كنت أتجول في أحد المطارات العالمية من أسبوع، عندما لفت انتباهي غلاف مجلة «time magazine» الشهيرة، وهي مجلة أحترمها كثيرا، شدتني علي هذا الغلاف جملة «عشر سنين من الجحيم.. ولماذا السنوات القادمة ستكون أفضل». حقا كانت عشر سنوات في غاية القسوة! لا أحد منّا سوف ينسي بداية هذه الألفية الثالثة.. لن تنسي أمريكا تاريخ 11 سبتمبر 2001، ولن ننسي نحن ردّها بعد هذه الأحداث بالنظام العالمي الجديد وثقافة الرعب والخوف من الآخر.. لن ينسي العراقيون ولن ينسي جورج بوش الابن، ولن تنسي «wall street» والبورصات العالمية سقوطها المدوّي في الفخ الذي نصبته بنفسها.. فخ الجشع والرأسمالية المتوحشة.. من منا لن يتذكر مشاهد سقوط بغداد؟ وصور أطفال غزة تحت القنابل الفسفورية الإسرائيلية؟ ودموع السائحين المفزوعين بعد «تسونامي؟» وإنفلونزا الطيور ثم الخنازير، وما خفي كان أعظم.. ضجيج وصراخ ودموع تمنعنا من سماع استغاثة الكائن الوحيد الذي يجمع بين كل الشعوب والحضارات والديانات والأنظمة.. هذا الكوكب الذي منحه الله لنا لنسكنه ونعمره، ولا نفسد فيه.. الأرض. مناخ يتغير.. احتباس حراري.. انقراض المئات من الفصائل الحيوانية.. هواء ملوث.. أزمة في المياه الصالحة للشراب.. وما هذه الأعراض إلا البداية.. بداية النهاية. الأرض تحتضر والإنسان يتلذذ بآلامها منشغلا بإرضاء كبريائه ورغباته الدنيوية التي لا نهاية لها.. نرغب في بيوت مرفهة وسيارات فاخرة وثلاجات متخمة، وتكييف في كل غرفة وكمبيوتر وسفر.. والأرض تدفع الفاتورة من طاقاتها الطبيعية اللامتجددة.. تعلمنا الكسل والأنانية وقصر النظر.. نظن أن كتل الثلج التي تسيح في القطب الشمالي لن تؤثر فينا، وعلي الأجيال القادمة. الأرض بيتنا الذي سيقع علينا إن تمادينا في طمعنا ونحن مازلنا نتشاجر علي الغرف! مازلنا نرمي بقمامتنا من الشبابيك ونغض البصر عن شوارعنا القذرة وهوائنا الملوث وأكياس البلاستيك الطائرة التي سوف تخنق أحفاد أحفاد أحفادنا. الحمد لله، بعد عشر سنوات من العمي المؤقت، سوف تنتهي سنوات الجهل والغباء بمشاهد تحث علي الأمل.. رئيس أسود «وذكي» في البيت الأبيض.. عودة صوت العقل إلي الاقتصاد، وأخيرا مؤتمر «Copenhagen » حول تغييرات المناخ، الذي يدقّ جرس الإنذار ويطرح ضرورة العودة إلي قيم التعاون والتضامن والمشاركة والحوار، لأن الأنانية والطمع والفردية المتوحشة جعلتنا بني آدمين أسوأ، وأبعدتنا عن بعضنا البعض. الألفية الثالثة ستكون «ثورة خضراء» أو لا تكون! ثوره الطبيعة ضد الاصطناع.. ثورة الاعتدال ضد التطرف.. ثورة القناعة ضد الجشع.. ثورة العلم ضد الجهل.. اللون الأخضر يرمز إلي الطبيعة وكنوزها وخيراتها التي أنعم الله علينا بها.. يرمز إلي الصفاء والهدوء والرصانة.. يرمز إلي الأرض التي يزرعها الفلاح ويعشقها.. يرمز إلي الحدائق التي تأوينا أيام الأعياد.. يرمز إلي العالم الذي أحلم به لأطفالي.. عالم أحلي.. أطيب.. أنظف، وأشرف.. عندنا شغل كثير.. طريقنا أخضر!