الأخ الذي يهاجم كتاب الصحف المعارضين، على المواقع الإلكترونية، بألفاظ نابية منحطة، دفاعًا -في مفارقة محزنة- عن شرع الله، والذي يدخل في جدالات بيزنطية، على مواقع التواصل الاجتماعي، مع كل من ينبس ببنت شفة نقدًا للرئيس. الأخ الذي ينهي عبارته دائمًا بالمقولة المستهلكة: «أنا مش إخوان لكني بأحترمهم وبأقول كلمة الحق»، إذا كان ما تزعمه حقًا، ولست إخوانيًا بالفعل، وهذا صعب تصديقه. فهل مازلت بعد مهرجان الطائفية والفتنة، على ستاد القاهرة، بقيادة ضابط الإيقاع الأول، رئيسنا طويل العمر، يطول عمره، ويقصّر حكمه، على رأيك في الإخوان؟
إذا كان لك وجود حقيقي، ولست خرافيًا كطائر النهضة، فمؤكد أنك شعرت بالقرف والاشمئزاز، حين سمعت فتاوى التكفير تنهال على الذين يريدون الخروج يوم ثلاثين لإسقاط الوثن؟
قد تكون ضد «تمرد»، وهذا حق لا يُنكر عليك، لكن أليس الذين سيتظاهرون ضد مرسي يرون أن وجوده ضد مصلحة البلد؟
إنهم مصريون، ولا أحسب أن مصريًا واحدًا، يرى بعد الثورة أن الخروج على الحاكم كفر أو حرام، وبوسعك أن تستفتي الشيخ ياسر برهامي، فعند الرجل ما تشتهي الأنفس من الفتاوى، وكله «بما لا يخالف شرع الله».
كيف استقبلت حواسك كلامًا يخرج كالصديد والقيح، من أفواه تحتها لحى مبعثرة، بطول قبضتين، وليس فوقها شوارب، عملًا بسنة الرسول، صلى الله عليه وسلم؟ وكيف تلقيت كلامًا يرمي الناس بالباطل، ويجعلهم من الذي حبطت أعمالهم في الحياة الدنيا، لمجرد أنهم معارضون؟
ألم تشم رائحة الطائفية العفنة في عبارات الشيخ محمد عبدالمقصود، نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، إذ قال وصف الشيعة بالأنجاس والمعارضة بالكفار؟
دعك من هذا كله، وانظر في خطبة الرئيس نفسه.. ما هذا الخطاب الإنشائي الركيك؟
لقد قدم لنا محمد مرسي، في الخطاب، شيئًا أشبه ما يكون بالكشري.. من حيث اختلاط مكوناته، وامتزاج مذاقاته.
هاجم نظام بشار، وأشاد بموقف سوريا في حرب العاشر من رمضان، وكأن بشار الأسد يشكل نظامًا مختلفًا عن نظام أبيه الذي كان يحكم آنذاك.
تحدث عن التقارب مع إيران، وشجب موقف طهران، من دعم نظام البعث.
أكد الحرص على وحدة التراب السوري، وعزف نشازًا على أوتار الطائفية، وسكب البنزين على النار.
فجأة شعر الرئيس بأن قلبه يتفطر، ودمعه يتحدر، ومشاعره تتكسر، ودماءه تتفجر، بسبب ما آلت إليه الأحوال في سوريا؟
لم نسمع أن الرئيس كان في غيبوبة، ولا نحسبه مصابًا بارتفاع سكر الدم، يغيب عن الوعي، فيفيق ولا يتذكر شيئًا.
إن آلة الحرب في سوريا، تقطف كل يوم، حيوات يانعة، وتحصد أطفالًا ونساء، منذ نحو سنتين ونصف، لكن قلب الرئيس الطري كقلب «الخس»، لم يتحرك إلا بعد أن أعطى السيد الأمريكي الأوامر، من المكتب البيضاوي.
لا أدري لماذا تذكرت واحدة من مأثورات الرئيس: «القرد مات والقراداتي يشتغل إيه».. هل ثمة علاقة؟
أخيرًا تحركت الديبلوماسية المصرية العنترية، وألقى الرئيس خطابه الركيك لغةً وتوقيتًا وموقفًا، واجتمع الحشد من المسبحين المهللين، لابن العشيرة الفالح الذي أصبح رئيسًا، لنصرة سوريا، عبر تأييد البطلان ضد الباطل.
أخيرًا ذرف الشيوخ الأتقياء الأنقياء دموعهم، بعد الأمر الأمريكي أيضًا، على شعب سوريا الشقيق المسكين، ولعنوا نظام بشار سفاك الدماء، ودعا الرئيس إلى أن نستوصي باللاجئين السوريين في مصر خيرًا، وهي دعوة محمودة، لكننا نردها إليه، بأن يستوصي هو بالسوريين في مصر خيرًا، ويمنع أثرياء أهله وعشيرته، من العواجيز في أرذل العمر، من استغلال الظروف السيئة للاجئات السوريات، وردهم عن جهالتهم التي تسول لأنفسهم الدنيا، أن ينصروا الثورة السورية، بأن يتزوجوا القاصرات السوريات، وهن في ربيع حياتهن، وتباشير تفتحهن.
الأخ الذي تدعي بأنك لست إخوانيًا، لكنك تحترمهم.. كيف شعرت إذ قطع الأخ مرسي، العلاقات مع سوريا؟
ألم ترد إلى مخيلتك الصورة الذهنية البغيضة للعلم الإسرائيلي مرفرفًا في سماء القاهرة؟
أخي الذي لست إخوانيًا، لكنك تحترمهم.. لن أستطيع بعد الآن، أن أحترمك إن كررت هذه العبارة.