تساءلت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية عما إذا كانت حزمة الإصلاحات الديمقراطية التي أعلن عنها رئيس الوزراء التركي المحافظ رجب طيب أردوغان قبل أيام ، كافية للأتراك أم لا.
وذكرت المجلة - في تعليق على موقعها الإلكتروني اليوم "السبت" - أن الإجابة على هذا التساؤل يتوقف على الموجه إليه ؛ فمثلا أبناء المجتمع الأرثوذوكسي السرياني سيردون بالإيجاب ، لا سيما وأن هذه الإصلاحات تضمنت بندا يلزم الدولة بإعادة أراضي إلى دير "مور جابريل" ، أقدم الأديرة السريانية في العالم .
أما الأكراد، الأقلية العرقية الأكبر في الدولة، فقد رجحت المجلة أن يأتي ردهم مغايرا للسريانيين، ولا أدل على ذلك من تصريح جولتن كيزاناك، الرئيسة المشاركة لحزب "السلام والديمقراطية" المؤيد الأكبر للأكراد، تعليقا على تلك الحزمة من الإصلاحات قائلة "هذه الحزمة لا تلبي أيا من توقعاتنا".
بينما العلويون، الأقلية الدينية الأطول اضطهادا في تركيا والتي تمثل وجها ليبراليا فريدا للاسلام الشيعي، فهم الأكثر نقمة وتسخطا على تلك الحزمة من الإصلاحات، في ظل استمرار تجاهل مطالبهم بدور عبادة يقيمون فيها شعائرهم، على نحو كرس مشاعر التمييز الديني ضدهم من قبل أردوغان المناصر للمذهب السني.
ونوهت المجلة البريطانية عن أن تركيا لا تزال تحتفظ باللقب كأكبر سجن عالمي للصحفيين، ولا تزال أبواب معهد اللاهوت في جزيرة هالكي مقفلة على الرغم من المناشدات بضرورة سرعة فتحها.
ومع ذلك، تقول "الإيكونوميست"، تبقى حزمة الإصلاحات المعلنة بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح؛ إذ ساعدت هذه الحزمة في إزاحة الضباب الذي لف الدولة بعد الوحشية التي تعاملت بها الحكومة مع التظاهرات الحاشدة في يونيو الماضي.
ورأت المجلة البريطانية أن الأكراد، وهم أكثر المنتفعين من هذه الإصلاحات، محقون في سؤالهم عن حدوث تغيير في قانون مكافحة الإرهاب التركي، الذي يرزح بموجبه آلاف النشطاء من الأكراد في غياهب السجون والمعتقلات.
ورجحت المجلة أن يعمد عبد الله أوجلان، زعيم حزب "العمال الكردستاني" السجين الذي لا يزال يحظى بولاء الملايين من الأكراد، إلى إخبار قياداته على الأرض بأن هذه الحزمة من الإصلاحات كافية في الوقت الراهن، وأن عليهم التشبث باتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ مارس الماضي..
لا سيما في ظل انشغال حلفائه بحزب "الوحدة الديمقراطي الكردي" في سوريا بالقتال جنبا إلى جنب مع فصائل متنوعة من المعارضة السورية وغيرها من الجهاديين المرتبطين بتنظيم القاعدة، على نحو بات معه حزب العمال الكردستاني غير قادر على استئناف معركته في تركيا حال إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار.
ورصدت المجلة استمرار تركيا في تقديم المساعدات للجماعات التي تقاتل حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا، على نحو يهدد بعرقلة محادثات السلام مع أوجلان.
واختتمت "الإيكونوميست" تعليقها بالقول " إذا كان الغرض من الحرب التي تشنها تركيا بالوكالة ضد الأكراد في سوريا هو تثبيط حلفائهم في تركيا، فإن التاريخ أثبت من قبل أن مثل تلك الحروب تأتي بأثر عكسي، لا سيما وأن في استطاعة الأكراد الأتراك الانضمام إلى حشود المتظاهرين وإشعال موجة جديدة من الاضطرابات