الحالة السلفية المصرية، حالة تستحقّ الدراسة والبحث الجيد، لا سيما ما بعد ثورة 25 يناير وما تلاها، حيث كان يعيش هذا الكيان فى سراديب بعيدة عن الحالة السياسة التى يعتبرها نوعًا من المحرمات وممنوع الاقتراب منها. لكن بين لحظة وأخرى وجدنا هذا التيار يحوِّل المحرم إلى حلال ويعلن مشاركته فى الحياة السياسية دون حتى تأصيل لماذا حرَّمه فى السابق وأحلّه اليوم، وكان العجيب أن يكون رديفا فى كل الاستحقاقات الانتخابية ل«الإخوان» ويكون معها المنافس القوى، حتى تباينت المواقف واختلفا فى الطريق وصار هذا التيار بمثابة الشوكة فى حلق الإخوان. وفى محاولة لفهم هذا الكيان وثبر أغواره يظهر على الساحة الثقافية كتاب جديد يخترق الحواجر وينقب فى هذا الكيان ليكشف العديد من خباياه، فقد حاول الكاتب والباحث ماهر فرغلى الاقتراب من الحالة السلفية المصرية، فى محاولة سماها «فهم الحالة السلفية المصرية»، فى كتابه الجديد «سراديب السلفيين» الصادر عن دار «كنوز للنشر والتوزيع». حيث يقول فرغلى: إننى أتصور فى النهاية أن القارئ سيدرك تماما خطورة ما يتحدث عنه كتاب «سراديب السلفيين» وأهميته، نظرا إلى انتشار التيارات السلفية، وخطورة دورها الآن، لأنه سيمكننا أن نتعرف على ملامحها وتمايزاتها وخريطتها التفصيلية والتوقعات لمستقبلها من خلال محاولة للفهم، ومقاربة للسلفيات المتنوعة. ويضيف بقوله: ليس ثمة شك فى أن التيار السلفى لم يكن حاضرا فى المشهد السياسى المصرى قبل 25 يناير، لقد آثر الانصراف إلى الدعوة والإرشاد، على الانخراط فى حكومات اعتبرها فاقدة الشرعية، لأنها لا تحكم بالشرع الإسلامى، هكذا، نبذ الديمقراطية لكنه قفز فجأة إلى حلبة العمل السياسى، وانقلب أغلب التيار على مواقفه وذهب ناحية السياسة، وخرج من الشرنقة إلى المشاركة فى فاعليات وخطوات التغيير، لنشهد تحولات فى المدارس السلفية المتنوعة، ومزيدا من الأحزاب الإسلامية، وملامح جديدة لم تقف عند حد معين، خصوصا بعد 30 يونيو 2013، لكنها تعدت ذلك بكثير جدا، وقد يختلف معى الكثيرون أو قد يتفقون. ويضيف: لكننى فى هذا الكتاب أستكمل المسيرة فى مناقشة واحدة من الحركات الإسلامية، وتيار هو ضخم بالفعل، لكى نستخلص العِبر ونستفيد من تجارب النجاح، ونتوقَّى جوانب الفشل والانهيار والتراجع للأمة، ونعرف إلى أى مدى استطعنا أن ندرس تجاربنا مع ذاتنا ونراجعها، ونصدر تقييمات حقيقية لمسيرة التشكيلات الإسلامية بكل ما فيها من جوانب النجاح ونواحى الإخفاق. يتحدث كتاب «سراديب السلفيين» لماهر فرغلى عن بوابات السلفية التى أدخلتها مصر، وملامح السلفيين وخارطتهم القديمة والجديدة، والمدارس السلفية المتنوعة، وكذلك التحولات السلفية، والمآلات المتوقعة والمستقبل الذى يتوقعه للسلفيين فى الفترة المقبلة. ويطل الكتاب على الخلاف السلفى الإخوانى وأسبابه ومستقبله، كما يعطى فكرة عن الأحزاب السلفية التى نشأت عقب الثورة المصرية، وما يطلِق عليه الكاتب «الزمن السلفى».