"لماذا فرنسيس؟" سؤال راود اذهان كثيرين بعيد انتخاب الارجنتيني خورخي برغوليو بابا جديدا للكنيسة واختياره هذا الاسم تيمنا بالدرجة الاولى بالقديس فرنسيس الاسيزي المعروف بقربه من الفقراء. وقال الخبير في الشؤون الفاتيكانية برونو بارتولوني "اعتقد ان السبب الاساسي لاختيار هذا الاسم هو فرنسيس الاسيزي، من هذا المنطلق ان (البابا الارجنتيني) مرتبط بالفقراء والوضعاء".
واشار اسقف نيويورك تيموثي دولان الى ان برغوليو اوضح بنفسه سبب اختيار اسم فرنسيس ليحمله خلال توليه سدة البابوية لافتا الى ان "البابا قال انه اختار اسمه تكريما لفرنسيس الاسيزي (... ) نعلم جميعا ان قديس اسيزي اهتم بالفقراء والوضعاء. سيكون هذا عمله".
كذلك اكد الاب غيليرمو ماركو اقرب مساعدي البابا الجديد في ابرشية بوينوس ايرس ان برغوليو "اختار هذا الاسم من اجل (محاربة) الفقر، لطالما كان من كبار المعجبين بفرنسيس الاسيزي".
وللدلالة على تواضع البابا الجديد، اشار ماركو الى ان برغوليو "يتنقل بالمترو، يحب التنقل مع الناس، قلما استخدم سيارة مع سائق". واضاف "بعد تعيينه كاردينالا، استمر في عيش حياة كاهن بسيط . هذا الرجل صاحب مسيرة لا تشوبها شائبة".
وبالرغم من مسيرته اللامعة، بقي هذا الرجل البالغ 76 عاما "متواضعا جدا" و"يمارس مهامه بتكتم"، وفق الاب ماركو. ومن هذا المنطلق رفض الاقامة في الدار الفخمة لاسقفية بوينوس ايرس.
وهذا التواضع في الحياة يتماشى تماما مع سيرة فرنسيس الاسيزي (1182-1226)، هذا القديس المولود لعائلة ثرية من تجار منطقة اومبريا في وسط ايطاليا والذي قرر بين ليلة وضحاها التخلي عن امواله وعيش حياة زهد وفقر مكرسا وقته للتبشير ومحصلا قوت عيشه بالعمل اليدوي او الصدقة.
ولدى ولادة فرنسيس الاسيزي، اختارت والدته الفرنسية اسم جوفاني (يوحنا) لتطلقه عليه عند المعمودية. لكن اثر عودته من فرنسا حيث حقق ارباحا مالية كبيرة، وتكريما لهذا البلد، اختار والده اسم فرنسيس الذي رافقه طوال حياته وعرف به عالميا.
ولا شك بان هذه السيرة اعتبرها الارجنتيني خورخي برغوليو الامثل لتجسيد الخط الذي سينتهجه خلال حبريته، خصوصا ان القديس فرنسيس الاسيزي هو من بين القديسين الكاثوليك الاكثر شعبية والاكثر قبولا لدى اوساط غير الكاثوليك او غير المسيحيين.
واشاد المتحدث باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي، وهو يسوعي ايضا شأنه شأن البابا الجديد، باختيار اسم فرنسيس، "الشاهد الكبير للانجيل". وقال "لم يختر اسم اغناطيوس (تيمنا باغناطيوس دي لويولا مؤسس الرهبنة اليسوعية)، وهو بذلك يريد القول اننا في خدمة الكنيسة".
مع ذلك، ابعد من التيمن الواضح بفرنسيس الاسيزي، بعض المراقبين يؤكدون ان هذا الاسم يمكن فهمه ايضا بالدرجة الثانية كتحية الى القديس فرنسوا كزافييه وهو من مؤسسي الرهبنة اليسوعية مع ايغناطيوس دي لويولا كاحد ابرز مرسليها.
وهذا القديس الاسباني المولود في العام 1506 قرب بامبلونا في منطقة نافارا الاسبانية والذي توفي في العام 1552 في جزيرة سانسيان قبالة سواحل كانتون في الصين، اسس ارساليات ناجحة في الهند والشرق الاقصى ما منحه لقب "رسول الهنود". هذا القديس ايضا يمثل نموذجا يحتذى بالنسبة للبابا الجديد، اول يسوعي يعتلي كرسي بطرس في الفاتيكان.
ويعتبر القديس فرنسوا كزافييه شفيع كل الارساليات الكاثوليكية (بقرار من البابا بيوس الحادي عشر في العام 1927)، كذلك هو شفيع منغوليا والسياحة.
اما فرنسيس الاسيزي، قديس الفقراء فهو ايضا شفيع لاوروبا، وفي العام 1979 اعلنه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني شفيعا لجميع المهتمين بالبيئة.
محاربة الفقر، التبشير بالانجيل، المحافظة على البيئة، السفر ... هذه المهام واكثر من مآثر القديس فرنسيس الاسيزي ستلقى على عاتق البابا الجديد خلال حبريته.
