يترقب المصريون بكثير من القلق والحذر صدور الأحكام، غدا السبت، على بقية المتهمين بقتل 74 من مشجعي النادي الأهلي "ألتراس أهلاوي" فيما عرف إعلاميا بأحداث "إستاد بورسعيد". وفجرت الأحكام على الجزء الأول من المتهمين ال 72 في 26 يناير الماضي أعمال عنف غير مسبوقة في عدة محافظات، على رأسها موقع الأحداث، محافظة بورسعيد الإستراتيجية الواقعة على المدخل الشمالي لقناة السويس بشمال شرق البلاد.
ويزيد من معدل القلق الشعبي التهديدات التي أطلقها "ألتراس أهلاوي" بشن أعمال عنف تستهدف منشآت شرطية ومرافق عامة، إذا صدرت أحكام قضائية مخففة على بقية المتهمين، ومن بينهم 9 من أفراد الشرطة.
وفي المقابل توجد حالة استنفار بين أهالي بقية المتهمين في محافظة بورسعيد؛ تحسبا لصدور أحكام مغلظة عليهم، حيث يرون أن القرارات المغلظة التي أصدرتها المحكمة بحق الجزء الأول من المتهمين في 26 يناير/كانون الثاني كانت "محاباة" ل "ألتراس أهلاوي" لتحاشي غضبه، في حين يتهم الأهالي الشرطة بالمسؤولية عن "أحداث إستاد بورسعيد" التي وقعت في فبراير/شباط 2012.
ونشبت موجة عنف غير مسبوقة في بورسعيد ومحافظات أخرى، أسفرت عن مقتل أكثر من 60 شخصا، إثر الحكم الصادر في 26 يناير/كانون الثاني، بإحالة أوراق 21 من المتهمين، إلى المفتي، وهي خطوة تمهّد في الغالب لإصدار أحكام بإعدامهم.
ويزيد من حدة التوتر في المشهد الإضراب العام الذي أعلنه الآلاف من أفراد الشرطة في 12 محافظة على الأقل، من إجمالي 26 محافظة، احتجاجا على "الزج" بهم في مواجهات مع المحتجين، وعلى حبس عدد منهم على خلفية هذه المواجهات، ومن بينهم ال 9 شرطيين المحبوسين ضمن المتهمين في "أحداث إستاد بورسعيد".
ومهد "ألتراس أهلاوي" لتنفيذ تهديداته بسلسلة وقفات احتجاجية نظموها في المحافظات المصرية هذا الأسبوع، قطعوا خلالها بعض الطرق والكبارى، وحاصروا البنك المركزي ومنزل وزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم، الذي تمت في عهده أحداث بورسعيد، ومديرية أمن محافظة الجيزة، جنوب غرب القاهرة، ورشقها بالشماريخ (الألعاب النارية) وأحرقوا سيارة شرطة.
ورفع "ألتراس أهلاوي" في القاهرة شعار "القصاص منكم أو بدمكم" في رسالة للشرطة.
و قال في بيان لها الخميس: "يوم 9 مارس لو مجاش القصاص منكم، وقتها هتتمنوا تعرفوا تهربوا بس ، ووقتها هتشوفوا اللي مستحيل في يوم تتخيلوه."
على جانب آخر، تشهد بورسعيد، اضطرابًا أمنيًّا حادًا من جديد منذ الأحد الماضي مع اقتراب صدور الأحكام، واشتباكات متقطعة مع الشرطة أسفرت عن أربعة قتلى و مئات المصابين.
و يخشى قطاع كبير من المصريين تفاقم الاشتباكات وتدهور الوضع الأمني بعد صدور الأحكام الجديدة، ويطالبون الشرطة بتعامل حاسم مع المحتجين.
ويقول حسن أبو طالب، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هنالك ثلاث سيناريوهات تشمل: إصدار حكم يرضي "ألتراس أهلاوي"، أو تأجيل الحكم، أو أن يأتي الحكم غير مرضي لهم.
وتوقع أن كل هذه السيناريوهات "ستؤدي إلى تأزم الموقف و زيادة الاحتقان".
و يضيف أبو طالب: "إننا امام حالة بها نوع من العصف بالقضاء و بفكرة القانون و الحقوق، وتلك الواقعة سيكون له تأثير سلبي على الناس عندما ترى أنه يمكن التأثير على الحكم القضائي باستخدام وسائل الضغط".
و أوضح أن الأحداث تكشف عن حالة من عدم الاستقرار السياسي وضعف الحكومة و ضياع هيبة الدولة.
وكانت وزارة الداخلية أعلنت نيتها نقل المتهمين من سجن بورسعيد الذي شهد محيطه اشتباكات عنيفة بعد الحكم الأول لمحاولة إخراج المتهمين منه، كما وعدت أهالي بورسعيد بإعادة المتهمين إلى المدينة بعد الجلسة في إطار محاولات التهدئة.
كما قالت في بيان لها، أمس الخميس، إن القوات موجودة أمام المنشآت لحمايتها، وتعمل على درء "الاعتداءات" التي تقع من بعض الأشخاص، وتلتزم بأقصى درجات ضبط النفس حرصاً على سلامة الكافة.
و أضافت الوزارة في بيانها أن الأحكام القضائية "حدد القانون طرقاً للطعن عليها ولا يجب أن تكون سبباً في أحداث عنف تروع الآمنين وتعطل المرافق".
وتوقع المحلل العسكري والعميد السابق في الجيش المصري، صفوت الزيات، في تصريحات سابقة له أن يتولى الجيش المسئولية الأمنية في بورسعيد في حالة تفاقم الأوضاع.