واحدا مقابل بيع تلك المساحة الشاسعة؟ ولماذا جاء العقد بالأمر المباشر دون أي مناقصات أو مزايدات؟ كل هذه التساؤلات دفعتني لاقامة الدعوي القضائية للطعن ببطلان العقد لمخالفته قانون المناقصات والمزايدات، فالعقد أقل ما يوصف به أنه كارثة ويدلل علي ما وصلت إليه مصر من انتشار للفساد؟ ورأيي كرجل اشتغلت في مجال المقاولات لسنوات طويلة أن هذا العقد يفتقد إلي المنطق، فمثلا أنا شخص أمتلك مساحة خالية وجاء مقاول ليشاركني في تشييدها أبراجًا ووحدات سكنية، فالعرف يقول إن له النصف وأنا لي النصف الآخر وليس تلك النسبة المتدنية التي نص عليها العقد، والتي تضيع حق آلاف الشباب في امتلاك وحدات سكنية صغيرة. ما التسهيلات الأخري التي منحها هذا التعاقد لمشروع «مدينتي»؟ -بجانب ما نص عليه العقد من بيع تلك المساحات بشكل المقايضة، هناك شيء آسخر خطير جدا، حيث تتمتع واردات المشروع «قانوناً» بالإعفاء الجمركي، وذلك تبعاً للمادة 18 من القانون رقم 59 لسنة 1979 المسمي بقانون المجتمعات العمرانية الجديدة، والتي تنص علي أنه «تعفي الهيئة والأفراد والشركات والجهات المتعاقدة معها من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم علي الواردات اللازمة للمشروعات المتعلقة بإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وذلك طبقاً للأحكام الواردة في القانون رقم 62 لسنة 1974 في شأن بعض الأحكام الخاصة بالتعمير وتعديلاته»، ومن الممكن في تلك الحالة التحايل وإدخال واردات من الخارج بمختلف أنواعها علي أنها تابعة للمشروع وهي تخص مشروعات أخري لنفس الشركة، هناك شيء آخر خطير جدا وتم إثباته بالدليل، فالسجل التجاري الخاص بالشركة المالكة لمشروع مدينتي يثبت أنها في تاريخ التعاقد عام 2005 كانت مرهونة للبنك الأهلي ولم يتم إلغاء الرهن إلا في عام 2008، وينص السجل التجاري «الذي قدمت صورة منه إلي المحكمة علي «رهن تجاري لصالح البنك الأهلي المصري أودع برقم 192 في تاريخ 13 مايو 2005 برقم 4877» كما نص بعد ذلك علي «شطب رهن تجاري لصالح البنك الأهلي المصري أودع برقم 226 بتاريخ 29 مايو 2008 برقم 4877». هيئة الدفاع عن هشام طلعت مصطفي طعنت بعدم توافر الصفة والمصلحة التي دفعتك لإقامة الدعوي .. فما صفتك كمقيم للدعوي وكيف أثبت ذلك أمام المحكمة؟ - بعد أن أقمت الدعوي القضائية التي قيدت تحت رقم 12622 لسنة 63 قضائية في عام 2009 أمام الدائرة الثامنة «العقود والتعويضات» بمحكمة القضاء الإداري، فوجئت بهيئة الدفاع عن الخصم تطعن في توافر ركن الصفة والمصلحة، وهو ما دفعني إلي الاستناد إلي المادة 29 من الدستور المصري التي تنص علي أنه «تخضع الملكية العامة لرقابة الشعب»، والمادة 33 التي تنص علي أنه «للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب علي كل مواطن»، بالاضافة إلي ذلك قررت الاتجاه إلي هيئة المجتمعات العمرانية وتقدمت بطلب لشراء مساحة من الأرض لإقامة وحدة سكنية خاصة بي عليها، وكانت المفاجأة أن الهيئة رفضت الطلب وفرضت الشروط والعراقيل، فكان دليل إدانة لها في القضية وقدمته إلي المحكمة التي اقتنعت بصفتي كمقيم للدعوي. ولماذا قامت هيئة دفاع الخصم بمطالبتك بتعويض 10 ملايين جنيه؟ - هيئة دفاع الخصم خدعتها الثقة الزائدة وهي اللغة التي اتبعها شوقي السيد محامي -الخصم في المذكرات المقدمة إلي المحكمة خاصة في إحدي العبارات بوصفي «آحاد الناس»، وهو ما دفعني إلي أن أكتب في مذكرة الدفاع «أحاد المحامين غير المعروفين»، كما وصف محامي الخصم مذكرة الدفاع الخاصة بي بأنها تحتوي علي كلام غير قانوني والذي كتبها لا يفقه شيئا في المحاماة، وهو ما جعل حكم القضاء الإداري يقطع كل الألسنة التي كانت تتطاول بتلك العبارات وينتصر للحق، وهو نفس المنطق الذي دفع محامي الخصم إلي إقامة دعوي قضائية للمطالبة بتعويض 10 ملايين جنيه لإساءة حق التقاضي. متي كانت النقطة الفارقة في القضية قبل إصدار منطوق الحكم؟ - القضية استمرت متداولة أمام القضاء الإداري أكثر من عام، إلا أن النقطة الفارقة في القضية والتي كانت بمثابة المفاجأة للخصم فقد تمثلت في تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي كشف عن مخالفة عقد مدينتي لقانون المناقصات والمزايدات في تخصيص هيئة المجتمعات العمرانية ل 8 آلاف فدان لصالح الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني التي يرأس إدارتها هشام طلعت مصطفي، وذلك لإقامة مشروع سكني مقابل نسبة 7% للدولة مع الزامها بالمرافق، حيث تم إبرام العقد بالأمر المباشر. هل بيع او شراء اي من أملاك الدولة لعضو مجلس شعب او شوري مخالفة قانونية؟ - بالطبع هي مخالفة قانونية ودستورية بكل المقاييس، والدليل ان المادة 95 من الدستور نصت علي أنه «لا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يبيع أو يشتري أو يقايض أو يستأجر شيئا من أملاك الدولة أثناء عضويته، كما نصت المادة 205 من الدستور علي أن المادة 95 تنطبق شروطها علي عضو مجلس الشوري، هذا بالإضافة إلي وجود مخالفة آخري تتمثل في عدم مراجعة العقد بمجلس الدولة وهو ما اعتبر مفاجأة مدوية في القضية. ولكن مازالت القضية أمام القضاء بعد طعن الهيئة أمام المحكمة الإدارية العليا؟ - هذا إجراء قانوني روتيني، فتقديم الطعن من هيئة المجتمعات العمرانية أمام المحكمة الإدارية العليا لا يوقف بالضروة تنفيذ الحكم، خاصة أنني قمت عقب إصدار الحكم مباشرة بتقديم استشكال مسبق إلي المحكمة لاستمرار تنفيذ الحكم تحت رقم 38300 لسنة 64 قضائية، إلا أن هيئة المجتمعات العمرانية لم تقدم أي طعن حتي الآن لوقف تنفيذ الحكم. هل سيؤثر قرار المحكمة علي ملاك الوحدات السكنية والمنتفعين؟ - لن يؤثر قرار المحكمة عليهم نهائياً، فالذي سيحدث أنهم سيسددون الأموال للدولة بدلاً من سدادها للشركة العربية التي كانت تدير المشروع. وما الذي دفعك إلي تقديم بلاغ للنائب العام تتهم فيه وزير الإسكان السابق بإهدار المال العام؟ -لأنه هو المسئول الأول عن إبرام هذا العقد المريب لصالح صديقه هشام طلعت مصطفي، ويجب أن تتم محاسبته والتحقيق معه في إهدار 300 مليار جنيه من أملاك الدولة، خاصة أن هذا المبلغ وحده كان كفيلاً بزيادة رواتب وأجور الشعب كله لمدة 66 سنة قادمة.