الرئيس السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية الجديدة    توريد 189271 ألف طن قمح للشون والصوامع بالشرقية    تشكيل النصر المتوقع أمام الخليج.. كريستيانو يقود الهجوم    قبل مواجهة الترجي.. ماذا يفعل الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الأندية العربية؟    ضبط 6 أشخاص بحوزتهم هيروين واستروكس وأقراص مخدرة بالقاهرة    56 مليون جنيه إيرادات فيلم شقو في 17 يومًا بالسينمات    دار الإفتاء: 6 أنواع لحسن الخلق في الإسلام    الأوراق المطلوبة لاستخراج شهادات فحص المقبلين على الزواج للمصريين والأجانب    صوامع الإسكندرية تستقبل 2700 طن قمح محلى منذ بدء موسم التوريد    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    وزيرة البيئة تستعرض تحديات تمويل المناخ للدول النامية خلال مشاركتها بالدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا    استمرار حبس تشكيل عصابي لسرقة السيارات في العجوزة    «الداخلية»: تحرير 441 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1255 رخصة خلال 24 ساعة    محافظ أسيوط يتابع استعدادات مديرية الشباب والرياضة للفعاليات والأنشطة الصيفية    كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بتسيس قضايا حقوق الإنسان    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    السبت 27 أبريل 2024 ... أسعار الذهب تنخفض 30 جنيها وعيار 21 يسجل 3100 جنيه    «الصحة» تعلن جهود الفرق المركزية التابعة لإدارة الحوكمة والمراجعة الداخلية بالوزارة    مواعيد مباريات اليوم السبت 27 أبريل 2024 والقنوات الناقلة    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    حماس تتسلم رد إسرائيل بشأن الصفقة الجديدة    حزب الله يعلن استشهاد 2 من مقاتليه في مواجهات مع الاحتلال    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. نصائح لحماية طفلك من مخاطر الدارك ويب    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    أول تعليق من الإعلامية مها الصغير بشأن طلاقها من الفنان أحمد السقا    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    مصطفى قمر يحتفل بافتتاح فرع جديد من مطعمه بحضور نجوم الفن والغناء    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    «الزراعة» تنفي انتشار بطيخ مسرطن بمختلف أسواق الجمهورية    هيئة كبار العلماء: الالتزام بتصريح الحج شرعي وواجب    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    "أبعد من التأهل للنهائي".. 3 أهداف يسعى لها جوميز مع الزمالك من مواجهة دريمز؟    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    وزير الري: الاستفادة من الخبرات العالمية فى استثمار الأخوار الطبيعية لنهر النيل    كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت ومركبات مدرعة ودبابات "ليوبارد" إلى كييف    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الدستور الأصلي يوم 25 - 06 - 2014

أجلس أمام النار التى أشعلها برما فى قروانة الأسمنت أمام منزله أنتظره، كان البرد قد اشتد عليه فقال «هادخل ألبس حاجة تدفّينى»، ثم خرج فى منتهى الأناقة، قلت له: «جامد البالطو ده يا برما»، اندهش دهشة حمدى بدين، عندما سمع الناس تهتف فى الكنيسة: يسقط يسقط حكم العسكر.. ثم قال: «ده مش بالطو، ده جاكيت البدلة بتاع جدى الله يرحمه».

«جدك كان من رواد الجيم يا برما أكيد» قلت له، فقال: بالعكس لقد كان قزمًا مقارنة بإخوته، يجب أن تعرف يا صديقى أننا كمصريين «عمالين نكشّ»، ونتضاءل بمرور الوقت، لقد كانت مقاسات البشر فى الأربعينيات والخمسينيات أسطورية.

قلت له: مش فاهم.

فقال: يمكنك أن تلاحظ هذا فى مقاسات البيوت بتاعت زمان، كان فى كل بيت صالة ذات مساحة تستطيع بالكاد أن تستوعب حركة هؤلاء العمالقة، بدليل أنك إذا سكنت واحدة من هذه الشقق حاليًّا ستستطيع أن تربّى فى ناحية منها غية حمام، تفتح أبوابها ليحلِّق الحمام فى الصالة طوال النهار، ثم تقف حاملا العلم فى آخر الصالة بنهاية اليوم حتى يعود الحمام إلى الغِيَّة سالمًا، ولا يضل الطريق فى الصالة، أما إذا لم تكن من هواة الحمام، فيمكنك أن تقسم الصالة إلى ورشتين لتصنيع الأحذية، هذا الجيل ألهمته مقاساته فكرة البراح، أما مقاساتنا نحن فقد ألهمتنا فكرة «البارتيشن».

قلت له: يا لك من شخص أُوفَر يا برما!!

