حكماء المسلمين: ضرورة سنّ تشريعات ملزمة للحد من خطابات الكراهية والتعصب والتمييز    انعقاد اللجنة الدائمة للعلاقات المصرية الأفريقية    الأربعاء السعيد، البورصة تربح مليار جنيه بختام تعاملات اليوم    ضربات محسوبة أم حظ سعيد.. لماذا لم تتحول الغارات على إيران إلى «تشيرنوبل ثانية»    هل تفاوض الزمالك مع بيرسي تاو.. مصدر يوضح    إحالة مدرس بالإسكندرية لمحكمة الجنايات بتهمة التعدى على طالبات    للمرة الثانية.. الإعدام شنقاً لربة منزل لقتلها أماً ونجلها حرقاً بقليوب    حميد الشاعري ونجوم التسعينات في حفل افتتاح المسرح الروماني بمارينا    مينا مسعود: أحمد السقا أكبر نجم أكشن مش توم كروز    الأعلى للإعلام: استدعاء الممثليين القانونين لعدد من القنوات الفضائية بسبب مخالفة الضوابط والمعايير    ب290 دينار شهريا.. بدء اختبارات المتقدمين للعمل بمهنة «تربية الدواجن» في الأردن (تفاصيل)    الرقابة المالية تحدد الشروط والمعايير المطلوب توافرها بأعضاء مجالس إدارة شركات التأمين أو إعادة التأمين والإدارات التنفيذية لها    بالأسماء.. موعد الاختبارات التحريرية المركزية للمسابقة العالمية ال 32 لحفظ القرآن الكريم    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    «بينهم سيدة».. تأييد السجن 3 سنوات لمتهمين بحيازة المخدرات في بني مزار بالمنيا    إصابة طالب ثانوي عامة صدمه قطار في قنا    محافظ المنيا يطمئن على توافر المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية.. ويؤكد الرقابة على الأسواق مستمرة    فليك يجتمع مع شتيجن لحسم مصيره مع برشلونة    أمازون تستعد لإنتاج مسلسل يتناول حياة سيدنا يوسف في مصر    قصور الثقافة تواصل برنامج مصر جميلة لتنمية المواهب بمدينة أبو سمبل    حماة الوطن: الحزب منفتح على التحالف مع الأحزاب الأخرى في الانتخابات    ما حكم الصلاة الجهرية بالقراءات الشاذة؟.. الإفتاء تجيب    خبيرة الطاقة: «الساعة الذهبية قبل مغرب الجمعة» طاقة روحانية سامية    احتراق مقر الموساد إثر ضربة إيرانية.. ما حقيقة الفيديو المتداول؟    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025.. تعليم دمياط تستعد لإعلان النتيجة بعد قليل    ضبط 4 طن لحوم ودجاج مجهول المصدر ومنتهي الصلاحية بالشرقية    السجن 7 سنوات لبلطجي في قنا سرق طفلان تحت تهديد السلاح    تحذير هام من «المالية» بشأن صرف مرتبات العاملين بالدولة لشهر يونيو 2025    حكم ضمان ما تلف فى يد الوكيل من أمانة.. دار الإفتاء تجيب    البرلمان الأوروبي يعتمد الشريحة الثانية من الدعم المالي لمصر بقيمة 4 مليار يورو    محافظ الدقهلية: 1224 مواطنًا استفادوا من القافلة الطبية المجانية    "شرط غير قانوني".. مفاجأة مدوية حول فشل انتقال زيزو ل نيوم السعودي    «أبرزهم بيرسي تاو».. شوبير يؤكد مفاوضات الزمالك مع ثلاثي أهلاوي    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات نادٍ أمريكي مع مهاجم الأهلي وسام أبوعلي    المصرف المتحد ضمن قائمة فوربس لأقوى 50 شركة في مصر خلال 2025    مش بس نور الشريف.. حافظ أمين عاش بمنزل السيدة زينب المنهار بالدور الأرضى    بهاء وهيكل.. ذكريات لها تاريخ!    