عندما عاد حزب «الوفد» إلي الحياة السياسية مرة أخري عام 1984 بعد فترة تجميد بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات ضمن قرارات ديمقراطية الأنياب التي كان يتبعها!! تفاعل الشارع السياسي سريعاً خاصة في ظل حراك سياسي وقتها.. ومطالب القوي السياسية بتعديل الدستور.. والتخلص من ديمقراطية الأنياب.. والتحكم والتسلط والاستبداد، تلك التركة التي ورثها الرئيس مبارك واستمر علي نفس النهج رغم بعض السياسات التي اعتبرها البعض وقتها حكيمة للخروج من حالة الغضب والغليان التي سادت فترة الرئيس الراحل أنور السادات.. وكان علي رأس ذلك الإفراج عن معتقلي سبتمبر 1981 من جميع ألوان الطيف السياسي.. وعقده مؤتمر الإصلاح الاقتصادي، لكن الرئيس مبارك عاد وسار علي النهج الاستبدادي ليحكم البلاد لما يقرب من الثلاثين عاماً بالطوارئ وبالحزب الذي ورثه!! وكان الرئيس الراحل أنور السادات قد استشعر قوة حزب «الوفد» الجديد في الشارع.. وتعطش الناس إلي أحزاب تعبر عن الشارع.. فبدأ في وضع العراقيل أمام الحزب الجديد وقياداته.. وعودة الاتهامات الجاهزة للمعارضين.. فما كان من قيادات «الوفد» بقيادة الراحل فؤاد سراج الدين إلا تجميد الحزب.. ومن هنا نزل الرئيس السادات بنفسه إلي الشارع السياسي ليؤسس الحزب الوطني.. ويهرول إليه أعضاء حزب الحكومة وقتئذ حزب «مصر العربي الاشتراكي». .. لكن حزب «الوفد» الجديد في عام 1984 ورغم الفترة القصيرة لعودته خاض انتخابات البرلمان في ذلك العام وحصل علي ثقة المواطنين وأصبح حزب المعارضة الرئيسي.. وطالب بإطلاق الحريات وديمقراطية حقيقية وانتخابات حرة ونزيهة.. وتحالف مع القوي السياسية الأخري من أجل هذه المطالب.. وهو ما أزعج النظام وحزبه الحاكم.. وبدأ في خطة طويلة الأمد لضرب الحياة الحزبية بشكل عام.. وليسمح فقط بأحزاب الأنابيب التي يديرها ضباط في أمن الدولة!! ولتكون النتيجة النهائية ضعف حزب «الوفد» مع الأحزاب الأخري عن طريق الخطة الأمنية والسيناريو الذي أصبح معروفاً وواضحاً! إما بتجميد الأحزاب أو ضربها من الداخل بتأجيج الخلافات والنزاعات ووصولها إلي أقسام الشرطة.. لينعكس ذلك في مناخ سياسي سيئ يسيطر عليه الحزب الوطني وأمانة سياسات جمال مبارك الذي اخترعوها له.. ليوجد في الحياة السياسية!! .. والآن يعود «الوفد» من جديد من خلال انتخابات علي رئاسة الحزب بدت خلال الحملة الانتخابية للمرشحين الرئيسيين محمود أباظة والسيد البدوي أن هناك منافسة شريفة.. ومحاولة لإصلاح الحزب.. ليعود إلي سابق عهده مناصراً للحريات وداعياً للديمقراطية.. وضد الديكتاتورية والاستبداد والحكم بالطوارئ.. ومع تداول السلطة.. ولينضم مجدداً إلي القوي الفاعلة في المجتمع وحركات التغيير.. والعمل من أجل دستور جديد للبلاد يليق بتاريخها وجغرافيتها وبشرها.. ويفضح الحزب الحاكم الذي ليس بحزب مؤسسي رغم ما يزعمه قياداته الذين يمكن الإطاحة بهم في أي وقت.. ويعودون إلي بيوتهم صامتين! .. فها هي أحزاب تجري بها انتخابات علي رئاستها. .. فهل يتعلم الحزب «الوطني» من الأحزاب الأخري ويعترف أن هناك انتخابات داخلية في الأحزاب بما في ذلك موقع الرئيس؟!