تتوالى ردود الأفعال على العقوبات الأوروبية – الأمريكية ضد روسيا. فقد أكد فلاديمير تشيجوف مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي أن الاقتصاد الروسي لن ينهار نتيجة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا. وقال تشيجوف إن الاقتصاد الروسي لن ينهار بنتيجة هذه العقوبات، بل ستكون هناك بعض الصعوبات في القطاع المصرفي، وسيُضطر إلى إعادة النظر في فترات تنفيذ بعض المشاريع، بما في ذلك تلك التي تشارك فيها الدول الأوروبية. وشدد في الوقت نفسه على أن روسيا لديها ما يكفي من الموارد الذاتية لمواجهة هذه التحديات. وأوضح تشيجوف أن "الضرر الذي سيلحق باقتصاد دول الاتحاد الأوروبي جراء العقوبات الأوروبية ضد روسيا، سيكون مساوياً لحجم الضرر الذي سيلحق بالاقتصاد الروسي، إن لم يكن أكبر. وإذا قرر الاتحاد الأوروبي فرض غرامات على شركاته في حال عدم التزامها بالعقوبات فإن هذا سيعود عليهم بعواقب أكثر سوء. وشبّه العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا ب "الفرقعة، أو الطلقة التي أخطأت الهدف، مشيرا إلى أن هذه العقوبات لا تساعد على تحقيق الهدف الرئيسي ألا وهو نزع التوتر في أوكرانيا وحل الأزمة الأوكرانية الداخلية. كما أشار إلى أن روابط الاتحاد الأوروبي الاقتصادية مع روسيا "هي الروابط الأكثر تلاحماً وتطورا.. وأضاف أنه يوجد عدد غير قليل من المشاريع المشتركة. ولو تحدثنا عن حجم التبادل التجاري بين روسيا والاتحاد الأوروبي فإنه يبلغ مليار دولار في ال 24 ساعة، وهذا أكثر ب 11أو 12 مرة من حجم التبادل التجاري بين روسياوالولاياتالمتحدة.
على صعيد متصل أكدت وزيرة خارجية الهند سوشما سواراج تمسك بلادها بموقفها الرافض لفرض عقوبات ضد روسيا على خلفية تطورات الأزمة الأوكرانية. وفي ختام محادثاتها مع نظيرها الأمريكي جون كيري، الذي يقوم بزيارات لدول آسيوية كبري من أجل حشد دولي لدعم العقوبات الأمريكية – الأوروبية ضد روسيا، قالت إن السياسة الخارجية للهند لم تتغير. ودلهي ترى أن الاستمرارية فيها أمر ضروري، فالسياسة الخارجية لا تتغير مع تغير الحكومات.
من جهته قال كيري إن "الولاياتالمتحدة سترحب بالطبع بانضمام الهند إليها" في موضوع العقوبات. وأضاف: "لكن هذا هو خيار الهند"، في إشارة منه إلى أن لنيودلهي علاقاتها الخاصة مع موسكو. وذكر الوزير الأمريكي أن موضوع فرض العقوبات ضد روسيا لم يكن في أجندة زيارته إلى الهند، بل تركّزت المحادثات على "العلاقات الثنائية" بين الهندوالولاياتالمتحدة.
وفي نفس السياق، فرضت الحكومة الروسية رسوما جمركية على استيراد السلع من مولدافيا ستدخل حيز التنفيذ بعد 30 يوما من تاريخ نشر هذا القرار على الموقع الإلكتروني الرسمي للمعلومات القانونية في روسيا. وجاء في بيان على الموقع الإلكتروني الرسمي للمعلومات القانونية في روسيا أن الحكومة الروسية فرض رسوم جمركية على السلع الموردة إلى روسيا ذات المنشأ المولدافي، تتناسب مع التعريفة الجمركية الموحدة في الاتحاد الجمركي. وسيتم فرض هذه الرسوم على مجموعة من المنتجات الغذائية واللحوم والقمح والسكر والخضروات، وكذلك على المشروبات الكحولية، والأثاث ومنتجات أخرى.
وكانت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية قد أعدت الأسبوع الماضي مشروع مرسوم بشأن إلغاء الإعفاء من الرسوم الجمركية لعدد من السلع من مولدافيا، كالنبيذ واللحوم والخضروات والفواكه والحبوب. وحذرت روسيا في وقت سابق مولدافيا من احتمال التحوّل من نظام التجارة الحرة المتبع سابقا إلى نظام أكثر تعقيدا وذلك بعد أن قامت مولدافيا بالتصديق على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
على صعيد متصل بتداعيات العقوبات الغربية ضد روسيا وتوقيع أوكرانيا على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي تتضمن إنشاء منطقة تجارة حرة، وفي سبيل حماية روسيا لأسواقها الداخلية من البضائع الأوروبية، أعلنت الهيئة الروسية للمراقبة البيطرية والصحة النباتية في روسيا أنها لا تستبعد أن تفرض حظرا في الأسبوع المقبل على توريدات البصل من أوكرانيا إلى الأسواق الروسية، معللة ذلك باكتشاف مرض طفيلي في إحدى عينات البصل المستورد من أوكرانيا. ووفقا لبيانات هيئة الجمارك الفيدرالية بلغ حجم صادرات البصل الأوكراني إلى روسيا خلال العام الماضي 18 ألف طن بقيمة 6 مليون و300 ألف دولار.
هذا وتنوي روسيا خلال الأسبوع المقبل حظر استيراد الفواكه من اليونان، بعد أن اتخذت موسكو إجراءات مماثلة على منتجات من أوكرانيا وبولندا، يقول خبراء إنها أتت كرد على العقوبات الغربية ضد روسيا. وكانت هيئة الرقابة الزراعية الروسية أعلنت في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها قد تفرض قيودا على استيراد الخضراوات والفواكه من جميع دول الاتحاد الأوروبي بسبب اكتشاف آفات ضارة فيها. ووفقا لهيئة الجمارك الفدرالية الروسية، صدّرت اليونان عام 2013 لروسيا الحمضيات والعنب والبطيخ الأصفر والتفاح والأجاص والمشمش والكرز والدراق والخوخ والفواكه الطازجة الأخرى بما قيمته 611 مليون دولار.
على هذه الخلفية، رأي مراقبون روس أن هناك فرصة لتنمية وتوسيع العلاقات التجارية مع دول الشرق الأوسط، وبالذات مصر في قيام روسيا بتعويض ما كانت تستورده موسكو من الفواكه والخضروات والعديد من السلغ الغذائية الأخرى من دول أوروبية مثل اليونان وإسبانيا وقبرص. وفي حال انضمام تركيا إلى العقوبات الأوروبية – الأمريكية بصفتها إحدى دول حلف الناتو، فستكون الفرصة أكبر لتعميق العلاقات التجارية مع مصر ودول عربية تعمل مع روسيا في المجالات التجارية.
وألمح مصادر في قطاعي المال والأعمال أن الفترة الأخيرة ساهمت في تغييرات هامة في الدول العربية، وفتحت عيون الشعوب على ممارسات الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأوروبية، ما يتيح الفرصة لاتخاذ قرارات سياسية تُخَدِّم على الاقتصاد والتجارة بصورة أكثر تنوعا وفوائد متبادلة.