سفير إيران: إذا ثبت لدينا تورط واشنطن بالحرب فسنبدأ بالرد عليها    تعرف على جدول مباريات مانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى موسم 2025 - 26    رسميًّا.. ضوابط جديدة للمدارس الخاصة والدولية بشأن توزيع الكتب    هيئة الرقابة النووية: مصر آمنة إشعاعيًا.. ولا مؤشرات لأي خطر نووي    "تأجيل مفاجئ لصفقات الزمالك".. الغندور يكشف التفاصيل    حبس معلمة 4 أيام بتهمة محاولة تسريب امتحان ثانوية عامة بالشرقية    طلاب تجارة عين شمس يحصدون منحة "إيفل" الفرنسية للتميز الأكاديمي    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    سفير إيران لدى الأمم المتحدة: سنرد على أى عدوان إسرائيلى دون ضبط للنفس    أسعار النفط تواصل الصعود مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    طقس اليوم الأربعاء.. انخفاض جديد في درجات الحرارة بالقاهرة    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    مقاومة متواصلة ضد الاحتلال .. القسام تدمر ناقلتي جند وسرايا القدس تسقط طائرة مسيرة    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشامي يكتب: مطامع السلطان أردوجان
نشر في الدستور الأصلي يوم 04 - 04 - 2010

لن يكون بمقدور أردوجان أن يشطب سطور وأطروحات الشيخ محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي والسوري رشيد رضا من أن بعث النهضة في هذه المنطقة ينبغي أن يتم بأيدي العرب لا بأيدي الأتراك.
ففي «سرت» امتطي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان صهوة جواده وامتشق سيفه وراح يطرب أسماع الجماهير العربية بما يحبون ويعشقون، فقال: «إن مصير أسطنبول كمصير القدس ومصير تركيا هو مصير العالم العربي» مما زاد من شعبية وجماهيرية الرجل في الشارع العربي.
لكن تلك لم تكن المرة الأولي التي يحظي فيها أردوجان بهكذا شعبية، فقد افتعل حركة مسرحية قبل نحو عام حينما انسحب من ندوة بمؤتمر دافوس شارك فيها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ليحرج بذلك عمرو موسي الذي كان جالسا إلي جواره ولم ينسحب.
وقبل أشهر أنتجت تركيا مسلسلاً تليفزيونياً مؤثراً - سوقته في العالم العربي - عن معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، ثم طالب أردوجان وغيره من المسئولين الأتراك، الإسرائيليين بالاعتذار بعدما أهانوا السفير التركي في تل أبيب خلال احتجاجهم علي المسلسل.
غير أن هذا الشو الإعلامي الهائل للأتراك لم يتحول أبدا إلي أفعال ذات تأثير أو قيمة، فالعلاقات التركية- الإسرائيلية متينة وقوية، والمناورات العسكرية تسير بين الجيشين دون اهتمام بما يجري في الأراضي التي يحكي عنها المسلسل التركي، والتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والصناعي ينمو ويزدهر دون أي منغصات.
ورغم كل ذلك، لا يتوقف المثقفون العرب عن كيل المديح والتصفيق الحار للحركات المسرحية التركية وتصريحات مسئوليهم الثورية العنترية خلال مقارناتهم بتصريحات المسئولين العرب والمصريين منهم علي وجه الخصوص.
غالط أردوجان نفسه حين قال أمام القادة العرب: «لقد دوَّنا التاريخ الغني لهذه المنطقة، ويجب ألا نشك في أننا سنكتب المستقبل معا»، وذلك أن تاريخ المنطقة يشهد بأن حكم العثمانيين الأتراك هو السبب الرئيسي وراء التدهور الذي لحق بالعالمين العربي والإسلامي خلال القرون الأخيرة نتيجة سياسة عزل العالم العربي عن النهضة الأوروبية الحديثة واستغلال الأتراك الأراضي والثروات العربية لتكون مصدر قوة لهم في صراعهم مع القوي الأوروبية للسيطرة علي شرق أوروبا وتوسيع حدود إمبراطوريتهم الشاسعة.
