منتدى باكو يحذر من اثر شبكات التواصل الاجتماعى على مستقبل وسائل الاعلام التقليدية خبراء اوروبيون يستشهدون بتجارب مصر والسعودية فى استخدام الانترنيت
استحوذت قضايا الاعلام فى الوقت المعاصرعلى حيز كبير من اعمال منتدى باكو الدولى الثالث واستشهد كثير من المحاضرين والمتحدثين بوسائل الاعلام المصرية والاحداث التى شهدتها مصر فى كلماتهم ومداخلاتهم بهذا المنتدى رفيع المستوى الذى شارك فى اجتماعاته هذا العام 800 شخصية من الخبراء والعلماء والساسة والمفكرين والاعلاميين من 70 دولة . عقدت المائدة المستديرة حول الاعلام تحت عنوان رئيسى هو " قضايا الساعة فى وسائل الإعلام وشبكة المعلومات العالمية " وافتتح اعمالها اصلان اصلانوف رئيس تحرير وكالة اذربيجان( اذرتاج) وتضمنت هذه المائدة على مدى ثلاث جلسات عمل متتالية مناقشة موضوعات التقدم التكنولوجى الجديد فى وسائل الاعلام من حيث التمويل واثره على الانتاج الروتينى اليومى ثم ركزت الجلسة الثانية على دور " وسائل الإعلام فى الحوار بين الحضارات: من الاستقطاب إلى المشاركة والتسامح "والثالثة عقدت تحت عنوان " الصحافة التقليدية وشبكات التواصل الاجتماعى".
استشهد كمال اوزترك رئيس تحرير وكالة انباء الاناضول فى محاضرته التى لم تتجاوز 12 دقيقة بوسائل الاعلام المصرية فى ابراز الاخبار والموضوعات التى تتماشى مع سياسات الحكومة الانتقالية الحالية ونشرها بسرعة وفى صدر الصفحات البارزة وبحجم كبير وعدم ابرازها للاخبار والمعلومات والاحصاءات السلبية الناجمة عن قرارات هذه الحكومة بما فيها فض اعتصامين رابعة والنهضة.
وتحدثت اماندا بول ( من بلجيكا) محللة سياسية فى مركز السياسة الأوروبية (EPC ) ببروكسل عن دور شبكات التواصل الاجتماعى في رسم السياسات والحكم وقالت انها ساعدت فى تعزيز الديمقراطية والحريات في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم ..بعد ان استخدمها الشباب واصبحت أداة رئيسية سمحت لهم بالمشاركة في نقاش مع النخب السياسية والتعامل مع صناع القرار. وانتقلت للحديث عن تطور وسائل الاعلام الاجتماعية سواء كان ذلك تويتر اوالفيسبوك او يوتيوب أو المدونات وقالت انه ينظر إليها على أنها ظهرت في السنوات القليلة الماضية غير ان جذورها أعمق من ذلك بكثير. ففي يناير 2001، أثناء عملية الاطاحة ومحاكمة الرئيس الفلبيني جوزيف استرادا ، جلبت موجة الرسائل النصية الملايين من الفلبينيين ( الشباب أساسا ) إلى الشوارع وهو ما أدى في النهاية إلى سقوطه ..وكان هذا الحدث هو المرة الأولى في التاريخ الذى يتم فيها استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية بشكل سياسى مؤثر. واضافت انه على مدى السنوات القليلة الماضية أثبتت شبكات التواصل الاجتماعى انها أكثر فعالية من وسائل الإعلام التقليدية في التأثير على الرأي العام واصبحت عنصرا هاما من عناصر الدبلوماسية العامة و القوة الناعمة للدول والزعماء وسحبت البساط من تحت وسائل الإعلام التقليدية..التى لم تجد مؤسساتها الكبيرة غير التوغل فى وسائل الاعلام الاجتماعية واصبح لديه مدونين يعملون لحسابها في هذه الأيام .
