تعرض قصر «قازدوغلي» أو «كازليدوجي» الأثري الكائن بميدان «سيمون بوليفار» على بعد خطوات من ميدان بالتحرير بالقاهرة، لأعمال حرق وسرقة، وذلك للمرة الثانية خلال أسابيع قليلة، بعد أن أصبح محيطه مجالا للشد والجذب والمناوشات بين المتظاهرين وقوات الأمن خلال الأسابيع القليلة الماضية. وتعرضت بعض أجزاء من القصر للحرق قبل يومين نتيجة سقوط قنابل المولوتوف بداخله، لتأتي النيران على كثير من ديكوراته من زخارف ورسومات والتهام أثاثه، بعد أن كان القصر قد تعرض لنهب مقتنياته من جانب اللصوص الشهر الماضي.
ويمثل القصر قيمة فنية وأثرية كبيرة، ويعود تشييده إلى عام 1900 ميلادية، عندما كلف المليونير اليوناني إيمانويل قازدوغلي المهندس الفرنسي ماتاسك بتنفيذ عملية البناء والديكورات وفقا للفن البيزنطي، حيث كان متذوقا له وشغوفا به، ليخرج القصر بعدها كأحد أفخم القصور بحي جاردن سيتي بوسط القاهرة.
وتبلغ مساحة القصر نحو 2000 متر مربع، ويتكون من طابقين بالإضافة إلى قبو يؤدي إلى المدخل الذي يضم مجموعة من السلالم الرخامية، واشتهر عن القصر ضمه مفروشات فخمة، وأثاثا داخليا من دواليب وكونسولات ومدافئ مصنوعة من الرخام، ومرايات بلجيكية، إلى جانب ديكورات داخلية لا مثيل لها في مصر، حيث تزين بأعمال زخرفة من النحاس وتجاليد من خشب البندق مطعمة بالصدف وسن الفيل، وأعمدة خشب مطرزة بأشكال طيور ونباتات، وإطارات من الجص الملتف حول الأبواب والنوافذ، وعدد من اللوحات الزيتية التي تزين الحوائط.
يذكر أن القصر تم بيعه من جانب ورثة قازدوغلي لأحد المصريين، ثم سكنه لعدة سنوات قنصل بريطانيا في مصر، حتى أصبح بعد ذلك مقرا للسفارة الأميركية ومكانا لإقامة السفير الأميركي في مصر حتى عام 1947، بعدها استغل القصر من قبل وزارة التربية والتعليم المصرية كمقر لمدرسة قصر الدوبارة الثانوية ثم شغلتها مدرسة «علي عبد اللطيف» الإعدادية للبنات، التي عرف القصر باسمها بعد ثورة 1952 مع تواري اسم «قازدوغلي» أو «كازليدوجي».
وأغلق القصر قبل 3 سنوات للخضوع لعملية ترميم وتجديد، لكن لصوصا ملثمين سرقوا مقتنيات من القصر خلال الشهر الماضي بعد فكها ونزعها، حيث تعرض القصر للاعتداء من قبل بعض البلطجية الذين قاموا بحرق أجزاء منه، وتكسير بعض الزجاج الموجود بنوافذ واجهات القصر، وإتلاف السور الحديدي المحيط به وسرقة أجزاء منه.
كانت وزارة الآثار قد صرحت قبل أسابيع عقب عمليات السرقة بأن قصر قازدوغلي الأثري مسجل لديها في عداد الآثار الإسلامية والقبطية، وهو ملكية خاصة حاليا لأحد رجال الأعمال، وأن «مقتنياته ليست مسجلة كأثر».
وتابعت الوزارة بأن المدرسة تم إخراجها من القصر منذ عام 2009 بعد أن تم نقل طالباتها لمدارس أخرى بديلة قبل أحداث ثورة 25 يناير«كانون الثاني» تمهيدا لترميمه، إلا أن أحداث الثورة حالت دون ذلك ولم يتم تسليمه إلى الآن للوزارة، ولم يتم نزع ملكيته لصالح المجلس الأعلى للآثار.
وقد أثار تصريح الوزارة بأن مقتنيات القصر ليست مسجلة كأثر انتقادات لدى بعض عاشقي الآثار والتراث والباحثين، في حين شكلت وزارة الآثار لجنة أثرية من مفتشي الآثار الإسلامية والقبطية لمعاينة وضع القصر حاليا تحسبا لترميمه.