المتفائلون والحالمون بعد تنحى مبارك كانوا يظنون أن يوم 11 فبراير 2011 سيكون عيدًا واحتفالا سنويا بانتصار الثورة المصرية، لكنه أصبح مجرد إشارة تاريخية فقط لإسقاط رأس النظام وتنحيه عن حكم مصر، وليس يوما للاحتفال، لأن الثورة لم تنتصر ولم تحقق أهدافها ولأن دماء الثوار ما زالت تروى أرض مصر، وما زال شعبها يعانى فقرا وقهرا وانتهاكا لكرامته الإنسانية. وهكذا وتحت شعارات ومطالب إسقاط النظام والقصاص للشهداء والعدالة الاجتماعية تشارك جميع القوى السياسية الثورية اليوم فى تمام الخامسة مساء بمسيرتين الأولى من أمام مسجد الفتح برمسيس، والثانية من أمام مسجد السيدة زينب، وتتجهان إلى ميدان التحرير. ودعت القوى الثورية إلى الحشد فى هاتين المسيرتين كما دعت فى بيان لها إلى توحيد جهود القوى الثورية التى لم تقايض على الثورة ولم تتخل عن مطالبها، مضيفة أن مصر مرت بحكم مباركى ثم حكم عسكرى ثم حكم إخوانى والقمع هو ذاته.. والفقر هو ذاته.. ومحاولات إجهاض الثورة هى ذاتها، وفى كل المراحل لم يتخل أى حكم منهم عن دعم من يسمون بفلول مبارك من أصحاب المال والسلطة والعلاقات، ولم يستغن عنهم حكم المجلس العسكرى لأنه جزء منهم، ولم يتخل عنهم الإخوان المسلمون لأن مصالحهم مشتركة فلم يكن الخلاف أبدا خلافا بين قوى دينية وأخرى علمانية فقط وهو ما عبر عنه حسن مالك بوضوح حين قال «رأس المال لا يعرف الأيديولوجيا» وهو المبدأ الذى يتجسد الآن بأوضح أشكاله فى عمليات المصالحة التى تتم على قدم وساق مع رموز النظام الذى يفترض أن الثورة خلعته حتى إنه لم يبق إلا أن يخرج مبارك من سجنه.
وتابعت القوى خلال البيان فى كل تلك المراحل ظلت هناك قوى ومجموعات ثورية ترفض الاعتراف بانتهاء الثورة وبداية الاستقرار، مجموعات وقوى قدمت أغلى شبابها وقودا للثورة ولم ولن ترضى سوى باستكمال تلك الثورة التى استشهد من أجلها الآلاف إنها تلك القوى والمجموعات التى كانت جادة فى ما تقصده حين هتفت فى التحرير بأن «الشعب يريد إسقاط النظام» لم تكن تقصد تغيير الوجوه الفاسدة بوجوه أقل فسادا، ولم تكن تقصد مزيدا من النزاهة فى الانتخابات ولا دستورا تكتبه قلة لا تعبر سوى عن نفسها ولا سياسة اقتصادية تزيد فقر الفقراء وثراء الأغنياء، بل كانت مخلصة لما تهتف به من إسقاط النظام برموزه وسياساته وقمعه وانحيازاته».
وتحت شعار «لا للتعذيب» وسط لافتات تحمل نفس الجملة وصور الشهيد محمد الجندى نظم عدد من النشطاء السياسيين وخصوصا أصدقاء الشهيد أمس وقفة احتجاجية صامتة على كوبرى قصر النيل احتجاجا على تعذيب المواطنين على أيدى ضباط وعساكر وزارة الداخلية، وتنديدا بقتلهم للشهيد محمد الجندى بسبب التعذيب بمعسكر الجبل الأخضر وكان أصدقاء الشهيد قد دعو إلى وقفة مساء الأحد على كوبرى قصر النيل لتأبين صديقهم لتأكيد استمرار الثورة ورمز ومقاومة التعذيب.
ورفع المتظاهرون الأعلام المصرية ولافتات تندد بالتعذيب بجانب صور الشهيد وشارك فى الوقفة القيادى العمالى كمال أبو عيطة والنائب البرلمانى السابق الدكتور جمال زهران وقام المشاركين برفع لافتات مكتوبًا عليها «أنا مش بلطجى، ولا للتعذيب، ومش عاوزين داخلية بلطجية، وهيقول مات الجندى قلوا لا ده عاش فى الجنة، ونطالب بالقصاص للشهداء».