وذكرت انه اذا كان يحلو لبعض القادة وصف وسائل الإعلام الاجتماعية بأنها " أسوأ خطر على المجتمع ، " فقد أصبح جزءا متزايد الأهمية من الدبلوماسية العامة و صنع السياسات . يقومون باستخدامها بما فيها رئيس اذربيجان الهام علييف كما يفعل ذلك ايضا العديد من وزرائه و مسؤولين آخرين في جميع أنحاء العالم ومن ابرزهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذى استخدام وسائل الاعلام الاجتماعية بنجاح كبير خلال حملاته الانتخابية فى صياغة رسائل إلى ناخبية وكانت أكثر فعالية وأقل تكلفة من الطرق التقليدية ..وعلى هذا الضرب ذهب ايضا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما طالب باستخدام الدبلوماسية الرقمية لتكون أكثر الأدوات فعالية فى السياسة الخارجية ، وحث دبلوماسييه على استخدام التكنولوجيات الجديدة بشكل مكثف عبر منصات متعددة ، بما في ذلك في وسائل الإعلام الاجتماعية ، لشرح مواقف الدولة لتكون من أدوات القوة الناعمة للدولة.
واصبح النقاش السياسي لا يجري اليوم عبر مكبرات الصوت بين السياسيين بل يتم عبر "تبادل تويتر " حول مسألة في جدول اعمال اجتماع دولي وينشط فى هذا وزراء الاتحاد الأوروبي بشكلا خاص ومن ابرزهم وزراء خارجية السويد و بولندا وكذلك الرئيس الاستوني .
وقالت انه مع ذلك فأن الشبكات الاجتماعية تمثل سلاح ذو حدين بالنسبة للسياسيين ، إذ يمكن للجمهور ان يستخدمها كطرق جديدة للتفاعل ، و تؤثر في صنع السياسة.. وأكثر القصص المعروفة فى استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية للتأثير على السياسة حدث فى دول الربيع العربي . وكانت وسائل الاعلام الاجتماعية في طليعة الثورة السياسية بمصر ..حيث كانت أداة فى ايد الشارع الثائر كما استخدمتها فى المقابل المؤسسة . واضافت قائلة " انه في 1 يوليو الماضى عندما حدد الجيش مهلة للرئيس المصري محمد مرسي لإصلاح الأزمة السياسية الحالية أوسيتعرض لخطر انقلاب الكامل رد مرسي عبر حسابه على تويتر (كما نقلتها نيويورك تايمز) : مرسي يؤكد من جديد التزامه الشرعية الدستورية ويرفض أي محاولة للتحرك خارج ذلك ويدعو القوات المسلحة لسحب تحذيرها ورفض أي إملاءات محلية اواجنبية :..وهكذا استخدم مرسي نفس المنصة للوصول الى المواطنين المصريين ". وعن موضوع اخر ذكرت اماندا بول ان وسائل الاعلام الاجتماعية ساهمت ايضا فى خلق حالة انفتاح فى اكثر المجتمعات تحفظا. وقالت ان المجتمع السعودى ظل حتى وقت قريب مغلقا و صامتا و على اتصال قليل مع العالم الخارجي ويقبع السكان وراء الفضائيات لكن الامر تغير الآن مع انفجار شبكات وسائل الإعلام الاجتماعية الذى كان له تأثير كبير في المملكة العربية السعودية التى اصبحت أكبر وأنشط مجتمع على الإنترنت في العالم العربي . وقد سمح هذا للسعوديين التعبير عن أنفسهم وتناول القضايا الاجتماعية أو السياسية بشكل غير مسبوق . واضافت ان السعودية اليوم بات لديها أعلى معدل استخدام في العالم لوسائل الإعلام الرقمية بتسجيل أكثر من 13 مليون مستخدم ..