الآن يعيد التاريخ نفسه فيسعي أردوجان إلي استخدام ذات الأساليب التي استعملها السلطان عبد الحميد في نهايات عصر الدولة العثمانية حين فقد السلطان حكمه في شرق أوروبا وشمال أفرييا فسعي إلي تحقيق طموح زعامته في الشام والحجاز والعراق مستفيداً من تميزه بالتقوي والصلاح والوقار والاتزان وهي الصفات والملامح نفسها التي يتسم بها أردوجان الآن.
فرئيس الوزراء التركي الذي يتسم فوق هذا بالصلابة والعناد، وجد نفسه خاسراً في معركة انضمام بلاده إلي الاتحاد الأوروبي بعدما أوصدت ألمانيا وفرنسا الباب بالضبة والمفتاح، كما أن علاقات تركيا المتميزة مع الولايات المتحدة في الماضي حين كانت أنقرة أحد أهم الحلفاء الاستراتيجيين بحكم موقعها الملاصق للاتحاد السوفيتي وبحكم عضويتها النشطة في حلف شمال الأطلنطي، فقدت كثيرا من بريقها بل وصلت إلي حد سحب السفير التركي من واشنطن احتجاجا علي قانون إدانة تركيا في مذابح الأرمن خلال الحرب العالمية الأولي المطروح أمام الكونجرس الأمريكي، وهكذا سار أردوجان علي نهج السلطان عبد الحميد بنشر نظريات التعاون بين جميع الدول الإسلامية، فتكثفت الزيارات المتبادلة وتزايدت الخطب السياسية المنمقة في ساحات الجامعة العربية والقمم العربية والإسلامية وأسقطت تركيا تأشيرات الدخول مع عدد من الدول العربية، وشرعت في تعضيد التعاون مع المثقفين العرب لخطب ودهم فضلا عن محاولة إغراق السوق الإعلامية العربية بالأفلام والمسلسلات التركية الرخيصة الثمن، ناهيك عن إطلاق فضائية تركية باللغة العربية لإكمال الهدف المنشود.
من حق تركيا توطيد علاقاتها مع العرب إعلاميا وثقافيا شأنها شأن أي قوة إقليمية أو دولية أخري في عالم سمته الأولي هي العولمة في كل المجالات، لكن المتاجرة بمعاناة الفلسطينيين كمدخل رئيسي لا تنطلي علي عقولنا، كما أن تزييف التاريخ لصالح تحقيق أغراض سياسية واقتصادية لا يليق بدولة إقليمية في مكانة تركيا، يعرف الجميع أطماعها التوسعية منذ أيام الدولة الرومانية الشرقية مرورا بالدولة البيزنطية وانتهاء بالإمبراطورية العثمانية.
ولن يكون بمقدور أردوجان أن يشطب سطور وأطروحات الشيخ محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي والسوري رشيد رضا من أن بعث النهضة في هذه المنطقة ينبغي أن يتم بأيدي العرب لا بأيدي الأتراك.
بوسع أردوجان والأتراك جميعاً توسيع نشاطهم الاقتصادي والتجاري، لكن محاولاتهم تحقيق نفوذ سياسي علي حساب دول أخري كمصر والسعودية وحتي العراق وسوريا لن يكتب لها النجاح في ظل السياسات المزدوجة الأوجه للحكومة التركية ومعارضة كل القوي الأخري تقريبا لهذه التوجهات.
الأفضل لتركيا أن تمارس نفوذها السياسي علي الشعوب المتحدثة باللغة التركية في جمهوريات أواسط آسيا التي نبع منها الأتراك أصلا اقتداء بأفكار الكاتب والأديب ضياء جوكالب مفجر الحركة الطورانية الشاملة، مع إضفاء الطابع الإسلامي عليها إذا أراد الأتراك ذلك، أما العرب فاتركوهم وشأنهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.