منذ فترة قد طالت ونحن نعاني فراغا خطيرا على الساحة السياسية، بل بدأنا أن نيأس من ظهور الشخصية الكارزماتية الكفيلة بلم الشمل وبقيادتنا نحو إعادة بناء الأمة،إنسان جديد بعيد عن السياسة التقليدية يتحدث بلغة جديدة لم نسمعها بعد، قائد يحبنا ونحبه، يحترمنا ونحترمه، لامصلحة له سوى وحدة الأمة بأطيافها، نسير معه نحو الوضع الجديد إلى أن "يسلّم لنا المفتاح". هذا مع جزيل إحنرامنا لسائر الشخصيات السياسية ذات النوايا الحسنة القائمة والتي تكافح بحماس من أجل الصالح العام. وفجأة ظهر على الساحة العامة الفريق أول عبد الفتاح السيسي بحكم مسئولياته الرسمية. ظهر ثم أعجبنا باسلوبه في معالجة الشأن العام. مرتديا الزي العسكري ومتحدثا بحنكة سياسية رفيعة المستوى، وقد علّق على ذلك "الأستاذ" محمد حسنين هيكل في حديث تلفزي عبر فيه عن إعجابه بالغة السياسية الراقية التي يتحدث بها القائد العام للقوات المسلحة.
نعود إلى عنوان المقال حيث وردت ثلاث كلمات: قائد وزعيم ومؤسس. فما الفرق بيتها؟
كلمة القائد توحي بشخص ساريا في المقدمة و خلفه آخرون يوجههم كما يشاء في مسيرة ما مع تحمله مسئؤلية النجاح أو الفشل في جميع الأحوال، مثل القيادة العسكرية. وهناك القائد الذي يدفع المجموعة من الخلف إن أصابها الخمول، في حين أن القائد الديموقراطي يسير وسط المجموعة ليقودها نحو الهدف المشترك.
أما الزعبم فلا بد أن يكون متمتعا بكارزما خاصة أي بجاذبية تمكنه من تحريك المشاعر وتحميس القلوب ودفع الجماهير إلى الأمام دون ضرورة إحتلاله الصف الأول. أما عن تمتع الفريق السيسي بهذه الصفة فيكفي الإشارة إلى التجاوب الخرافي للشعب لنداء القائد الذي رجا منه تفويضه في الوقوف ضد الإرهاب.
ِشأن آخر بالغ الأهمية هو ِشأن المؤسس. تعريفه في علم الإجتماع هو: الشخص الذي يجاهر بوضوح بما يكمن عموما داخل آخرين لم يسبق لهم التعبير عنه. ويأتي المؤسس سواء بفكر جديد أو بأسلوب مستحدث في تنفيذ الفكر القائم. وجدير بالذكر أن أي كيان قام على فكر معيّن، حزبا كان أم حركة أم بلد، إنما له أكثر من موسس توالوا تباعا وتحملوا المسئؤلية الأولى عبر الأزمنة، وإلا لتقلص الجسم ومات روحيا إن لم يكن جسديا. في بلادنا مثلا أسس الفرعون منيس (مينا) مصر بتوحيد قطريها على أساس فكر معين، جدده بعده عدة مؤسسين مثل أخناتون (أمينوفيس الرابع) ورمسيس الثاني وفي أزمنتنا محمد علي باشا وجمال عبد الناصر... وعبد الفتاح السيسي.
لماذا السيسي؟ لأنه إبتدع أسلوبا جديدا في العلاقة الديموقراطية ذاتها بين الحاكم والشعب عندما طلب منه بسبب غياب البرلمان تفويضه جماهيريا لمواجهة الإرهاب.