وعرض ما يزيد على اكثرمن 90 مليون مقطع فيديو يوميا على موقع يوتيوب ، و أكثر من 3 ملايين شخص على تويتر . وتحدثت سغريد كوفى (من استوانية) مدير تحرير صحيفة بوستميس عن التشابك الوثيق بشكل واضح بين وسائل الإعلام التقليدية وشبكات التواصل الاجتماعى. وقالت ان هذا برز بشكل واضح واصبح المثال الأكثر شيوعا عن الترابط القوي بين وسائل الإعلام التقليدية و الشبكات الاجتماعية فى الربيع العربي حيث تمت مشاهدة الأحداث من خلال مقاطع الفيديو المنشورة علي الانترنت وعبر وسائل الاعلام في كل مكان في غضون أيام قليلة. واضافت انه كما سبق ان ظهر هذا الترابط فى بلدى استونيا عام 2011 . يوم اجراء الانتخابات البرلمانية . .وعندما تم أغلاق مراكز الاقتراع في الساعة 8 مساءا وبينما ظل الناس حتى التاسعة والنصف و كل محطة البث وجميع الصحف ..فى انتظر نتائج الانتخابات الأولية. وذكرت انه في هذه اللحظة الحرجة جدا انهار الموقع الإلكتروني للجنة الوطنية للانتخابات بسبب عطل فني ..وارتفعت حدة صيحات المعلقين وكذلك الصحف وشبكات البث التلفزيونية الحية لا توجد نتائج لمناقشتها . وقالت انه فى ظل هذه الساعة العصيبة ..لم تجد لجنة الانتخابات غير صفحتها على الفيس بوك للبدأ فى نشر النتائج..وكان الجميع سعداء بهذا فيما عدا الشركة التي تقدم الخدمة لموقع اللجنة الانتخابية التى تم الغاء العقد معها. ثم تحدثت عن مزايا شبكات التوصل الاجتماعى قائلة ان الناس فى صفحاتهم على الفيس بوك بعكس وسائل الاعلام التقليدية والمؤسسات .. أكثر انفتاحا وهذا هو أكبر ميزة للشبكة الاجتماعية الى جانب سرعة تبادل الأفكار و الكثير من الاحتمالات للعثور على نقطة بديلة فى وجهات النظر. .مشيرة الى ان النقاش هو جزء مهم في عمل أي شبكة اجتماعية وقالت أن المناقشات في الشبكة الاجتماعية يمكن ان تظهر للصحفي نقاط الضعف والحجج في قصته . وعن الفرق بين الاثنين قالت ان هناك فرق هام جدا بين وسائل الإعلام التقليدية و الشبكات الاجتماعية . الشبكة الاجتماعية ليس لديها المحررين بالمعنى التقليدي . (قد يكون هناك بعض المراقبين . ) واضافت انه في وسائل الإعلام التقليدية يقوم المحرر المسؤول عن بالتدقيق فى المعلومات . اما في الشبكة الاجتماعية ..فان العواطف الشخصية و الرغبة في السرعة تكون أكثر أهمية من الدقة. ونشر سيناريوهات سيئة على هذه الشبكة يمكن أن يسبب حالة من الذعر والهلع يمكن ويكون فى هذا ذريعة مريحة للسلطات لمضايقة نشطاء الشبكة الاجتماعية . واستطردت قائلة انه يوجد ايضا مهمة اضافية للصحف التقليدية والتلفزيون أو الراديو وهى تثقيف القراء و المشاهدين والمستمعين ..وهذه المهمة غير متوافرة فى شبكات التواصل الاجتماعى التى من السهل بالنسبة لأي مستخدم انشاء فقاعة شخصية من المعلومات و البقاء ضمن هذه الفقاعة . .وهو ما يتسبب فى مشاكل خاصة إذا كانت معلومات هذه الفقاعة الشخصية غير مقبولة وخارجة عن المألوف او تقود للتطرف .
كما اشارت الى ان مدونة الأخلاقيات والسلوكيات في وسائل الإعلام التقليدية تتسم بالقوة..بعكس الشبكات الاجتماعية وهو مايؤدى الى ظهور مشاكل كالبلطجة. وتحدث ايضا عدد من الخبراء مؤكدين أن التواصل الإعلامي والشفافية هي مفاتيح أساسية في العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدول والشعوب، وأن الاعلام السياسي له حجم كبير جداً ولابد من إدارته باحترافية ودقة متناهية للتعامل مع الأحداث والتطورات المتلاحقة وكذلك للتعامل مع الشائعات والأخبار الغير دقيقة التي من الممكن أن تنتشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي.