فقال: بلاش الشقق، ستقول لى: إنهم كانوا يشيّدون بيوتهم من وسع، عندك سيارات هذا الجيل التى تبدو كأنها قطع حربية شيك، يا دوب تستوعب رجلا وأسرته الصغيرة، لن أحدّثك عن الرفرف المبالَغ فيه، أو الكَبُّوت الذى يماثل مساحة غرفة حارس عقار هذه الأيام، ولكن تأمَّلْ معى حجم الدريكسيون فى أفلام عماد حمدى، أليس هو نفسه مقاس دريكسيون أوتوبيس نقل عام فى زمننا هذا؟

صببت له الشاى فأخذ رشفة ثم قال: ثم تأمل معى مقاسات البشر أنفسهم، يعنى لو أخذت حسين رياض من فيلم «العزيمة»، كما هو ووضعته فى حلقة توك شو ستعتقد من مظهره وحجمه أنه العميد السابق لحقوق القاهرة، عُد به إلى الفيلم كما هو ستجده يا دوب طالب حصل على التوجيهية منذ أيام، ويبحث عن عمل شريف حتى يتسنى له الزواج من ابنة الجيران، التى دهسها تقبيلًا فى بير السلم كمدرعة يقودها جندى مرتبك.

الأرواح نفسها كانت ضخمة، عندك مثلا أرواح السَمِّيعة كانت على قدر من الضخامة، بحيث يشبعها بالكاد عشرة خمستاشر إعادة لمقطع واحد من أغنية للست أم كلثوم.

كانت كل المصالح الحكومية والوزارات واللوكاندات ومقرات الصحف والقصور فى هذا الوقت تحتوى فى مداخلها على مساحة ضخمة مهيبة يسمونها «البهو».. ظل البهو يكش يكش حتى أصبح مجرد ريسيبشن فى وقتنا الحالى، وفى شققهم كانوا يحتاجون إلى مساحة تناسبهم يطلّون منها على الشارع، فكانت أسطورة «الفراندة»، وظلت تكش ونحن نكش حتى أصبحت مجرد بلكونة، قد تستطيع أحيانًا أن تقفلها بالألوميتال ليقيم فيها أحد أفراد الأسرة المصاب بالأنيميا والتوحد.

لا أتحدث عن القصور، فالشقق نفسها كان بها مساحات مخصصة لاحتياجاتهم الضخمة، فهناك حجرة للخزين «تم حاليًّا استبدال كومودينو الهلال والنجمة الذهبية ذى الأدراج الستة بها»، وهناك حجرة للغسيل «تم استبدال سَبَت بها»، وهناك حجرة للمسافرين، ومن الأخطاء الشائعة أن نعتقد أنها كانت مخصصة للمسافرين، الضيوف القادمين من جهات بعيدة.. الحقيقة أنها كانت أوضة فى نهاية الشقة لراغبى الهدوء من أهل الشقة نفسها، ولكن كان الذهاب إليها بمثابة سفر، لذلك لقّبوا مَن يقطنها بالمسافرين.

لعلمك أيضًا كانت مقاساتهم تكبر بسرعة، تأمَّلْ ماتشات الكرة فى هذه الفترة.. كان اللعيبة يفصّلون الشورتات الدَّمُّور قبل بداية الموسم على يد ترزية مهرة يجيدون ضبط المقاسات، لكن على بال ما يستلموا الشورتات يكونوا تعملقوا بزيادة، لدرجة أن هذه الشورتات كانت تغطّى بالكاد مفاصل أفخاذ اللعيبة.. لقد كانت «لباليب» هذا الجيل نقطة مضيئة فى تاريخ الكرة المصرية!

قلت له: وكيف انقرضت هذه المقاسات؟

فقال: هؤلاء الرجال العمالقة ماتوا خلال حرب السنوات الست، وظهر على الساحة رجال الجيل الثانى وكانت مقاساتهم مدعاة للسخرية، لذلك حاولوا أن يعوِّضوا هذا الفارق بأفكار جلبت لهم مزيدًا من السخرية، مثل أن يعملقوا السوالف أو يضيفوا إلى أطوالهم سنتيمترات بالشعر الهائش، أو بالإفراط فى مقاسات رجل البنطلون.. كان الشارلستون محاولة لإخفاء الطفرة الخبيثة فى مقاسات الأقدام، بعد أن انقرضت مقاسات أقدام جيل العمالقة التى استهلكوها فى دك خط بارليف.

قلت له: بدأت أصدقك يا برما.

فقال: خدها حكمة منِّى.. منذ خمسين عامًا أو أكثر كان «الإكس لارج» فى مقاس الرجال هو القاعدة، وكان كل ما هو «دون» ذلك استثناء، لذلك كانت الشتيمة السائدة وقتها يا راجل يا «دون»، الآن انقلبت الآية بحيث أصبح الاستثناء مجرد بودى جارد تتم الاستعانة بهم لمواجهة القاعدة «الراجل الدون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.