لتطوير أي شئ في الدنيا، هناك أسلوب علمي، وأسلوب قهري... مهاتير محمد في ماليزيا، قرر تطوير البلاد وإصلاحها، وأدرك - لأنه رجل عاقل - أن السرعة واللهوجة في مسائل التطوير أمر يؤدي إلي الفوضي ومزيد من الانهيار ؛ لذا فقد اتبع الأسلوب العلمي، وصبر، وسار بنظام الخطوة خطوة، فأصلح اقتصاد بلاده، وصنع منها غراً آسيوياً يحسب له ألف حساب، ولم يصدر أي قرارات انفعالية، أو عدوانية، أو فرد عضلاتية، علي الرغم من مواجهته حالة الانهيار الشديد في البلاد... ولينين في روسيا، هو وهتلر في ألمانيا، رأيا أن التطوير لابد أن يكون قهرياً طغيانياً عنيفاً، وهكذا تعاملا مع بلادهما، وأداراها بالعنف، وليس بالحب، والتاريخ يخبرنا أين انتهت ألمانيا النازية، وكيف سقطت مظلة الاتحاد السوفيتي.... في بلاد الغرب، يحكمونهم بالحب، وليس بالقهر، لذا فقد تطوًَّروا، وكبروا، وصاروا قوي عظمة، نرتجف نحن منها، إذا ما لوًَّحت لنا بسيف القوة، ونسعي إليها بالمشوار، طلباً للعلم والخبرة والمشورة.... وبلادنا يحكمونها بالقهر، وليس بالحب، لذا، فها هي تنبئ عن نفسها، في تردي كل أحوالها... ولهذا أراهن - وبمنتهي الثقة - علي الفشل الذريع للنظام الذي يتبعه وزير التربية والتعليم الحالي، فهو يفكر مثل هتلر وموسوليني وستالين، ويؤمن بالأساليب الفاشية والنازية والديكتاتورية، ويقضي معظم وقته في فرد العضلات وإثبات القوة وتوقيع العقاب، ويخرج بقرار جديد، كلما واجهته مشكلة ما، وكأن إصلاح التعليم لن يأتي إلا بالعنف والقوة، وهما الدرس الأوًَّل، الذي يلقنه وزير الأمن التعليمي لأولادنا.... أن يكون العنف هو سبيل الحل... درس يلقنه لجماعات تري أن العنف هو الوسيلة الوحيدة لنشر الدين، وأخري تري ضرورة فرض الدين بالقوة، وضرورة التنكيل بكل من يدين بدين آخر... الوزير يثبت لكل هؤلاء أنهم علي حق، وأنه مادامت غايتك هي الإصلاح، فكل شيء مباح.... أن تضرب، أو تنسف، أو تسيء إلي الناس، أو تحاربهم في أرزاقهم، وأن تستغل كل قوة وكل سلطة لديك... لا تحاكموا تلك الجماعات إذن ؛ لأنها تنفذ سياسة وزير التربية.... والتعليم.... ومازال لنا بقية.