لم تكن المرة الأولى التى يشير فيها الإعلام إلى المليادير والمنتج الهوليوودى أرنون ميلتشان باعتباره عميل مخابرات وتاجر سلاح يعمل لصالح إسرائيل، يحمل أرنون الجنسية الإسرائيلية وتبلغ ثروته نحو 4.2 مليار دولار إلى جانب عدد كبير من الشركات فى شتى المجالات أهمها الإنتاج السينمائى وقنوات الكيبل وحصة من القناة العاشرة الإسرائيلية، وقد نفى سابقا مزاعم علاقته المخابراتية بإسرائيل، ولكنه فاجأ الجميع وقرر أن يحكى بنفسه عن الوجه الآخر من شخصيته. كشف برنامج التحقيقات «Uvda» الذى بثّته القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى يوم الإثنين الماضى الكثير من أسرار المنتج الهوليوودى الذى أنتج أكثر من 120 فيلما هوليووديًّا مهمًّا من خلال شركته «Regency»، منها: «امرأة جميلة Pretty Woman»، و«نادى القتال Fight Club»، و«محامى الشيطان The Devils Advocate»، و«مستر ومسز سميث» لأنجلينا جولى وبراد بيت. وأنتج هذا العام فيلمين من أكبر أفلام العام هما: «نوح Noah» من بطولة راسل كرو، و«12 عاما من العبودية 12 Years a Slave» المرشح بقوة للفوز بالأوسكار هذا العام. علاقة أرنون بالمخابرات الإسرائيلية بدأت منذ الستينيات من القرن الماضى حيث كان رجل أعمال شاب ناجح بالولايات المتحدة تربطه علاقة صداقة بشيمون بيريز أحد المسؤولين وقتها عن مشروع المفاعل النووى الإسرائيلى ديمونة، وقد أسهم أرنون فى تقديم المعدات والمعلومات الصناعية الخاصة بالطاقة النووية لإسرائيل، وحسب قوله فإنه خاطر أحيانا بحياته للحصول على هذه الأشياء.
شَعَر أرنون الذى كان فى العشرينيات من عمره بأنه مثل جيمس بوند، فقام بإنشاء عديد من الحسابات البنكية وأشرف على 30 شركة تعمل فى أكثر من 12 دولة، وفى السبعينيات نجح فى عقد صفة طائرات هيلكوبتر وصواريخ ومعدات عسكرية بين أمريكا وإسرائيل، وكانت صفقة ضخمة بلغت مئات الملايين من الدولارات.
المخرج الراحل سيدنى بولاك كان شريكا لأرنون فى شركة لتصنيع الطائرات وصواريخ الفضاء، وأشار أرنون إلى أنه كان يُطْلِعه على أى أنشطة تتعلق بمساعدة بلده من خلال شركتهما، وكان سيدنى بولاك يرفض بعض الأمور، ويوافق على أخرى، وتطرح مثل هذه الشراكة مدى استغلال أرنون لعلاقته بالمشاهير والنجوم بهوليوود لتكوين علاقات مع شخصيات نافذة بأمريكا تسهّل مهمته فى التجسس.
وفى عام 1985 تعرض لمأزق كبير حينما اتهمت المباحث الفيدرالية إحدى شركاته بشحن معدات نووية إلى إسرائيل دون الحصول على تصريح، واعترف أرنون بأنه استغلّ الإعلام فى مساعدة نظام الفصل العنصرى فى إفريقيا على تحسين صورته، فى مقابل توفير جنوب إفريقيا اليورانيوم لإسرائيل، وربما يكون فيلمه الأخير الذى يرصد جزءًا من التاريخ السيئ للعبودية فى أمريكا محاولة منه للتكفير عن تجميل صورة الفصل العنصرى سابقًا، وحكى أرنون أنه استغلّ اسم نجم سينمائى شهير لاستدراج عالِم فى الطاقة النووية للحصول منه على معلومات بحجة الاستعانة بها فى سيناريو أحد الأفلام.
أصدقاء أرنون من كبار النجوم مثل روبرت دى نيرو وراسل كرو وغيرهما، نفوا أن تكون أنشطته فى التجسس أو تجارة السلاح لطَّخت سمعته فى هوليوود، وعلَّق روبرت مردوخ إمبراطور الإعلام الأمريكى على هذا الأمر قائلا إن هوليوود يسيطر عليها اليهود، وهم يدعمون إسرائيل بقوة، وقد يرى بعضهم أن ما فعله أرنون مشينًا، ولكن الغالبية سيرونه مقبولا.