مسيرة طويلة تخطت الأربعين عاما، حملت ملامح شخصياته التى تابعها الجمهور سواء مسرحيا أو سينمائيا وفى عدد كبير من المسلسلات. ملامح سمراء تحمل الجدية أحيانا، والصرامة فى أحيان أخرى، والطيبة فى معظم الأحيان، معبرا عن ملح الأرض حاله حال شريحة ضخمة من المصريين عبر عنهم من خلال ما قدمه من شخصيات، بالتأكيد ستتذكره من خلال عمله الطويل مع محمد صبحى وملازمته فى كثير من أعماله على المسرح والتليفزيون. بالتأكيد لن تنسى شخصية «ثروت» فى مسلسل «ونيس» بأجزائه السبعة، الثرى صديق ونيس الذى يملك 3 نسخ من كل ما يحيط به كوسيلة للتفاخر بثروته، مسببا عديدا من المشكلات لونيس، خلقا عشرات من المشاهد الكوميدية بسبب عاداته وطريقته الغريبة فى التعامل مع من حوله. لم يكن شعبان حسين (وافته المنية أول من أمس الأربعاء عن عمر يناهز 72 عاما) مثله مثل عديدين يظهرون فى عدة مشاهد وتنسى وجودهم بعد انتهاء مشاهدهم، على العكس كان يسعى دائما أن يكون أداؤه حاملا أبعاد الشخصية التى يؤديها، مستغلا كل أدواته كممثل لتظهر الشخصية بأكبر قدر من الواقعية معبرة عن كثير من النماذج التى نقابلها يوميا، متحدثا بصوتهم ناقلا مشكلاتهم وحياتهم كلها لغيرهم، تاركا طابعه الخاص الذى يجعل المشاهد يتذكر الممثل الذى أدى الشخصية، مؤثرا بأدائه على من يتابعون العمل، ليقف بجوار أبطال العمل مهما بلغت مساحة دوره تحديدا لو كانت لا تتعدى عدة مشاهد، هو «بولس» كاتب وكاتم سر شيخ العرب همام فى المسلسل الذى عُرض منذ عامين، الشخصية التى تخطت مجرد الوظيفة وانتقلت إلى علاقة إنسانية مع ملك الصعيد، الذى مثل كثيرا من العائلات المسيحية الموجودة فى صعيد مصر بشكل غير مبالغ فيه، يعرف جيدا متطلبات الدور الذى يترجمه على الشاشة مختزلا كل قيم الأمانة والإخلاص لكبيره ببساطة ودون أى تكلف، حيث أخلص له ودافع عنه فى الوقت الذى خانه فيه أقرباؤه ومن تربطهم به صلات دم. أداء شعبان فى كثير من الأعمال تميز ببساطته، ويرجع ذلك إلى دراسته وخبرته المسرحية الكبيرة قبل عمله فى الدراما التليفزيونية، فهو خريج كلية الزراعة ومثله مثل عديد من أبناء جيله ذهب بدراسته لمرحلة أخرى بعد انتهائه من دراسته الجامعية، تمثلت فى معهد الفنون المسرحية ليحصل على درجة البكالوريوس من هناك، ذهب بعدها ليصبح أحد أبناء مسرح الدولة فى ستينيات القرن الماضى فى الفترة التى كانت تعد واحدة من أقوى فترات المسرح المصرى، معاصرا عديدا من الفترات التى مرت على مصر فنيا، سواء فى المسرح أو التليفزيون أو السينما، صعد معها وغاب أيضا فى فترات مع غيابها. انتشار شعبان حسين وظهوره الأكبر كان من خلال عمله مع محمد صبحى مشاركا إياه البطولة فى عدد من المسلسلات والأفلام، حيث يعد قاسما مشتركا فى هذه الأعمال وعنصرا أساسيا فيها بداية من مسلسل «سنبل بعد المليون»، ومسرحية «تخاريف»، وفيلم «العميل رقم 13»، مرورا بعديد من الأعمال منها «ماما أمريكا» و«سكة السلامة» و«لعبة الست»، لكن هذا لم يمنعه من المشاركة فى عديد من الأعمال الأخرى نذكر منها فيلم «جواز بقرار جمهورى»، ومسلسل «الملك فاروق»، وفيلم «ناصر 56»، نهاية بمسلسل «شربات لوز» العام الماضى آخر ما عرض له من أعمال، ليبقى فقط شخص هذا الرجل الذى عبرت ملامحه وشخصيته عن كل اختياراته من أدوار خلال حياته، وهو ميراثه الذى يشاركه فيه عدد لا بأس به ممن عبرت عنهم اختياراته، ليشاركوا رثاءه مع من عملوا معه.