لم يكن الإخوان فقط الذين فشلوا فى بناء تنظيم سياسى خلال المرحلة السابقة، ورغم أنهم استطاعوا الوصول خلالها إلى الحكم. شاركهم فى ذلك الفشل القوى السياسية.
بل إن فشل القوى السياسية والأحزاب -بما فيها من يدعى أنه التاريخى والأقوى- ساعد الإخوان على السطو على السلطة.
فقد توصلت وتأكدت الجماعة أن تلك القوى السياسية ضعيفة وأن قياداتها تعمل لمصالحها الشخصية، وأن منهم من يمكن شراء ولائه بسهولة.
وقد جعل ذلك الإخوان تتوغل فى كل مؤسسات الدولة.
وأدى ذلك إلى إقصاء كل القوى الوطنية الأصيلة والحقيقية من المشاركة سياسيا.. وتحمل المسؤولية فى إطار التوافق من أجل الوطن ومستقبله.
ولم تستمع جماعة الإخوان إلى صوت العقل من ضرورة المشاركة، وذلك بعد أن غيروا شعارهم الذى رفعوه بعد خلع مبارك «المشاركة لا المغالبة» إلى «المغالبة لا المشاركة».
وحالة الضعف التى كانت عليها القوى السياسية ساعدت على ذلك.
فضلا عن استكانة القوى والشخصيات الموجودة على الساحة.. بل كان هناك من يقدم خدماته طواعية لجماعة الإخوان وقياداتها.. سعيا إلى مصالح شخصية!
فاستغلت الإخوان ذلك وعملت على تأميم الدولة لصالح تنظيم الإخوان.
فجعلوا دستور البلاد.. دستورهم، ولم يهتموا أن يوصف بالطائفية.. واستطاعوا أن يمرروه عن طريق بعض القوى والشخصيات أيضا، التى ما زالت على الساحة الآن.
وأبقوا على شخصيات فاشلة عديمة الموهبة والقدرات، ليتولوا مناصب تنفيذية.. فكان همهم هو وجود الموالين على قمة الأجهزة.
وسايرهم فى ذلك أصحاب المرض من المنافقين والموالسين.
لكن الشعب هو الذى تصدى لهذا الهجوم الإخوانى على الدولة ومؤسساتها ومعه بعض القوى الحيوية الوطنية.
ورغم ذلك ظلت القوى السياسية تمد خطوة وترجع أخرى.. وتسعى قياداتها إلى بعض المصالح.
ولكن الشعب أصر على موقفه، من فضح الإخوان ومقاطعتهم لإظهار فشلهم فى محاولتهم فى السيطرة على الدولة.
وأظهر الشعب أن الجماعة لا تريد أن تكون كيانا سياسيا فاعلا.. وإنما تريد السلطة فقط، وتسير على خطى نظام مبارك الفاسد.. وزادت عليه بفاشيتها وتجارتها بالدين.
فلم تفلح الجماعة فى أن تؤسس تنظيما سياسيا حقيقيا، وإن دفعت بحزب سياسى لم يكن أبدا كيانا سياسيا، وإنما كان تابعا للتنظيم السرى لمكتب الإرشاد.
فأين حزب الحرية والعدالة الآن؟!
فمصيره كمصير الحزب الوطنى.
لقد حاول الإخوان أن يرفعوا «يافطة الجماعة» بأى شكل وأن يجعلوها فوق الوطن، وهم حريصون دائما على تلك «اليافطة» حتى إنهم كانوا ينافقون ويوالسون الأنظمة لتظل تلك اليافطة قائمة كما فعلوا مع مبارك، ومن قبله السادات.
لكن طمعهم وغباءهم وضعف القوى السياسية بعد ثورة 25 يناير، جعلهم يضعون تلك «اليافطة» فوق يافطة الوطن.. فإذا بها تسقط تماما وينكشف وجه الجماعة الإرهابى الذى يعادى الشعب.
وظهر الإخوان وقياداتهم بغبائهم فى كراهيتهم للوطن والمواطنين.
ومع هذا ظلت القوى السياسية على حالها وفشلها.
ولم تتصد لإرهاب الجماعة.
فالشعب هو الذى يتصدى.. وذلك قبل الشرطة والجيش.
وما زالت هذه القوى غائبة..
ولا تسعى إلى المشاركة فى المستقبل وعقمت فى الاتفاق على مرشح للرئاسة، وتنتظر قرار الفريق أول عبد الفتاح السياسى (!!).
ومع هذا تسعى تلك القوى وقياداتها للحصول على مكافآت بعدد من المقاعد فى البرلمان القادم.. وكفى.
فجزء مما نعيشه الآن من ارتباك وفوضى عائد إلى فشل تلك القوى.