من الخطايا التي تعودنا عليها متابعة الاعتصامات ثم التلهي بموضوعات أخري بعد فض الاعتصام أو المظاهرة وهو ما حدث مع اعتصام عمال طنطا للكتان، لذلك نعيد الكتابة عن هذا الاعتصام الذي كان من المفترض أن تدرس الحكومة أسباب ما حدث وتحدد الأخطاء لتعمل علي تصحيحها وليس مجرد إنهاء الاعتصام وترحيل العمال إلي طنطا وترضيتهم ببعض مستحقاتهم، التي ستدفعها الحكومة وليس المستثمر الذي اشتري المصنع، فمن الأمور الغريبة التي يصعب السكوت عنها هذه الطريقة العقيمة التي تعالج بها الحكومة هذه الاعتصامات فهي تتجاهل المطالب التي يتقدم بها العمال فإذا كان العمال من الشجاعة بحيث يُصعدون احتجاجهم وتتابعهم وسائل الإعلام فحينها تتحرك الحكومة وتحاول لملمة الموضوع والضغط علي العمال ليقبلوا بقليلهم لفض الاعتصام دون محاولة جادة لدراسة ما حدث وتصحيح الأخطاء، كذلك من الأمور الغريبة التي يصعب السكوت عنها ما يلي: 1 - ما معني أن تقوم الحكومة واتحاد العمال بصرف مرتبات العمال وأيضًا دفع جزء كبير من قيمة المعاش المبكر للعمال والذي يرفض صاحب المصنع دفعه، أليست الحكومة قد قامت ببيع هذه الشركة فلماذا تنوب عن صاحب المصنع في تسديد التزاماته وهل صحيح أنها ستتحمل 30 مليون جنيه لذلك ومن أين ستدفع تلك الأموال وكيف وهي قد باعت الشركة بكل ما فيها؟. 2 - من الأمور الغريبة أيضًا أن صاحب الشركة لم يحضر طوال أشهر الإضراب ثم الاعتصام ولم يستجب لاتصالات الحكومة للتفاوض معه والتبرير الذي قالته وزيرة القوي العاملة أن له العديد من الأعمال في دول مختلفة فهل يمكن تفسير ذلك إلا بالاستهانة بمن أرسل إليه والإصرار علي ما يريد وهو بالفعل قد نفذ كل ما يريده فيها قد تمت تصفية الشركة عمليا وخروج عمالها. 3 - لماذا السكوت عن تصفية الشركة وأين ما قالته الحكومة في تبرير الخصخصة إنها ستزيد الإنتاج وتشغل المزيد من العمال ولماذا لم يخرج مسئول ليرد علي ما قاله العمال بأنه بقد باع الجرارات وألقي بمستلزمات الإنتاج في النيل وهو ما يوضح نيته في تصفية الشركة وليس مجرد طرد غالبية العمال؟. 4 - ما يزيد الأسي والغضب أن ما يحدث ليس مجرد تصفية شركة بل تصفية صناعة فهذا المصنع هو الوحيد في مجاله وبالتالي فالسماح بتصفيته هو الموافقة علي تصفية هذا النشاط مع ما يرتبط به من زراعة للكتان فهل هذا ما تريده الحكومة التي تصدعنا ببياناتها عن زيادة حجم الصناعة وتشغيل العمال. 5 - متي تتوقف الحكومة عن إطلاق التصريحات التي تعتقد أنها تضحك بها علي الشعب ومن عينة تلك التصريحات ما قالته وزيرة القوي العاملة من أنها ستجبر المستثمر السعودي علي تنفيذ أحكام القضاء بإعادة العمال المفصولين بينما الحقيقة أن هؤلاء العمال هم أول من أجبروا علي الخروج علي المعاش المبكر، وكذلك تصريح الوزيرة أنها ستجد وظائف للعمال المطرودين هل يصدق أحد ذلك؟ 6 - من الواضح أن مشتري الشركة يريد بيع الأرض وهي أكثر من 70 فدانًا وتقدر قيمتها بالمليارات خاصة في ظل ندرة أراضي البناء في طنطا، ولا يمكن أن نصدق بعض التصريحات الحكومية بأن المستثمر لا يمكنه التصرف في الأرض وإنها مخصصة فقط للمصنع وأنه إذا تغير النشاط تعاد الأرض إلي الحكومة، فلقد تعلمنا من تجارب سابقة أن هذه التصريحات تطلق لتخدير الشعب وعندما ينصرف الإعلام عن المتابعة يتم بيع الأرض بهدوء وترضية العمال (بعظمة) بينما يجني الكبار المليارات، حدث هذا في شركة القاهرة للزيوت التي تظاهر بها العمال لرغبة المشتري للمصنع في غلقه وبيع أرضه بالقناطر الخيرية فخرجت التصريحات عن استحالة ذلك ثم وفي هدوء باع المستثمر الأرض التي أراد بيعها بعد ترضية العمال، وفي الأيام القليلة الماضية أعلنت الشركة العربية لحليج الأقطان بالصحف عن شروعها في بيع المرحلة الأولي من المخطط العمراني لأرض الشركة بمدينة زفتي بإجمالي مساحة قدرها 17 ألف متر مربع تمثل حوالي 28% من مساحة المخطط العمراني لمدينة زفتي كمرحلة أولي، فمن يصدق أن الأرض لن تباع. لمصلحة من تفكيك الصناعات المصرية الأساسية ولماذا السكوت عن ذلك من المهتمين بالشأن العام، أليس التصدي لذلك له من الأهمية مثل المطالبة بتعديل الدستور فماذا سينفع تعديل الدستور إذا كان الوطن قد تم تصفيته؟