بمجرد عودتي من الخارج اتصل بي المخرج عمرو بيومي ليدعوني لمشاهدة فيلمه التسجيلي «كلام في الجنس» المعروض ضمن فعاليات المهرجان القومي للسينما ثم قال لي بشبه حرج: «هو الميعاد وحش بكره الساعة عشرة صباحا في مسرح الجمهورية»! لم أفهم معني أن يعرض الفيلم التسجيلي في مسرح الجمهورية ثم لماذا العاشرة صباحا حيث إننا اعتدنا أن العروض القصيرة والتسجيلية تعرض في المسرح الصغير بالأوبرا وفي مواعيد مناسبة وليست العاشرة صباحا!المهم أنه بسبب هذا الموعد- الغريب- لم اتمكن من الذهاب لمشاهدة الفيلم وعندما طالعت جدول العروض اكتشفت هذا التغير الكبير في شخصية العروض فبالفعل عروض التسجيلي والتحريك والقصير تعرض في العاشرة صباحا في الجمهورية ثم تبدأ من الثانية ظهرا عروض الأفلام الطويلة وشعرت بضيق شديد وإن ثمة مؤامرة علي السينما القصيرة والتسجيلية أو تجاهل متعمد لقيمة هذه العروض الذي نتظرها من السنة للسنة لمشاهدة كل إنتاج السينما المصرية منها وهي الأفلام التي لا تعرض تجاريا أو تليفزيونيا أو حتي في السوبر جيت!وكان من نصيبي أن أقوم بإدارة ندوة عن مجموعة أفلام المركز القومي للسينما - وهي المجموعة نفسها التي كان من المفترض أن تشارك في المهرجان العام الماضي- وذهبت لكي ألمس بنفسي مدي تأثير موعد العروض ومكانه علي نسبة الحضور وما حسبته لقيته ففي مقابل امتلاء المسرح الصغير في السنوات السابقة التي كانت الأفلام تعرض فيها الساعة الرابعة ظهرا وأحيانا الخامسة لم يكن هناك ما يزيد علي 15 فرداً في الجمهورية والذين أغلبهم صناع الأفلام أنفسهم أو أقاربهم.وبسؤال بعض المواظبين اكتشفت أن هذا هو الحال كل يوم فالميعاد ميت بالبلدي فلا طلبة ولا موظفين من المهتمين أو شبه المهتمين يمكن أن يحضروا.. حتي الصحفيين يتكاسلون ويفضلون العروض المسائية للأفلام الطويلة رغم أنها لأفلام عرضت طوال العام الماضي وليست فيها جديد وعندما بدأت الندوة لم يكن قد تبقي أكثر من عشرة أفراد متفرقين في الصالة وتذكرت مشهد المسرح الصغير في العام الماضي وأنا أدير ندوة بها أكثر من 100 شخص جاءوا لمشاهدة التجارب القصيرة والتسجيلية ومناقشة صناعها وسألت لماذا لم تقام العروض في المسرح الصغير مثل الأعوام السابقة فقالوا إن المسرح الصغير به إصلاحات قلت وأين مركز الإبداع قالوا :فيه عروض !فقلت أي عروض وفي أي مواعيد؟ألم تجد إدارة المهرجان ميعاد أسوأ من هذا؟ وألا تستطع أن تدبر مكان عرض مناسب في وقت مناسب لأسبوع واحد فقط؟ ثم لماذا لم يتم عرض الأفلام الطويلة صباحا؟ ثم تصبح فترة الظهيرة للأفلام القصيرة والتسجيلية ثم تستكمل الفترة المسائية بالأفلام الطويلة فيصبح هناك سبب وجيه لجذب الجمهور من خلال «حشر» العروض (غير الجماهيرية) وسط العروض (الجماهيرية) فقال البعض إن نجوم الأفلام سوف يرفضون أن يحضروا حفلات صباحية..كدت أن أقول لهم بصراحة"طز"لكنني أمسكت نفسي..و«هؤلاء» الذين يجيبون هم من تطوعوا بالإجابة عن أسئلتي..بعضهم من إدارة المهرجان وبعضهم من الجمهور الذي تساءل في البداية مثلي ثم رضي بالأمر الواقع وجاء حبا في مشاهدة الأنواع السينمائية اليتيمة التي لا تجد نجوما يجبرون إدارة المهرجان علي عرضها في أوقات مناسبة.