وكان الرئيس الهام علييف رئيس اذربيجان قد توقع فى كلمته بافتتاح المؤتمر ان تشهد جلسات هذه المائدة المستديرة تحديدا جدلا كثيرا وقال ان موضوعات هذه المائدة ستشهد وجهات نظر متباينة..وستناقش القضايا الرئيسية من وسائل الإعلام في فترة من العولمة . .و نحن نعيش في عالم الإنترنت و هذه ميزة كبيرة وأود أن أشير أن الإنترنت في أذربيجان مفتوح ومتاح تماما ، و 70 % من سكان اذربيجان من مستخدمي الإنترنت بكل حرية ..مشيرا الى ان وسائل الإعلام تتمتع بالحرية في أذربيجان.
واشار بكلمته الى ان شبكة الإنترنت اصبحت مصدر الناس للحصول على المعلومات والأخبار وهذا بالطبع يلقى بمسؤولية على السياسيين ، وممثلي وسائل الإعلام و الشخصيات العامة ..مشيرا الى إن مسؤولية وسائل الإعلام تنمو تدريجيا ..واصبح نهجها نهجا مسؤولا وهو الامر الذى سوف يخدم مصالح الجميع .
وقال انه يحدوني الأمل في أن تجرى، بصفة عامة مناقشات بشأن النهج المفاهيمي لهذه القضايا . . ونحن نعتقد أن مستقبل هذا العالم ينبغي أن يستند فقط على التعاون والتفاهم المتبادل والاحترام المتبادل و الحوار بين الحضارات .. خلاف ذلك ، يمكن للبشرية ان تواجه كوارث ضخمة ومشاكل .واضاف ان هناك أزمة ثقة في عالم السياسة هذه الأيام و أحيانا تناقضات وسوء فهم حتى بين أقرب الحلفاء. .و هو اتجاه خطير جدا.. لكون التعاون الدولي غير وارد من دون توافر الثقة . واوضح ان التعاون الدولي ، بما في ذلك التعاون السياسي والإنساني ،لا يمكن أن يبنى إلا على أساس من الثقة المتبادلة والإخلاص ..حتى يكون العالم أكثر أمنا وازدهارا.
واعرب الرئيس الاذرى عن قلقه الشديد بشأن الصراعات والحروب القائمة على اسباب دينية ..وقال ان مناقشة القضايا الإنسانية و التعاون الإنساني هي خطوة في اتجاه إيجابي . ولهذا ي التعاجب ان يكون التعاون الإنساني في قلب جدول الأعمال العالمي.
كما اشار فى كلمته الى ان بعض " اجتماعات الموائد المستديرة " التى تعقد بالتوازى ستتناول موضوع الابتكار العلمي. وقال ان أذربيجان تسعى لتكون في الطليعة بهذا المجال . وتدفع العمل نحو التطور العلمى بكثير من الاهتمام. ,ولديها صندوق مخصص للتنمية بغرض الاستثمار في مجال التكنولوجيا العالية . وذكر ان بلاده انضمت فى فبراير من هذا العام ، إلى نادي الدول الفضائية ، وإطلاقت القمر الصناعي الأذربيجاني الأول إلى المدار .
وقد اقر المشاركون فى ختام مناقشات هذه المائدة اعلان باكو خاصة فى شقه الاعلامى والذى اشار الى الدور المتزايد لشبكات التواصل الاجتماعى و تأثيرها على العمليات السياسية العالمية ..و على دور وسائل الإعلام التقليدية .
كما شدد المشاركون فى هذا البيان الذى حرص اصلان اصلانوف على اخذ التصويت عليه من جميع المشاركين ..على دور المسؤولية الاجتماعية للصحافة في مجالات واسعة النطاق وفى الحفاظ على وتحسين حياة الإنسان ، وكذلك حقوق الإنسان الأساسية ، السياسية و غير السياسية . وأقر المشاركون وسائل الإعلام الحديثة كمنصة ثابتة و قناة للتواصل بين الثقافات ، واتفقوا على أن الصحافة هي التي لديها دور خاص في تعريف الناس مع و تقريبها من بعضها البعض، بناء التفاهم فيما بينها ، وتعزيز التسامح الديني و العرقي والتفاهم بين مختلف الشعوب والأعراق والثقافات والأديان و الفئات الاجتماعية.